المخرجة التونسية نضال قيقة الرؤية الشبابية الجديدة هي التي يمكن أن تعيد الروح إلى المسرح

> دمشق «الأيام» د.ب.أ:

> بتقنية سينمائية في تقطيع المشاهد وتوزيع الاضاءة والديكور كتبت المخرجة التونسية نضال قيقة مسرحية (ساعة ونصف بعدي أنا) وأخرجتها ومثلت فيها في محاولة معلنة منها لادخال لغة سينمائية إلى الكتابة المسرحية. وكان العرض الاول لها خارج تونس هو مهرجان دمشق المسرحي.

تغيب الممثل الوحيد الذي يشاركها العرض قبل يوم واحد من العرض في دمشق فكان أمامها حلان، أن تلغي العرض وتعتذر أو تتابع العرض بممثل بديل. فكان أن اختارت الحل الاصعب الذي يتناسب كما تقول هي مع معنى اسمها (نضال)، وعملت خلال 12 ساعة على بروفات مكثفة وعلى حلول إخراجية مبدعة تتلافى فيها عدم حفظ الممثل البديل لحواره كاملا، فكان العرض مفاجأة لكل من تلقاه بلا مرجعيات، لدرجة وصفه العديد من النقاد في الندوة التي تلت العرض بالقول (رب ضارة نافعة). لكن بداية ما الزاوية التي تنظر من خلالها نضال قيقة لمهرجان دمشق المسرحي في دورته الثالثة عشرة؟ الامر المهم والمفرح في مهرجان دمشق المسرحي، هو إتاحة الفرصة للشباب ليقدموا ما لديهم مسرحياً والمفرح أيضاً أن المهرجان يقدم المسرح العربي اليوم من خلال الشباب.

فالمسرحيون القدامى وصلوا لحالة ركود بينما الدفعات الجديدة هي التي تجدد في المسرح والرؤية الشبابية الجديدة هي التي يمكن أن تعيد الروح إلى المسرح وتجعل الجمهور يعود إليه، بعد أن باتت الصالات مقفرة ولم يعد هناك جمهور وفيّ للمسرح كما في السبعينات، لذلك تأتي أهمية إعطاء فرصة للشباب ليقدموا رؤيتهم وينتجوا أعمالهم من خلال المهرجان وفي مقابلة لوكالة الانباء الالمانية (د ب أ) مع المخرجة المسرحية التونسية وحول شعار المهرجان "الشباب مستقبل المسرح العربي" فهل تعتقدين أن الرهان على الشباب سيكون رهاناً ناجحاً...؟ ترد نضال بالقول: نعم، هو بالتأكيد رهان رابح... لكن الشباب في المقابل عليه أن يحمل هذه المسؤولية بجدية، فمسرح الشباب عليه أن يكون مسرحاً فكرياً وملتزماً، فالمسرح الذي يضحك دون أن يتناول قضايا جدية يمر مرور الكرام دون أن يترك بصمته في التاريخ، لذلك على الشباب أن يفكر بطريقة جدية في المسرح وكيف يترك بصمته في التاريخ المسرحي. محمد ادريس مدير المسرح الوطني التونسي وبعد أن وصف عرضك (نصف ساعة بعدي أنا) بالتجربة المهمة في المسرح التونسي قال: الاضافة التي نحلم بها للمسرح العربي لا أعتقد أنها ستأتي من جيل القدامى لكنها ستأتي من الجيل الجديد. وأضاف متحدثاً عن جيله؛

نحن لم نتطور إلا بعد أن فرضنا القطيعة مع الجيل السابق! هل توافقين ادريس بضرورة القطيعة مع الجيل السابق؟ أتفق مع هذا الرأي لكن القصد من القطيعة هنا لا أن ننسف كل ما قدمه الجيل القديم لكن الذي يحصل في بعض الاحيان أن يتبع الجيل الشاب مساراً لاستاذ أو فنان من المسرحيين القدماء دون أن يقدم جديداً في الوقت الذي يحتاج فيه أن يستقل بذاته ويحاول أن يموقع نفسه في العالم ويحدد علاقته مع تاريخه الكبير وتاريخه الصغير وذاكرته الفردية وذاكرته الجماعية... عندها عليه أن يفكر بصفة جدية ويخرج أعمالا تعبر عنه وليس عن الجيل الذي سبقه لان المشكلة أن الشباب ظلوا مسجونين في أفكار الجيل القديم فنشاهد مسرحية شابة وكأننا نشاهد مسرحية قديمة لكن بأجسام جديدة! لذلك الحل كما قاله ادريس أن نقطع مع الجيل السابق ويحاول الشباب أن يجد مساره الخاص.

لكن أنا شخصياً ليس لدي مشكلة مع القدامى ومع الجيل المسرحي السابق، لا أحب أن أقتل الاب فالاب موجود وأحب أن أستفيد من تجربته لكن أبقى مستقلة.

مشاركتك في المهرجان تعتبر الاختبار الاول لعرضك خارج تونس، كيف كانت تجربة مواجهة جمهور جديد؟

نعم، هو الخروج الاول وهي المرة الاولى التي يلتقي فيها العرض بجمهور غير تونسي، وبصراحة كنت متخوفة كثيراً من الجمهور السوري خصوصاً حين سمعت قبل العرض بعض الآراء التي تتوجس من مشكلة اللهجة التونسية والتي من الممكن أن تكون حاجزاً بين العرض وبين الجمهور، لكن سررت كثيراً بعد العرض خصوصاً عندما التقيت بالناس وعرفت كيف تلقوا العرض ووجدت أن ما وصلهم هو ذات الخطاب الذي أردت أن أوصله وبالتالي عرفت أن اللهجة ليست أساسية إلى هذه الدرجة بل المهم أن يصل إحساس العرض للجمهور.

أبطال مسرحيتك كان لديهم هاجس البحث عن مكان لهم وسط العالم، هل المسرح لديه هذا الهاجس برأيك؟

نعم الفرد يبحث عن مكان له في العالم الجديد والمسرح يبحث عن مكان له في العالم الجديد لان العالم الجديد هو عالم الصورة المرئية البصرية السريعة والاكثر نجاعة والتي هي التلفزيون والسينما... لذلك حاولت في العرض الذي قدمته أن أدخل تقنيات السينما ما يمكن أن يجدد الكتابة المسرحية سواء في تقطيع المشاهد أو في المونتاج وفي الصوت أو حتى في الاضاءة... ولا أعرف إن كانت طريقة جديدة في الكتابة المسرحية يمكن أن تجعل المسرح يعود ليجد مكانا له في العالم المعاصر مع الصورة السريعة التي هي الصورة المرئية البصرية.

هل هناك خصوصية لازمة المسرح في تونس عنها في البلدان العربية؟

ليس هناك خصوصية عن باقي الدول العربية وربما ليس هناك خصوصية عن باقي دول العالم فبالامس التقيت بمخرجة سويسرية وكانت تتحدث عن أزمة المسرح لديهم وهي ذاتها أزمات التمويل والصالات والجمهور. في تونس كما في باقي الدول العربية لا يستطيع الممثل أن يعيش من المسرح فقط ولان الانتاج المسرحي ليس كثيفاً فهو يجد نفسه مضطراً أن يعمل مع الدراما التلفزيونية وفي أفلام السينما لاجل أن يكسب المال لان النسق أسرع والمردود المادي أكبر بينما في المسرح هو مهدد بالفقر دائماً ليس في العالم العربي فقط إنما أيضاً في أوربا وبالتالي أرى أن المسرح مهدد بالانقراض إن لم نجد طرقا جديدة كي نعيد الجمهور إليه ونجد طرقا جديدة للانتاج المسرحي.

رأى بعض النقاد أن نص المسرحية كتب على خشبة المسرح، هل أنت مع النصوص التي تكتب على الخشبة؟ لا لم يكتب النص على الخشبة فقد كتبته قبل إخراجه بزمن، كتبته وفكرت به ملياً وأخذت وقتي، وحين انتقلت إلى الخشبة من أجل البروفات اشتغلت عليه أيضاً لكن ما أضفته وعملت عليه على الخشبة هو تقطيع المشاهد فقط... لكني وبشكل شخصي ضد النص الذي يكتب على الخشبة، صحيح أنه موجود كنص مسرحي لكني لا أحبه والارتجال جميل لكنه لا يجعل المسرحية تقف وتستقر على أرض ثابتة.

أنت كتبت النص وأخرجته... ماذا يعني أن تكتب امرأة وتخرج للمسرح اليوم؟ في العالم العربي قلة من النساء يخرجن للمسرح لكن هذه القلة بذات الوقت مرتبطة بالفكرة المغلوطة التي تكونها المرأة عن نفسها فهي تتصور أنها أقل قوة من الرجل في تسيير مجموعة كبيرة من تقنيي إضاءة وصوت وممثلين ومراجعة مع إدارة الانتاج والمسرح الذي تعمل به... وهي تتصور أن الرجل أكثر قوة وصلابة لكن الحقيقة أن المرأة قادرة. أنا واجهت صعوبات رغم أنه في تونس لدينا مخرجات نساء، صحيح أنهن لسن كثرا لكنهن موجودات وهم أيضاً لسن من الجيل الشاب فمن الجيل الشاب لا يوجد نساء تخرج مسرحيات وفي الوقت الحاضر أنا وحدي... لقيت صعوبة بالتعامل لكن بعد ذلك وجدت الكثير من التعاطف من الناس الذين عملت معهم.

هي تجربتك الاخراجية الاولى كيف تصفينها؟ وهل هي مشجعة للاستمرار؟

هي تجربتي الاخراجية الاولى لكنها في مجال الكتابة ليست الاولى فأنا معتادة أن أكتب باللغة الفرنسية والعربية لكنها المرة الاولى التي يتم إخراج نص لي... عندي نصوص مسرحية عديدة غير مطبوعة لان لدي موقفا من الطباعة فالنص برأيي يمتلك جانبا شفاهيا مهما جداً فأنا أستاذة في اللسانيات في الجامعة التونسية وبالنسبة لي فالشفاهية الخاصة باللغة مهمة إذ كنت أكتب نصوصا مسرحية وأقرأها قراءة تعبيرية أمام الجمهور وتكون لدي جمهور وباتوا يطلبون مني بشكل دائم أن أكتب نصوصاً وأقرأها وهي حالة تشبه الحكواتي قليلا... لكن من بعدها قلت أن أكتب وأخرج النص وكان هذا العمل الذي ولد لدي رهبة كبيرة من إنتاج عمل آخر لكن الكثيرين شجعوني حتى في سوريا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى