الثقافة والفكر الإسلامي بين الاتساع والتعصب

> «الأيام» منصور محمد غالب/ إب

> في الوقت الذي ينادى بالحوار بين الأديان والتقارب فيما بينها أو الحوار بين الثقافات أو الحضارات إن صح التعبير، لا يزال في مجتمعنا من ينظر إلى الواقع من خرم إبرة ويتصور نفسه أو جماعته هي وحدها على حق وما سواها باطل، وهات من فتوى وسب وشتم وتكفير بحق كثير من الجماعات الأخرى بل وبحق علماء أجلاء مشهود لهم بالصلاح والاستقامة، وذلك ما عُبّئ فكره به وهو مستعد للعداوة مع الآخرين وإشهار السلاح ويمكن أن يصل الى القتل إذا دعت الحاجة لذلك، وذلك ما حدث في بعض المساجد وعادة ما يكون الخلاف على مسألة فقهية.

أعود فأقول ألا يوجد مفكرون وعلماء أجلاء ومشايخ من ذوي الفكر الواسع يتعاملون مع هؤلاء بمثابة الطبيب المعالج فيقومون بتربيتهم وتوجيههم التوجيه السليم، بدلا من التعبئة الخاطئة وتضييق الفكر، حيث إن الأمة الإسلامية بحاجة إلى التآلف والتأزر والتوحد بدلاً من التعصب المذهبي أو الحزبي أو غيره من المسميات وقد تكون المسألة أبعد من ذلك بكثير لدى بعض الجماعات! فإذا لم تكن هذه الجماعة أو تلك هدفها المحبة بين الناس وبث روح التعاون الحقيقي فهي لا ريب تكون العكس تماما.

بيد أننا ننسى أو نتناسى إن صح التعبير أن أول هدف لقيام الدولة الفتية في المدينة المنورة كان اسمه (المؤاخاة)، وكانت بين المهاجرين والأنصار ليبين لنا ان الأساس المتين للدولة الإسلامية هو المحبة والتعاون فيما بينها {ولا تنازعوا فتفشلوا} وينبغي للمسلم أن يقوم بتوسيع فكره ويكثر من القراءة والاطلاع وخاصة في الأمور التي تشمل المسلمين سواء في كتب الفقه الإسلامي أو التاريخ الإسلامي وغيره من كتب الثقافة الإسلامية ومتابعة أخبار المسلمين أينما كانوا، فالمسلم مسلم أينما كان وحيثما كان لا يتغير بتغير الزمان أو المكان، فإلهنا وديننا واحد ونبينا واحد، ونصرة المسلم واجبة أينما كان، لذا وجب علينا الدعوة إلى توحيد الكلمة ورص الصفوف وتوحيد الجبهة الداخلية. قال تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}.

فالمطلوب الصحوة واليقظة والترفع عن الصغائر وألاّ تكون الاختلافات المذهبية والتباين الحزبي سبباً في القطيعة والجفاء. فكما قلت في بداية كلامي إنه في عصرنا رأينا من وسع فكره ليتحاور مع الديانات الأخرى، وأنا لا أؤيد أو أعارض مثل هذه الدعوات، إنما اردت فقط الاستشهاد بذلك كي يفهم علماؤنا ومفكرونا ذلك لا بد من التضييق على انفسهم وعلى غيرهم، فالعدو لا يفرق بين سني وشيعي ومالكي وحنبلي، فهدفه واحد هو كل مسلم، لذلك أقول ألسنا نحن المسلمين بحاجة الى التحاور والتقارب فيما بيننا؟ألسنا بحاجة الى المحبة الحقيقية التي كانت في الرعيل الأول؟ ألسنا بحاجة الى أصحاب العقول النيرة والفكر العالي لأن يكونوا قدوة لغيرهم في التعامل مع الآخرين؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى