> السودان «الأيام» رويترز:

بعد عامين من توقيع معاهدة السلام بين الشمال والجنوب في السودان اتهم سلفا كير رئيس جنوب السودان حكومة الخرطوم أمس الثلاثاء بعدم الالتزام بشروط الاتفاقية.

وتبادل كير والرئيس السوداني عمر حسن البشير الانتقادات في كلمتيهما بمناسبة مرور عامين على توقيع الاتفاقية مما يعكس الشك المتزايد بشأن مستقبل المعاهدة التي انتهت بموجبها أطول الحروب الاهلية في القارة الافريقية.

ويقول محللون إن تصاعد الهجمات التي تشنها ميليشيات مسلحة في الجنوب واستمرار الخلافات بشأن ملكية حقول النفط في البلاد قد يتسببان في انهيار الاتفاقية التي وقعت في التاسع من يناير عام 2005.

ووجه كل من كير والبشير كلمته أمام عشرات الآلاف من الحضور تجمعوا في جوبا عاصمة جنوب السودان للاحتفال بمرور عامين على توقيع المعاهدة.

وقال كير في كلمته المطولة التي حفلت بالانتقادات إن "الاتفاقية نصت على احداث تغييرات جذرية في السياسة السودانية ومشاركة عادلة تتسم بالشفافية للثروات والموارد. هل تحقق هذا؟ الاجابة هي لا بشكل لا يصدقه عقل."

وقال البشير إن اللوم كله لا يقع على عاتق حزب المؤتمر الوطني وان الحركة الشعبية لتحرير السودان مسؤولة أيضا عن تأخر تنفيذ ما نصت عليه الاتفاقية.

وأضاف "انتظرنا حضور اخوتنا في الحركة الشعبية لتحرير السودان ستة أشهر في الخرطوم... وفي النهاية دفعنا 60 مليون دولار حتى يحضر هؤلاء الناس."

وأودت الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب في السودان بحياة أكثر من مليوني شخص ونزوح أكثر من أربعة ملايين آخرين مما تسبب في حدوث أزمات بسبب اللاجئين في دول مجاورة.

كما أسهمت الحرب الاهلية في تأجيج ثورة في أوغندا بعد أن لجأ متمردو جيش الرب للمقاومة إلى جنوب السودان الذي يفتقر لسيادة القانون.

ونشبت الحرب الاهلية اساسا بين حكومة الخرطوم الاسلامية والمتمردين المسيحيين في الجنوب واللذين تتسم علاقتهما بالتوتر بسبب قضايا منها حقول النفط والعرق والايدولوجية.

وتشكل ائتلاف حاكم بموجب الاتفاقية في عام 2005. كما منحت الجنوب سلطات شبه حكم ذاتي ونصت على اقتسام السلطات والثروات. وشكل جيشان للشمال والجنوب وبوسع الجنوب التصويت على الانفصال في عام 2011.

وحذر ياسر عرمان نائب الامين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان للشمال في الاسبوع الجاري من أن عدم تنفيذ بنود الاتفاقية كاملة قد يدفع السودانيين في الجنوب للتصويت على الاستقلال.

وتشكل الثروة النفطية في السودان بطاقة إنتاجية تصل إلى 330 ألف برميل يوميا من النفط الخام أكثر من نصف ميزانية البلاد وهي جزء أساسي في الاتفاقية.

ولكن حزب المؤتمر الوطني المسيطر على الحكم مستمر في رفض لجنة مستقلة توصلت بموجب المعاهدة إلى ان الحقلين الاساسيين للنفط في البلاد يقعان في الجنوب. ولم يوافق الحزب على ترسيم الحدود والذي سيحدد ملكية حقول النفط للشمال أو الجنوب.

وقال يان برونك كبير مبعوثي الامم المتحدة للسودان على موقعه على الانترنت في الشهر الماضي إن "هذه ستكون أسباب اندلاع الحرب إذا ما قررت الاغلبية في الجنوب الاستقلال."

كما اتهم كير القوات المسلحة السودانية الشمالية بالاستمرار في دعم جيش الرب للمقاومة والجماعات المسلحة الاخرى. وأضاف ان هذا أمر خطير.

وتابع أن مساندة القوات المسلحة لميليشيات في الجنوب تسببت في وقوع اشتباكات بين جيشي الشمال والجنوب في بلدة ملكال في نهاية العام الماضي مما أسفر عن مقتل 150 شخصا.

وقال البشير إن الحكومة تعاملت مع 30 ألفا من مقاتلي الميليشيات وقوامهم 40 ألف مقاتل في الجنوب. ولكنه أضاف ان مثل هذه المهمة لا يمكن أن تتم بين عشية وضحاها.

وأضاف "نحن ملتزمون بإيجاد حل لمشكلة الميليشيات... ليس لدينا علاقة بجيش الرب للمقاومة ونحن مستعدون... للتخلص منه في السودان."

وعبر وزير الخارجية الكيني رافاييل توجو عن قلقه من أن الاتفاقية قد تخرج عن إطارها. ودعا لضرورة عقد مؤتمر إقليمي في أقرب وقت في نيروبي لمناقشة المشكلات التي تواجهها الاتفاقية.

(شارك في التغطية أوفيرا مكدوم في الخرطوم)