حديقة التواهي .. حمامات عامة في مكان(X)!!

> «الأيام» شكاوى المواطنين:

> ربما كانت مدينة التواهي من المدن الحديثة التي لا يتجاوز عمرها ثلاثمائة عام إلا أنها كانت العاصمة الإدارية والاقتصادية خلال فترة الاحتلال البريطاني (19يناير 1839- 30 نوفمبر 1967)، ولقد سميت آنذاك (Steamer Point) وتعني النقطة التي ترسو عندها البواخر. أما اسمها قبل الاحتلال البريطاني فمن المحتمل أنها اتخذت اسم الولي المقبور فيها، والمشهور بولي الصيادين :

الشيخ أحمد بن علي العراقي، وكما هي العادة المألوفة في تسمية الخلجان والأودية النائية بأسماء الفقهاء وصلحاء الرجال المقبورين فيها، وهو أمر مألوف في سواحل اليمن وغيرها من سواحل العالم العربي، وقد سماها (ولستد) بما يبدو أنه كان اسمها قبل الاحتلال بـ (رأس الشيخ أحمد) لبروز جبال الجانب الغربي منها على الخارطة (كما ورد ذلك في كتاب «العقبة» للأستاذ عبدالله أحمد محيرز)، أما عن دورها التاريخي قبل القرن التاسع عشر فهو مجهول، وربما لم يكن لها دور نهائي، فالموقع حينها كان صغيراً وغير صالح للعيش وبعيداً عن موارد المياه.

وتوجد صور أخذت للمدينة في الثمانينات من القرن التاسع عشر تظهر البحر يغمر عند المد جزءاً كبيراً منها ويغطي الطريق إليها، فيجعل الدخول إليها صعباً.

وأشار المؤرخ حمزة لقمان بأنها (أي التواهي) كانت قديماً عبارة عن قرية صغيرة لصيادي السمك، وأن كلمة (التواهي) جاءت من لفظ (تاه) بمعنى ضاع، حيث يقال : إن أهالي عدن آنذاك كانوا يخشون الذهاب إلى تلك القرية خوفاً من أن يتيهوا في جبالها، لأن الطريق لم تكن موجودة في تلك الأيام.

أما بعد الاحتلال البريطاني فقد تحولت أهمية عدن كلها إلى (التواهي) وحوّل الكابتن (هينز) مقر سكنه من الخساف إلى رأس طارش وصارت مقر ولاة المستعمرة ومساعديهم وكبار الموظفين البريطانيين والعسكريين، ومقراً للقنصليات والشركات الأجنبية، وأنشئت فيها المطاعم والفنادق والحدائق والمتنزهات لاستقبال السياح ورجال الأعمال، وباختصار صارت (التواهي) المركز التجاري والإداري والعسكري للمستعمرة، وتحولت إلى حي أقرب أن يكون أجنبياً أوربياً.

وفي إحدى حدائقها المهمة وسط المدينة نصب للملكة فيكتوريا تمثال برونزي، ظل قائماً فيها حتى إعلان الاستقلال الوطني عام (1967م) كما توقفت ساعتها (ساعة التواهي التي تشبه ساعة بيج بن) منذ ذلك الحين حتى السنوات الأخيرة، حيث أعيدت الساعة لتعمل بتأخير ثلاثين عاماً تقريباً، وأعيد تمثال الملكة العتيق لمكانه الأول، بينما ظلت الحديقة في فترة ما بعد الاستقلال حتى منتصف الثمانينات من القرن العشرين (حديقة لضريح الجندي المجهول) توضع فيها وعلى الضريح أكاليل الورود عند قدوم رؤساء العالم إلى عدن، واليوم نرى التخطيط المدني والسلطة المحلية للمحافظة بعد أن عجزت عن استثمار الموقع استثماراً صحيحاً ، وبدلاً وعوضاً عن أن تضع المجسمات الطبيعية وتزرع الأشجار المزهرة وتضفي على المدينة السياحية وشارعها الرئيس جمالاً سياحياً خاصاً، ارتأت أن تحول جانب الحديقة الجنوبي/الشرقي إلى حمامات عامة. مع العلم أن الحمامات العامة دوماً يتم التخطيط لمواقعها واختيارها في أماكن مخفية أو شوارع وزوايا خلفية يشار إلى موقعها باتجاهات الأسهم من شوارع رئيسة قريبة لها.(WC)

ولكن أن نعمل حمامات عامة وسط المدينة وفي حديقة سياحية بالقرب من تمثال لملكة بريطانيا (الأم) التاريخية الذي لا يبعد عنها إلا بعشرة أمتار، فذلك خطأ (X) كبير يجب أن نتفاداه وحتى لا نسيء للموقع وجماله وتاريخه وللمدينة السياحية (التواهي) ومعالمها أيّاً كانت حقبها التاريخية التي تمثلها إلا أنها تظل معلما تاريخيا له دلالات مكانية وزمانية بالغة لكل الزائرين!! وأقف هنا وأسجل علامة (X) على الاختيار الخاطئ.. وعلامات (!!) و(؟؟).. فهل من تصحيح عاجل لذلكم الخطأ؟

عامر علي سلام

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى