في الذكرى الثامنة لرحيل الأستاذ سالم عوض باوزير (1998 -2006م) .. عمل الفقيد في مجالات التربية والتعليم والصحة والرياضة والإعلام وشارك في النضال الوطني

> «الأيام الرياضي» أحمد عوض باوزير:

>
سالم عوض باوزير
سالم عوض باوزير
الميلاد والنشأة .. الفقيد سالم عوض باوزير من مواليد غيل باوزير- حضرموت عام 1933 م، تلقى تعليمه الأساسي بمدرسة باشراحيل الابتدائية بالغيل خلال الاعوام 1940- 1944م وفي العام 45/1946م التحق بالمدرسة الوسطى، حيث أوفد بعدها إلى معهد المعلمين ببخت الرضا بالسودان قبل أن يكمل الصف الثاني عام 1947م مع زميله علوي صالح المفلحي، وكانت تلك آخر دفعة من الأفواج المبعوثة الى بخت الرضا.

وظائف ما بعد التخرج
تخرج الفقيد من السودان عام 1952م وعمل لاشهر قليلة بمكتب التفتيش بالغيل المناط به غربلة المنهج السوداني ووضع منهج بديل عنه يلائم مدارك الطفل الحضرمي للمرحلة الابتدائية، وفي العام 52/1953م عين مدرسا بالمدرسة الوسطى ومسؤلا عن بعض الانشطة اللا صفية الرياضية، وعن جمعية الفنون التشكيلية، وجمعية الموسيقى، والفرقة الكشفية، وكانت له نشاطات في المسرح حيث أخرج مسرحيتي (هاملت) لشكسبير و(أوديب) لتوفيق الحكيم.

انضم إلى نادي الشباب الرياضي بالغيل ولعب مع فريقه وتحمل مسؤوليته في فترة ما، وفي عام 1956م اختير مديرا للمعهد الصحي بالمكلا بعد أن اجتاز المسابقة التنافسية لشغل تلك الوظيفة وعمل فيها حتى تقاعده عام 1990م وقد حصل خلال عمله بالمعهد على ثلاث دورات تأهيلية في مجال التثقيف الصحي والادارة بكل من المعهد العالي للصحة في نيروبي بكينيا عام 1963م، والمعهد العالي للصحة العامة بجامعة الاسكندرية في العام الدراسي 72/1973م وكذلك في مركز تنمية القوى البشرية في الحقل الصحي بالجامعة الاردنية عام 1984م.

نشاطه الرياضي والفني
وبحكم انتقال عمله إلى المكلا انضم إلى نادي كوكب الصباح الرياضي بالمكلا ولعب مع فريقه، وشاركه في رحلته التاريخية الى عدن عام 1958 وأخرج له مسرحية (عطيل) لشكسبير، كما عمل مع زملائه في الغيل في خطوة لتوحيد ناديي الشباب والاتحاد وفي خلق نشاط رياضي من منتخب الناديين وكذلك خلق نشاط مسرحي بإخراجه لمسرحية (صاحبة الجلالة) لتوفيق الحكيم، وقد نفذ هذا النشاط بكل من الغيل والشحر والمكلا وعدن بمبادرة ذاتية دون عون من الدولة.

وفي عام 1965م انتخب في قيادة الجمعية الرياضية بحضرموت، وفي عام 1974م في عضوية اللجنة التنفيذية للمجلس الأعلى للرياضة ..ومن ثم عضوية اللجنة المركزية للمجلس الاعلى للرياضة بعدن.

ومن خلال نشاطه الرياضي والإداري حصل على بعض الدورات الرياضية في ألمانيا الشرقية (سابقا) عام 1983م، والمغرب عام 1985م، إضافة إلى مشاركته مع الوفود الرياضية في زيارات عمل لكل من الاتحاد السوفيتي عام 1979م، وجيبوتي والصومال عام 1989م، وفي هذه الاثناء تولى رئاسة فرع الاتحاد اليمني لكرة القدم بالمحافظة.

كما عين عضوا في الاتحاد اليمني لكرة القدم في أول اتحاد رياضي يشكل بعد قيام الوحدة اليمنية المباركة، وفي عام 1992م تعاقد مع وزارة الشباب والرياضة بصنعاء للعمل بمكتب الوزارة بالمحافظة نائباً للمدير العام.

مشاركته في النضال الوطني
كان الفقيد الاستاذ سالم عوض باوزير من المؤسسين للنادي الثقافي بالمكلا عام 1957م حيث احتل منصب مدير اعمال النادي، وكذا في اتحاد القوى الشعبية عام 1965م، كما كان احد المؤسسين للندوة الموسيقية بالمكلا عام 1965م حيث انتخب نائبا للرئيس.

كما شارك في النضال ضد الاستعمار الانجلوسلاطيني عبر المسيرات والمظاهرات وفي العمل الوطني الجماهيري، وهو احد مؤسسي فرع حزب البعث العربي الاشتراكي بالمحافظة الى جانب زملاء له في الخمسينيات .. كما كانت له مساهمات في صحيفة (الطليعة) الحضرمية بالمكلا التي كان يصدرها شقيقه احمد عوض باوزير في الفترة ما بين عام 1959 - 1967م .

شهاداته التقديرية
حصل الفقيد على العديد من الشهادات التقديرية في مختلف المجالات التي عمل فيها- وسيأتي الحديث عنها لاحقا- وقد أقرت هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (سابقا) منح الفقيد سالم عوض باوزير لقب شرف (الرياضي النموذجي) بعدن بتاريخ 2 اغسطس عام 1988م تقديرا لخدماته في المجال الرياضي وبمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لقيام المجلس الأعلى للرياضة في الجمهورية.. كما صدر قرار رئاسة الجمهورية اليمنية بصنعاء بتاريخ 5 صفر سنة 1419 هـ الموافق 31 مايو عام 1998م الخاص بتعيين مستشارين بوزارة الشباب والرياضة بدرجة (نائب وزير) أحدهم الفقيد سالم عوض باوزير.

المحطة الاخيرة للفقيد
توفي الاستاذ سالم عوض باوزير - رحمه الله- بمنزله في حي اكتوبر بالمكلا يوم الجمعة 25 جمادى الآخرة 1419هـ الموافق 16 اكتوبر 1998م وشيع جثمانه الطاهر الى مثواه الأخير بمقبرة يعقوب بالمكلا عصر يوم السبت 17 اكتوبر في موكب جنائزي مهيب بعد الصلاة عليه بمسجد الروضة عن عمر ناهز الخامسة والستين قضاه في خدمة الرياضة التي عشقها صغيرا ولازمه هذا العشق حتى أواخر حياته، وشهد له بذلك كبار المسؤولين في وزارة الشباب والرياضة، وفي مقدمتهم د. عبدالوهاب راوح، وزير الشباب والرياضة (السابق)، والذي قال عنه في كلمته في اربعينية الفقيد:«إنه شارك في الحياة العامة وفي العمل الوطني منذ وقت مبكر ، وإنه تعامل مع الرياضة بإخلاص نادر وحب غير عادي».. وأضاف الوزير قائلا: «إن فجيعة الفقيد ألمت بنا في الرياضة اليمنية برحيل عبدالله علي الخوباني في عدن وسالم عوض باوزير في المكلا ومحمد عبده زيد في عدن ايضا، ونحن لم نزل منها في دهشة الألم، والراحلون هم شخصيات رياضية واجتماعية جمعتهم عضوية اللجنة الاولمبية وأصبحوا على مر السنين جزءا من معالم الرياضة اليمنية حفروا لأنفسهم ولحياتهم أسلوبا وطريقة أشبه بمجرى النهر يظل يتدفق حتى ينتهي ، وإنهم خدموا العمل الرياضي بجميل خبراتهم وعصارة أفكارهم».

كما تحدث أيضا الأستاذ حسين ضيف الله العواضي، أمين عام اللجنة الاولمبية اليمنية قائلا: «مثل غياب الاستاذ سالم عوض باوزير المفجع خسارة كبيرة للحركة الرياضية في عموم الوطن، وللجنة الاولمبية على وجه الخصوص، وهو من القيادات المتمكنة ونحن نعرف خبرته الطويلة في مجال الرياضة وفي التأليف الرياضي والادارة الرياضية والإعلام الرياضي».. وأضاف قائلا: «لقد كان الفقيد في الحقيقة رجلا متكامل المواهب والقدرات في مجال الرياضة، وكان ايضا مثالا للسلوك الرياضي، وقد استفاد منه الشباب الكثير في محافظة حضرموت وفي بقية المحافظات الاخرى».

وقال الأستاذ حسن الخولاني، مستشار الشباب والرياضة عن الفقيد سالم عوض باوزير: «لقد كان الفقيد من الرياضيين القدامى، ومن المؤسسين للحركة الرياضية في اليمن، وعلاقتي معه علاقة رياضية بحتة، حين نظمنا أول دوري (كأس اليمن الموحد) بين منتخبات المحافظات الجنوبية والمحافظات الشمالية في زمن التشطير، وقد عمل على تطوير الجانب التنظيمي في رياضة حضرموت وأشرف على تشكيل فروع الالعاب، وكان قياديا في كرة القدم، وشارك بفعالية في الندوات الرياضية ويعتبر تكريمه بدرجة (نائب وزير) شرفا كبيرا وهو قليل في حقه».

وقال عنه وكيل محافظة حضرموت الاخ عوض عبدالله حاتم:«الفقيد سالم عوض باوزير واحد من قلائل كنت أُعظمهم وأكبر فيهم التجدد والقدرة الفائقة في الخلق والإبداع وسرعة الحركة والمتابعة التي لا تعرف الكلل والوهن، وإنه ذو روح شابة وصاحب مخزون وعطاء فكري وثقافي ورياضي وتربوي واجتماعي وسياسي لا ينضب.. إنه رجل متعدد المواهب والاهتمامات لا يفخر بما يقدم ولا يغتر بما يفعل».. وأضاف:« لقد خسرناه وفقدناه فجأة، وكانت الخسارة فيه فادحة، وعزاؤنا فيه ما خلفه لنا الفقيد من موروث وسيرة ذاتية مليئة بالبذل والعطاء والتضحية والتفاني ونكران الذات، وهي صفات قل أن تجتمع في واحد منا.. لقد أعطانا الفقيد دروسا حقيقية في كل شيء بالرغم من أننا لم ننصفه بعد ».وفي الجانب الإعلامي والجماهيري تحدث نخبة من رجال الفكر والثقافة الذين تربطهم بالفقيد روابط وثيقة بحكم معايشتهم له عن كثب، ومن خلال اهتماماته المتعددة سواء في المجال الرياضي أو الثقافي أو التربوي أو الحزبي، ومن هؤلاء الصحفي المخضرم عبدالعزيز صالح بن ثعلب الذي زامله في مجالس ادارة الجمعية الرياضية الحضرمية في المكلا في سنوات التألق الكروي لأندية ساحل حضرموت.. وعن ذكرياته مع الفقيد قال الثعالبي:

«كنت قد صحبته عام 1996م الى وادي حضرموت في النزول على الأندية الرياضية للتعرف على قضاياها والاشراف على اجتماعاتها الانتخابية وفي هذه الرحلة عرفته أكثر، وقد شاهدت على وجهه علامات الإحباط والحزن وهي تخيم على حيويته..وحين عرجنا في طريق العودة الى المكلا على منطقة ساه بما حباها الله من مناظر خلابة رأيته قد انفعل بحس الفنان مع ذلك المشهد وهو في مرحلة ابتعاده عن الفن التشكيلي، وفي المرة الاخيرة التي قابلت فيها الصديق سالم عوض باوزير قبل شهر واحد من وفاته كنت أسجل له حديثا عن التحضيرات لمهرجان غيل باوزير الثقافي والرياضي بمناسبة احياء الذكرى العشرينية لرحيل شقيقه المؤرخ سعيد عوض باوزير..وكان الفقيد يرأس لجنته التحضيرية حينها طفت مشاعر الشجن والحزن على السطح وانتابني احساس بأن هذا الحديث لن يتكرر وعلي أن احتفظ به ذكرى للرجل، ولم اكن ادري حينها ان ذلك اليوم سيكون آخر يوم ازور فيه تلك الشخصية الاجتماعية الرياضية».

كما تحدث ايضا عن الفقيد صديق دراسته الاستاذ التربوي عمر محمد بن سهيلان قائلا:

«لقد عرفته صديقا مخلصا لأصدقائه وفيا لهم لا يميل الى الخصومة والجدل وطوال زمالتي معه لا أعرف له خصوما ولا أعداء وحين فارقته تركته طالبا بمدرسة الغيل الوسطى لألتحق بمعهد التربية والتعليم ببخت الرضا بالسودان الشقيق وما هو إلا عام حتى وافانا سالم ملتحقا بهذا المعهد فتجددت الصداقة معه وتوثق الاخاء وقضينا وقتا ممتعا في معهد بخت الرضا على ضفاف النيل الابيض.. وحتى كانت الايام الاخيرة من حياته- رحمه الله- التقيته قبل اسابيع من وفاته، وقبل يومين من عودتي الى المهجر عدته في مستشفى السلامة بحي اكتوبر فدخلت عليه في غرفة الانعاش فوجدته مستلقيا على السرير الابيض فسلمت عليه ،فلما وقعت عيناه علي بادرني بابتسامته وضحكته المعهودتين وبعد تبادل التحية والحديث آذنته بالانصراف وأنا أجرجر رجلي داعيا له بالصحة والعافية.. لقد كان حينها مرح النفس مشرق الوجه قوي الامل، لكنه كان منهك القوى واهن الجسد قد هده الألم وأنهكته نشاطاته وجهوده التي بذلها للمساهمة في المهرجان الثقافي والرياضي الذي كان سيقام في مسقط رأسه بالغيل بمناسبة الذكرى العشرين لرحيل المؤرخ سعيد عوض باوزير. لقد كان الفقيد يريد أن يرى ثمرة جهوده لكن شاء الله غير ذلك ، فهو وإن لم يرها بأم عينيه فقد رآها إخوان وله وزملاء ومواطنون و مسؤولون حكوميون، فقدروها وثمنوها له تثمينا عاليا».

> وفي ختام موضوعنا هذا الذي نقدمه بمناسبة الذكرى الثامنة لرحيل الشخصية الرياضية الاجتماعية الأستاذ سالم عوض باوزير (1933- 1998م) نناشد ونذكر جهات الاختصاص في وزارة الشباب والرياضة في صنعاء وفي فرع الوزارة في المكلا (حضرموت) أن أمنية الفقيد التي كان يحلم بتحقيقها في حياته قبل مماته هي الحصول على الدعم لطباعة كتابه (محطات على الطريق) الذي كتبه بخط يده وقدم فيه خلاصة تجربته الحياتية والابداعية وأرخ فيه للحركة الرياضية اليمنية مدعمة بالارقام والصور التذكارية النادرة ،إلا ان هذا الدعم تأخر كثيرا .. ليس شهورا بل سنين على الرغم من تبني وزير الشباب والرياضة السابق د. عبدالوهاب راوح عندما التقى به الفقيد في مكتبه بالوزارة حيث قال له بالحرف الواحد:

«هذا الكتاب هو اليوم في رعايتنا».. لذلك فإننا نناشد وزير الشباب والرياضة الحالي الأخ عبدالرحمن الاكوع ان يبذل شيئا من اهتمامه لطباعة الكتاب وإخراجه من دائرة النسيان والغفلة.. خاصة وأن الكتاب يعتبر توثيقا للرياضة اليمنية، وفاء لأحد رموز الرياضة في عموم الوطن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى