رأينا في ما قاله أمين حزبنا (2 - 2)

> «الأيام» محمد حيدرة مسدوس:

>
محمد حيدرة مسدوس
محمد حيدرة مسدوس
في الحلقة السابقة استعرضنا في المحور الأول ما يقوله برنامج الحزب وفي المحور الثاني ما تقوله قيادة الحزب. وفي هذه الحلقة نستعرض في المحور الثالث ما يقوله الواقع، وهو بالتأكيد رأينا فيما يقوله أمين حزبنا.

ثالثاً ماذا يقول الواقع؟:

الواقع يقول إن ما تقوله قيادة الحزب ليس صحيحاً، ويمكن توضيحه في النقاط العشرين الآتية:

1- أنه ليس صحيحاً بأن السلطة قد عملت المستحيل كي تدفع اللقاء المشترك إلى مقاطعة الانتخابات كما قال الأخ الأمين العام، وانما العكس هو الصحيح. فقد عملت السلطة المستحيل كي تدفعهم إلى المشاركة في الانتخابات وبالذات الحزب الاشتراكي بهدف جره إلى الاعتراف بشرعية الحرب ونتائجها باعتباره كان ممثلاً للجنوب وكان طرفاً في الأزمة والحرب، وكذلك من أجل الحصول على الشرعية للانتخابات، لأن شرعية الانتخابات في بلدان الديمقراطية الناشئة مرهونة دولياً بمشاركة المعارضة فيها. وقد دفعت السلطة ملايين من الريالات للقاء المشترك وللحزب الاشتراكي من أجل ذلك.

2- أنه ليس صحيحاً أيضاً أن الانتخابات هي الحل للتناقضات المذهبية والوطنية في اليمن كما قال الأخ الأمين العام، لأن كبتها ونكرانها وعدم الاعتراف بوجودها يعمقها ويولد الحقد والكراهية بين أطرافها ويؤدي إلى الانفجار بالضرورة. فكلما طال زمن كبتها ازدادت شدة انفجارها كما هو حاصل حالياً في العراق.

فالأمريكان في العراق مثلاً لم يخلقوا الحقد والكراهية بين الشيعة والسنة والأكراد في العراق، وانما فقط أزالوا غطاء كبت هذه التناقضات فانفجرت، وهي حتماً ستنفجر سواء بالأمريكان أو بغيرهم مهما طال الزمن. وللعلم فإن شدة انفجارها الذي نشاهده الآن هو تعبير عن سنوات كبتها.

3- أن الانتخابات التي جرت في اليمن والقائمة على نظام 7 يوليو 1994م والتي يراها الأخ الأمين العام بأنها الحل للتناقضات المذهبية والوطنية في اليمن، لم تفعل سوى كبت هذه التناقضات وترحيلها ليكبر انفجارها بالضرورة أيضاً. فاليمن لا تحكمه الأشكال السياسية المعلنة، وانما تحكمه العلاقة القبلية والمذهبية والمناطقية والشطرية الخفية التي عجز العالم عن فهمها وظل خاطئا في حساباته تجاه اليمن. وخير دليل على ذلك رئيس البرلمان الذي هو من خارج حزب الاغلبية منذ بداية الديمقراطية في اليمن حتى الآن. وهل يدرك الأمين العام بأن العلاقات القبلية والمذهبية والمناطقية في البرلمان تخلق معارضة للسلطة من حزبها وتخلق مؤيدين لها من المعارضة؟

كما أن السلطة حالياً قدمت قانون مكافحة الفساد وهي ذاتها متهمة بالفساد، فكيف نفهم ذلك؟؟

4- أن قول الأخ الأمين العام إن الوحدة اليمنية هي وحدة وطنية، قول خاطئ ولا علاقة له بالحقيقة، لأن الوحدة اليمنية هي غير الوحدة الوطنية من حيث المبدأ. فالوحدة الوطنية هي وحدة بين أطراف من دولة واحدة، أما الوحدة اليمنية فهي وحدة سياسية بين دولتين، أي أن الوحدة الوطنية لها طابع حقوقي يتعلق بالعدل، أما الوحدة اليمنية فلها طابع سياسي يتعلق بالهوية، والأمين العام ذاته هو من كان رئيساً لحكومة دولة الجنوب.

5- أن قول الأخ الأمين العام إن الانتخابات كانت انتقالا جعل أبناء عمران والجوف وحجة (الشمال) يهتفون لمرشح اللقاء المشترك القادم من حضرموت وجعل أبناء عدن وحضرموت (الجنوب ) يهتفون لمرشح المؤتمر الذي لم يقل من أين هو قادم كما قال عن بن شملان، هو قول غير صحيح وخارج عن الواقع الموضوعي الملموس، لأننا نعرف بأن أبناء عمران والجوف وحجة هتفوا ضمنياً للشيخ حميد الأحمر، ولولا الشيخ حميد الأحمر لما استطاع بن شملان ان يدخل عمران، ولاننا نعرف أيضاً بأن أكثر الذين هتفوا في عدن وحضرموت لمرشح المؤتمر القادم من صنعاء هم من الشمال، ومن لم يصدق ذلك عليه أن يقوم بإحصاء للشماليين في الجنوب.

6-أن قول الأمين العام إن اصلاح النظام السياسي هدف نهائي للقاء المشترك، هو من حيث المبدأ غير صحيح، وهو من حيث الأمانة غير صحيح أيضاً، لأنه من حيث المبدأ لا يوجد هدف نهائي للسياسة، وإلا لانتهت السياسة بتحقيقه، ولأنهم من حيث الأمانة تركوا مشروعهم السياسي الذي أعلنوه قبيل الانتخابات وذهبوا إلى الانتخابات بدونه، ورسخوا شرعية النظام القائم ذاته الذي يدعون تغييره، وهم يدركون أو لا يدركون بأن الانتخابات كقاعدة عامة ترسخ شرعية النظام الذي تقوم على أساسه كما أسلفنا. والأهم من ذلك أن هذا هو اعتراف بأن الهدف ليس إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة كما جاء في برنامج الحزب، وانما هو خروج عنه.

7- أن القسوة الأكثر إيلاماً والتي تحتاج إلى معالجة هي ليست القسوة علينا كحزب وكأفراد كما يقول الأخ الأمين العام، ولكن القسوة الأكثر إيلاماً وغير المشروعة والتي تحتاج إلى معالجة هي القسوة على الشعب في الجنوب ونهب أرضه وثروته وحرمانه منها وطمس تاريخه السياسي وهويته باسم الوحدة. أما القسوة علينا كحزب وكأفراد فإنها مشروعة في اللعبة السياسية وهي مبرر وجودها، وإلا كيف يمكن أن تكون اللعبة السياسية بدونها؟ ومن ثم فإن ما يجب أن يكون محل البحث ليس من هو المسؤول عن الأزمة والحرب كما يقول الأمين العام رغم أهمية ذلك، وإنما ما يجب أن يكون مجل البحث هي العلاقة بين الشمال والجنوب بعد الحرب، أي هل هي علاقة وحدة أم علاقة احتلال وما يترتب على ذلك من شرعية لحق تقرير المصير بالنسبة للجنوب ما لم تزل آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة.

8- أن قول الأخ الأمين العام إن المشكلة هي في نكران حزب المؤتمر لشراكة الحزب الاشتراكي في الوحدة، هو قول غير صحيح، لأن الوحدة بعد الحرب لم تعد موجودة في الواقع وفي النفوس من الناحية العملية، ثم أنه لا يجوز علمياً القول إن الحزب شريك في الوحدة إلاّ باسم الجنوب وكممثل للجنوب، وطالما وأن تيار الاغلبية الجغرافية في قيادة الحزب يرفض ذلك، فبأي منطق يمكن اعتبار الحزب شريكا في الوحدة وهو قد تخلى عن الجنوب ويرفض أن يكون ممثلاً له في محنته التي هو ذاته أوصله إليها؟ أي أن رفضه البقاء كممثل للجنوب في محنته التي هو ذاته أوصله إليها يسقط شراكته في الوحدة ويوقعه في الخيانة الوطنية العظمى بالضرورة. فلا يمكن علمياً أن يكون الحزب الاشتراكي شريكاً في الوحدة وأن يظل شريكاً فيها الا باسم الجنوب وكممثل للجنوب فقط ولا غير، ومن يفكر بغير ذلك عليه أن يذهب ويتعلم أبجدية الفكر والسياسة.. فأبجدية الفكر تقول إن الوحدة هي بين اليمن الجنوبية واليمن الشمالية وليست بين الحزب الاشتراكي وحزب المؤتمر وتقول أيضاً إن الشريك الدائم في الوحدة هو الشعب في الجنوب، وأن الحزب الاشتراكي لم يكن سوى ممثل للجنوب في إعلانها، وبقدر ما يكون ممثلاً للجنوب في الوحدة يكون شريكاً فيها. أما أبجدية السياسة فتقول إن لعبتها تجيز لحزب المؤتمر ما يفعله فينا كحزب وكأفراد فقط، ولا تجيز له ذلك تجاه الجنوب كشعب وكطرف مكون للوحدة وشريك دائم فيها. صحيح أن الأحزاب الأخرى أصبحت متواجدة في الجنوب مثل الحزب الاشتراكي وأفضل منه، ولكن الجنوبيين في جميع الاحزاب بما في ذلك حزب المؤتمر وحزب الاصلاح هم مع قضية اصلاح مسار الوحدة وليسوا هم ضدها، وهذا دليل على أن المشكلة السياسية الاساسية والرئيسية في اليمن هي مشكلة الوحدة وليست مشكلة الاحزاب. وحتى الاسلاميين الجهاديين المنحدرين من الجنوب والذين دربتهم صنعاء في افغانستان وكان أميرهم في حرب 1994م ضد الجنوب رئيس الدولة حسب قول الجهادي (أبو الهادي) في صحيفة الوسط بتاريخ 15/11/ 2006م العدد (124) هم مع القضية وليسوا هم ضدها، وملاحقتهم بعد حرب 1994م هي في الحقيقة ليس لأنهم ارهابيون، وانما لغيرتهم على الجنوب بعد أن عرفوا الحقيقة.

9- أن رغبة الأمين العام بالبحث في تداعيات حرب 1994م وليس في العلاقة بين الشمال والجنوب بعد الحرب، تعني بأن القضية قضية حزب وليست قضية وطن، بينما نحن لدينا قضية وطن وليست قضية حزب. فليس المهم من هو المسؤول عن المشكلة كما يرى ذلك الأمين العام، وإنما الأهم هو حلها. وهل يعلم الأخ الأمين العام بأننا نقول للسلطة اقبلوا منا إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة وحملونا مسؤولية الحرب واعلان الانفصال، وأنهم يرفضون؟ وهل يعلم الأخ الأمين العام بأننا نقول لهم اعلنوا رسمياً بأن الجنوبيين الموظفين معهم في السلطة يمثلون الجنوب ولو على طريقة (علاء) في الكويت أيام غزوه من قبل العراق وحلت المشكلة، وأنهم يرفضون؟

فهم هدفهم اسقاط شرعية التمثيل السياسي للجنوب واستبدال مفهوم الوحدة السياسية بمفهوم الوحدة الوطنية بحيث يجيز لهم ذلك نهب الارض والثروة في الجنوب وطمس تاريخه السياسي وهويته.

10- أن قول الأمين العام إن الوحدة اليمنية هي وحدة بين نظامين، هو قول خاطئ وغير صحيح، لأنه من حيث المبدأ لا يوجد ولا يمكن أن يوجد نظام سياسي من دون دولة. فالوحدة اليمنية هي وحدة سياسية بين دولة اليمن الجنوبية ودولة اليمن الشمالية وليست وحدة بين نظامين كما قال الأمين العام، وهو ذاته من كان رئيساً لحكومة دولة الجنوب. فمهما حاول الجنوبيون أن يهربوا من الحقيقة، فإنه ليس أمامهم غير العمل من أجل إزالة آثار الحرب واصلاح مسار الوحدة أو اعتزال السياسة فقط ولا غير، لأن ما عدا ذلك هي خيانة وطنية عظمى بالضرورة.

11- لقد أكد الأخ الأمين العام ما كنا قد قلناه، وهو أن هدف الجميع دفن القضية الجنوبية، وذلك عندما قال إنهم في البداية قالوا إنه بدون انتخابات حرة ونزيهة لإنقاذ الوطن من إعادة إنتاج الوضع القائم فإنهم لن يشاركوا في الانتخابات ولن يكونوا شهود زور، ولكنهم شاركوا في الانتخابات وأعادوا إنتاج الوضع القائم ذاته وكانوا شهود زور بامتياز وقد أكد ذلك هو بنفسه عندما قال إنهم وقعوا على وثيقة المبادئ الخاصة بالانتخابات وهم يدركون أنها لن تنفذ. ومن ثم ألم يكن كل ذلك هو برهان على أن هدف الجميع هو دفن القضية الجنوبية؟

12- أن قول الأخ الأمين العام إن الانتخابات أنضجت قضية مهمة وهي أنه لا يستطيع أي طرف أن يحدد خيارات الناس بشكل منفرد، هو قول غير صحيح، لأن السلطة حددت خيارات الناس بشكل منفرد وهي أقل شرعية وأقل قوة مما هي عليه الآن بعد الانتخابات. ثم أن الفضل في عدم الانفراد بخيارات الناس اذا ما تحقق مستقبلاً، فهو للاتجاه الدولي الذي يفرض الديمقراطية وحقوق الانسان، وليس للانتخابات أو للمعارضة الفاشلة في اليمن.

13- أن قول الأخ الأمين العام إن الوضع الطبيعي لإصدار القوانين هو أن تتم مناقشتها مع المعارضة قبل تقديمها لمجلس النواب، هو قول غير صحيح من حيث المبدأ، لأن القوانين قبل تقديمها إلى مجلس النواب هي ملك السلطة التنفيذية وحدها دون أي شريك معها، وإلا لسقط مبدأ التبادل السلمي للسلطة بالضرورة.

14- أن قول الأخ الأمين العام إن نتيجة التفويض الشعبي التي حصل عليها حزب المؤتمر تتوقف على عاملين، هما: أن يفهم حزب المؤتمر أن هذا التفويض هو من أجل تنمية الديمقراطية أو أن يفهم بأنه من أجل ضربها، هو قول غير صحيح من حيث المبدأ أيضاً، لأن التفويض الذي حصل عليه حزب المؤتمر هو من أجل إدارة البلاد لسبع سنوات قادمة بموجب برنامجه الانتخابي وليس من أجل تنمية الديمقراطية أو ضربها.

15- أن قول الأخ الأمين العام إن اللقاء المشترك هو حاجة موضوعية، هو قول غير صحيح، لأن الحاجة الموضوعية تعني حاجة الشعب إليه، ولكن الانتخابات برهنت على العكس، وبرهنت على أن الحاجة للقاء المشترك ليست موضوعية تتعلق بالشعب وانما ذاتية لدفن القضية الجنوبية. فهو لم يفعل سوى تقوية تيار الاغلبية الجغرافية في قيادة الحزب الاشتراكي لإسكات صوتنا والتمرد على وثائق المؤتمر العام الخامس للحزب.

16- أن قول الأمين العام إن الانتخابات خطوة نحو إصلاح النظام السياسي، هو قول غير صحيح، لأن الانتخابات كقاعدة عامة ترسخ شرعية النظام الذي تقوم على أساسه والذي تستمد شرعية قيامها هي ذاتها منه هو ذاته، فكيف يمكن أن تكون خطوة نحو تغييره؟ ومن ثم فإن هذه الانتخابات هي خطوة لترسيخ نظام 7 يوليو 1994م في سبيل دفن القضية الجنوبية وليست لتغييره. فسكان الشمال مثلاً انخرطوا جميعهم في حرب 1994م ضد الجنوب، وهم بذلك يكونون قد أعادوا انتاج نظامهم السياسي بأنفسهم، وقواهم السياسية أيدت النتيجة وأسقطت أي قاسم مشترك معها وجعلت الاساس الموضوعي للعمل السياسي شمال وجنوب، وعليهم الآن أن يتحملوا نتائج أفعالهم.

17- أن قول الأمين العام إنهم لم يكونوا يهدفون إلى إسقاط الرئيس ولم يكونوا يهدفون إلى إسقاط النظام الحالي، هو برهان على صحة ما كنا قد قلناه، وهو أن هدف الجميع من الانتخابات هو دفن القضية الجنوبية. ثم من هي السلطة والقوة الخفية التي أفرزت الانتخابات والتي تريد أن تلتهم الجميع بما في ذلك الرئيس كما يقول الأمين العام؟ وبالتالي ألم يكن هذا التناقض هو تأكيد بأن الهدف الأول عند الجميع هو دفن القضية الجنوبية؟

18- أن قول الأخ الأمين العام إن الانتخابات أنقذت اليمن من أن تصبح دولة فاشلة، هو قول غير صحيح،لأن الانتخابات أعادت انتاج السلطة ذاتها بكامل سلبياتها ولم تأت بأي شيء جديد. ولكن الجديد هو أن الحزب الاشتراكي في هذه الانتخابات قد فقد الورقة الجنوبية التي هي ورقة حمايته هو ذاته، وبهذا تكون حاجة السلطة إليه قد انتهت بعد هذه الانتخابات، وسوف تغض النظر عن مضايقته واضمحلاله.

19- أن قول الأخ الأمين العام بإمكانية ترسيخ الديمقراطية في ظل نظام 7 يوليو 1994م، هو قول صحيح، لأن الديمقراطية لا يمكن ان تستقيم على شطر دون الشطر الآخر، ولأن الديمقراطية من حيث المضمون هي في الصلاحيات الدستورية للهيئات والمؤسسات وليست في تعدد الأحزاب وتبادلها للسلطة. حيث إن تعدد الأحزاب وتبادلها للسلطة ما هو إلا الشكل المعبر عن المضمون. ولهذا وطالما أن الصلاحيات الدستورية هي ما زالت للفرد الواحد، فإنه ليس هناك فارق بين أن يبقى علي عبدالله صالح في الرئاسة أو أن يخلفه بن شملان، لأن الأساس الدستوري للديمقراطية غير موجود. وهذه هي المشكلة التي لم يستوعبها بعد دعاة الديمقراطية في اليمن.

20- أن الديمقراطية بالمفهوم اليمني ليست لها علاقة بالشعب، وإنما فقط بالاحزاب، ولو يفهم اليمنيون المعنى العلمي للديمقراطية لخجلوا من فهمهم لها. ولو يدركون بأن المفهوم الغربي للسلطة خالٍ من المصلحة الذاتية لما تنافسوا عليها تقريباً. فهم لم يدركوا بعد بأن التبادل السلمي للسلطة يعني التنافس على تمثيل الشعب وعلى إدارة هذا التمثيل وليس على حكمه والتحكم فيه، لأن حكم الشعب هو وظيفة القانون والسلطات المحلية وليس وظيفة إدارة الدولة كما هو حاصل الآن. وهكذا يمكن القول إن العقل السياسي اليمني لم يدرك مضمون المفاهيم السياسية التي ينطقها. فعلى سبيل المثال كتب شخص مثقف مقالاً في صحيفة الوسط بتاريخ 15/11/2006م العدد (124) يرفض فيه القاعدة العلمية للسياسة التي تقول: «كيفما يكون الواقع تكون السياسة باتجاه إصلاحه» معتبراً إياها بالبراجماتية (النفعية) بينما هذه القاعدة ليست لها علاقة بالبراجماتية، لأن هذه القاعدة تتعلق بالواقع الذي هو موضوع السياسة، بينما البراجماتية تتعلق بالانسان الذي هو الذات للسياسة. فالعقل السياسي اليمني يخلط بين الذات والموضوع، ولا يميز بين الواقع السياسي الذي هو الذات للسياسة وبين الواقع الموضوعي الذي هو الموضوع للسياسة، ويخلط بين الغاية والوسيلة كما قال صاحب قناة الجزيرة للشهيد جار الله عمر رحمه الله. وهذا الخلط هو ما جعلنا نعيش هذه المحنة.

عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى