الصحفيون .. وقرابين الرضى

> «الأيام الرياضي» سعيد عمر باشعيب:

> إن أشد ما يحير المرء في هذه الحياة هي مقاييس التعامل بين الناس، فالشخصية المتباينة والمتقلبة والمتحايلة هي من تعيش في هذا العصر .. اما المتوازنة والرزينة فأصبحت ضربا من المثالية الغريبة والمستنكرة بين الاوساط، وعلى ذلك أخذ كل انسان يكيف عاطفته وفكره بحسب ما تقتضيه مصالحه الخاصة وانتماءاته وولاءاته ضارباً بكل القيم الانسانية عرض الحائط.

من هذه المقدمة يمكنني وصف الاعلام الرياضي اليمني الذي لا مجال فيه لإنصاف المجتهد، ولا مكان فيه لتحفيز المخلص، فالمجهود لم يعد سبيلاً للوصول الى التكريم، والعمل الدؤوب لا يمثل أي ضوء للمكافأة ، فالصحفي مطالب شاء أم أبى بتقديم القرابين، وبسط جناح الطاعة لأهل الأمر والنهي اذا أراد الانصاف .. ومن هنا كان لابد عليه من تعلم فن التملق، وإن كان لا يعرفه، وأن يتقن عبارات التزلف ، وإن كان يكرهها، وأن يكون حاذقاً وملماً بكيفية كسب الود ، فالنفاق الاجتماعي غدا ضرورة من ضروريات الحياة وعلى مختلف الاصعدة فأنت مطالب أخي الصحفي من حين لآخر أن تجبر قلمك على كتابة عنوان صاخب تدبج تحته كماً من الكلمات المعسولة ،والمدائح المملوحة، وأوصافا لاتضاهيها أوصاف، مع التنكر لمن يريدون الفتك للذين في يدهم سعادتك، وتفريج كربك،وقد لا يكفي ذلك فأنت مضطر لإجراء حوار ترويجي، مع الاتصال بولي النعمة أولا بأول للاطمئنان على الحال والتهنئة والمباركة ، وقد تضطر للاستعانة في بعض الاحيان بصديق ووسيط، كل ذلك طمعاً في الحصول على سفرية في بعثة ما، تريح بها بالك وتنظر من خلالها إلى العالم من حولك، وتعود بخبرة من الذهول وخيبة من المشاركة الخجولة وبعضاً من النقود الخضراء .. أعزائي أليس في ذلك عناء وغباء وغبن؟!

أكتب ذلك والاعلاميون يتسابقون على كسب الود للظفر بسفرية مع منتخب أو بعثة .. أكتب ذلك والبعض يتواجد في الدوحة، وحقائب البعض الآخر تتجهز للسفرللامارات العربية المتحدة لتغطية فعاليات كأس الخليج العربي الـثامنة عشرة،حيث الصراع محموم للحصول على إحدى تأشيرات الدخول (الفيزا)..أكتب ذلك وحيرتي على من لا يعرف معنى النفاق ومسلك التقرب بالتغافل عن الأخطاء والتماس العذر للمآسي والفضائح ..هؤلاء من يجسدون الوطني المخلص الغيور على بلده ، الذين بينهم وبين أسلوب الاسترزاق بون شاسع فهم لا يعرفون التماس الرضى بالضعف ولا يطلبون الصفح والعفو بالتذلل .. وعزائي لهم أن حرية الرأي متنفس يساوي زيارة أجمل بلدان العالم، وأن ثبات المبدأ أغنى من أي مال يعقبه تنازل ،وأن رضاء النفس مع بساطة الحياة وتواضع العيش أسلم من بيع الضمير والكذب على عواطف القراء من أجل المال والسفر.

وإنني هنا أشد على كبرياء أصحاب الكلمة الصادقة، وأشحذ إباءهم بالصبر ومواصلة النقد البناء ، وكشف الخطأ ، فشرف المرء ورأس ماله صدقه وجرأته وشجاعته.

أما التنازل والتحايل والمراوغة فمصيرها الفشل والسخط من عموم الناس ، ولا أعلم كيف وصل غير هؤلاء الى هذا المستوى من الهبوط.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى