على هامش مكافحة الفقر والبطالة .. ضرورة تجانس الوعي لدى الحكومة والبرلمان ونظيريهما المحليين

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
بلادنا تشكو الفقر والبطالة جراء الآثار السلبية لمراحل تنفيذ برنامج الإصلاح الاداري والمالي الذي دشن جرعاته القاسية في العام 1995م ونشأت صناديق إغاثة هدفت إلى تخفيف المعاناة عن الشعب مثل صندوق التنمية الاجتماعية وصندوق الأشغال العامة وغيرها وساعدها في ذلك المانحون من دول ومنظمات، وسمت الحكومة خطتها الخمسية بخطة مكافحة الفقر وقامت بصياغة استراتيجية مكافحة الفقر بمساعدة منظمات مانحة، وكان على اليمن أن يراهن من أجل تحقيق الأهداف الانمائية لبنود الألفية.

نشأت الحاجة لتشجيع الأعمال الصغيرة بديلاً لعجز الحكومة عن استيعاب العاطلين عن العمل والوافدين الجدد من المدارس والمعاهد والجامعات ومما زاد الطين بلة محدودية القطاع الخاص في استيعاب جزئي للوافدين إلى سوق العمل وتعزى محدودية القطاع الخاص إلى أسباب عدة ليس مجالها هنا. لفتت الدول والمنظمات المانحة نظر سلطاتنا إلى أهمية تشجيع قيام المؤسسات أو المشاريع الصغيرة والمتوسطة (SMES) لمواجهة الفقر والبطالة ومن الذين اخلصوا في تقديم العون والمساعدة في هذا الجانب هم الأصدقاء الألمان من خلال برامج متعددة تابعة لمنظمات غير حكومية NGOS المانية ومنها برنامج .GTZ

لفت نظري عند الاطلاع على مجلة «التدريب والتقنية» الشهرية السعودية في عددها الصادر في ديسمبر 2006م موضوع شائق يقع في ست صفحات عن دور معاهد التعليم التقني والتدريب المهني وتشجيع الشباب الوافد إلى سوق العمل والجهود التي تبذلها بعض الحكومات العربية وغير العربية منها العربية السعودية ودولة الإمارات والمغرب في اثراء هذه التجربة لاحتواء البطالة وتبعاتها السلبية.

يصعب حصر جهود الحكومة السعودية في هذا المجال لكثرة الأرقام والبيانات ولا ينبغي لنا أن نتعلل بالمال، لأننا نمارس إهداره من ناحية الإنفاق والتصرف بالمال العام للصالح الخاص ولا نؤدي جباية حقوق الدولة (ضريبة الدخل + ضريبة الأرباح+ ضريبة العقار وغيرها) ونعاني آفة أخرى ألا وهي تخلف نظامنا الإداري والمؤسسي. نأخذ نموذجاً آخر وهي دولة الامارات، فهناك (750) ألف عاطل في دول مجلس التعاون والخليج رغم وجود سبعة ملايين ونصف المليون وافد ويتوقع انضمام نفس العدد في أسواق العمل الخليجي خلال السنوات العشر المقبلة، إلا أن الدول الخليجية تتبع أسلوب الجزرة والعصا مع القطاعين العام الخاص في اتباع سياسة التوطين ولو بهامش، كما تتوسع في برامج التدريب والتشجيع على تمويل إقامة المنشآت الصغيرة.

الحكومة المغربية تعاني بطالة مليون يد عاملة ويفد إلى سوق العمل سنوياً نحو (300) إلى (350) ألف باحث عن فرص عمل، إلا أن الخطط التي رسمتها الحكومة ستعطي نتائجها في أفق 2008م إلى 2010م. ينفذ المغرب حالياً مشروعات مهمة كمد طرق سريعة وبناء ميناء ضخم في طنجة، شمال المغرب بالإضافة إلى بناء فنادق في إطار خطة تجلب عشرة ملايين سائح بحلول عام 2010م.

اعتمدت الحكومة المغربية سياسية أسمتها «مبادرات التشغيل» بمساعدة الشباب حاملي الشهادات عن طريق منحهم قروضاً لخلق مشاريع ذاتية مع اعفائهم من الضرائب وإعادة التدريب للتأهيل لسوق الشغل، وخصصت ملياري درهم (نحو 228 مليون دولار، يزيد عن 4 مليارات ونصف المليار ريال يمني) في إطار صندوق لدعم نحو 30 الفاً من الشباب الحاملين للشهادات لخلق شركات خاصة بهم.

المقرف عندنا، أننا شرعنا مؤخراً للمشاريع أو الاعمال الصغيرة وأنشأنا صندوقاً غاية في التواضع ونتائج جهودنا في هذا المجال لا تزال متواضعة إلا أن هناك نفوراً من الجهات الحكومية المختصة لا يساعد على تشجيع هؤلاء الشباب، الذين عجزت الحكومة والقطاع الخاص عن استيعابهم، وتعجز عن ترسيخ مفاهيم وسلوكيات جديدة في أجهزتها المركزية عامة والمحلية على نحو خاص وينتج عن ذلك بصورة بديهية اتساع درجة البطالة وبمتوالية هندسية تتسع معها درجة الفقر وفي المحصلة النهائية يصبح السـلام الاجتماعي في خطر يصعب احتواؤه وسيصبـح المستهدفـون «أصحاب قضية».

أضع بين يدي القراء نموذجاً من نماذج تهديد السلام الاجتماعي ويتمثل ذلك في الإشعارات التي وجهها مكتب الأشغال العامة بمديرية المنصورة لعدد من الشباب يديرون أعمالاً صغيرة تدر عليهم عائداً يعينهم على إعالة أسرهم وهذا هو نص الإشعار القاسي:«يود مكتب الأشغال العامة م/المنصورة إشعاركم إلى اغلاق الملاحم التابعة لكم خلال فترة أقصاها 7 يناير 2007م وعدم ممارسة المهنة نهائياً. يرجى التقيد بما ورد أعلاه ما لم سنضطر لاتخاذ الاجراءات القانونية».

يعطي مضمون الإشعار أن هذه الجهات بعيدة كل البعد عن استيعاب استراتيجية مكافحة الفقر وإلا لسألوا أنفسهم إلى أين يتجهون؟ ماهي البدائل الأخرى لمصادر دخلهم؟ من لهؤلاء الشباب؟

سؤال أوجهه للمجلس المحلي للمحافظة والمجلس المحلي في المديرية .. على المجالس الأخرى أن تتقي الله في هؤلاء الشباب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى