(اسأل عن الحال) باكورة الفنان الذناني

> «الأيام» محمد علي محسن:

> الفنان الشاب عبدالله الذناني نزل له مؤخراً شريط غنائي (اسأل عن الحال) من تسجيلات مؤسسة 13 يونيو للتوزيع والإنتاج بتعز فيما عزف العود للفنان سالم عبدالقوي وكلمات الأغاني والألحان لشعراء وفنانين شباب باستثناء أغنية واحدة (تسلى وافتهن) للشاعر الشعبي المعروف في الساحة الفنية الضالعية خلال حقبة الخمسينات والستينات من القرن الماضي (الشاعر عبدالله صالح البرم).

الشريط الأول للفنان الذناني ينبئ عن ملكة صوتية مازالت مكتنزة ولم يفصح عنها بأعمال فنية مسجلة سوى بشريطه الجديد الذي يبشر بميلاد موهبة غنائية حالت الظروف الاجتماعية والاقتصادية ألا تشدو وتغني بغير المناسبات والأعياد وهاهي تأبى إلا أن تمنحه الفرصة ثانية وبعد سنوات عجاف مضت على ولادة بلبل الضالع الأول عندما صدح بصوته العذب والشجي وهو ما زال طفلاً وفي الصفوف الأولى من التعليم الابتدائي.

لاشك أن هذه الباكورة الإنتاجية تأخرت كثيراً عن موعدها خاصة اذا ما عرفنا أن صاحبها فنان منذ النشأة ونعومة الاظفار ومع كل هذه السنوات التي وقفت بوجه الكروان الجميل كانت المفاجأة ايضاً جميلة وأنا أسمع أو أتابع لأول أعماله الفنية من أحد الاستيريوهات المحشوة في زحام سوق القات وعلى مسافة بضعة أمتار فقط من مظلة ومفرش بائع القات (الفنان عبدالله) الذي لا وظيفة له سوى هذه الشغلة اليومية في القات .

ورغم بساطة ما يدخره ويقتاته من القات المباع أو ظروفه الصعبة العصية على الوصف وكذلك المكان المثير للكآبة والعبوس تجده يوزع ابتسامته على السابلة ودونما كلل أو ضيق، يشدو ويغني لروحه وذاته المتعبة ولضيق المكان الذي يضفي له متسعاً وجمالاً مع كل دندنة أو موال أصيل.

نعم فناننا الذناني مثل فنانين كثر في هذا البلد كانت قسوة الواقع أشد من أن تحتملها موهبته المتفجرة في أعماقه لذلك توارى صوته عن الظهور والإبداع الفني قبل حتى أن يشهد لحظة الميلاد وبما أن الفن عامة بات اليوم صناعة ومهنة تقوم في الأساس على العلم والاحتراف والتسويق والتقنية والإلمام بذائقة الناس فإن الفنان الناشئ لا يكتفي بملكة إبداعية فطر بها بل هنالك أشياء فرضتها ثقافة الصورة المتحركة والعصرنة التقنية والإنتاجية والربحية لأي عمل فني مهما كانت قيمته ونوعيته ولأن الفن في بلادنا لا يكترث لا بالفنان الموهوب ولا بثقافة العصر المرتكزة على التأهيل والترويج والإنتاجية وغيرها لذا اعتبرت مجرد التفكير بتسويق عمل ما وفي مثل هكذا ظروف قاهرة لفنان شاب أشبه بمعجزة.. تصوروا تسجيل كاسيت غنائي وإنزاله للسوق ألا يستحق الاحتفاء والإشادة إذا ما عرفنا حال الفنان وأهل الابداع عامة.

في الختام لا يسعني الا أن أشكر كل من دعم أو ساهم من أجل إطلاق بلبل الغناء من قفصه ومحبسه ليغرد في الملأ ويشدو بأجمل الالحان.

وأنتهزها فرصة للتأكيد على أهمية الاستغلال الأمثل لمثل هذه الخامة المكتنزة في صوتها الكثير وأكثر ما تتطلب الاهتمام والمعرفة وحسن التوظيف لطبقات الصوت أكان بالكلمات أو الألحان المناسبة أو المقامات المتناغمة مع طبيعة الصوت ومع تقديري الكبير لهؤلاء المجهولين وللفنان فإنه من الواجب لفت عنايتهم لطبيعة الألحان والإيقاعات المطلوبة والتي غابت في الشريط الأول باستثناء ثلاث أغنيات منه.

كما أن الألحان الموضوعة يبدو فيها العجلة وانعدام الحرفة فليس بالضرورة أن يكون الفنان ملحناً وشاعراً فهاتان صنعتان تكتسبان بالخبرة والمراس وقبلهما الموهبة والذائقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى