الخلافات السياسية اللبنانية.. هل تبعد المانحين؟

> بيروت «الأيام» اليستير ليون :

> يأمل لبنان في تلقي مساعدات بمليارات الدولارات في اجتماع للمانحين الأجانب يعقد في باريس هذا الأسبوع بالرغم من الخلافات السياسية في الداخل التي قد تحبط خطط الإصلاح.

ويريد رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة أن يوفر مؤتمر "باريس 3" الذي يعقد يوم الخميس الأموال اللازمة لمساعدة لبنان في التعافي من الحرب التي درات في العام الماضي بين إسرائيل ومقاتلي حزب الله.

غير أن نداء وجهته المعارضة لبدء إضراب عام يوم غداً الثلاثاء يهدف الى إصابة مظاهر الحياة العادية بالشلل بما في ذلك الميناء والمطار قد يفاقم من الصراعات الداخلية بلبنان قبيل المؤتمر.

ومن المرجح أن يحصل السنيورة على تعهدات سخية في ظل الدعم القوي الذي يتمتع به من الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وجميعها حريصة على الا يقع لبنان تحت سيطرة حزب الله وحليفيه الإقليميين ايران وسوريا,وتثير هذه الدوافع السياسية حنق منتقدي السنيورة.

وقال جورج قرم وزير المالية اللبناني السابق لرويترز "من الواضح أن هذه حكومة مدعومة بشدة من القوى الغربية بحيث إنها لا تعد تعبيرا حقيقيا عن إرادة الشعب اللبناني."

وأضاف أن على القوى الخارجية أن "تكف عن خطف المشاكل الداخلية للبنان والتلاعب بها في المواجهة بين ايران والولايات المتحدة والحرب ضد الإرهاب."

وتبدو إمكانية الإصلاح بعيدة في مناخ سياسي مسموم حيث يحاول حزب الله وحلفاؤه المسيحيون الإطاحة بالحكومة التي يقولون إنها فقدت شرعيتها حين استقال جميع الأعضاء الشيعة منها في نوفمبر تشرين الثاني إضافة الى وزير مسيحي.

وستضاف أي مساعدات جديدة الى 900 مليون دولار تعهد المانحون بتقديمها في اغسطس آب من أجل إعادة الإعمار بعد الحرب إضافة الى 1.5 مليار دولار أودعتها السعودية والكويت في البنك المركزي اثناء الحرب للحفاظ على استقرار الليرة اللبنانية.

ولم يعلن السنيورة عن اي هدف للمساعدات لكن الاقتصادي اللبناني مروان اسكندر تحدث عن مبلغ سبعة مليارات دولار يخصص منها مليارا دولار لدعم الميزانية فيما ترتبط بقية المبلغ بإحراز تقدم على صعيد الإصلاحات.

وربما لا يسعد هذا الربط حزب الله الذي يقول زعيمه حسن نصر الله إن المساعدات الأجنبية محل ترحيب على الا تتبعها شروط. وأعلن نصر الله أن خطة الإصلاح الخاصة بالحكومة سوف "تغرق لبنان في المزيد من المديونية.. في المزيد من الضرائب والرسوم وفي المزيد من الفساد."

وتلقي الأزمة السياسية بلبنان بظلال من الشك حول ما اذا كان السنيورة يستطيع تطبيق زيادة الضرائب وخفض الدعم وخطط الخصخصة المتضمنة في خطة مشابهة لمساع سابقة للإصلاح منيت بالفشل.

ويتذكر الاتحاد الأوروبي ومانحون آخرون بمرارة الفشل في الوفاء بوعود الإصلاح التي قطعها لبنان في مؤتمر "باريس 2" للمانحين عام 2002 والذي حصلت خلاله بيروت على 2.4 مليار دولار.

وقامت بعثة من صندوق النقد الدولي بزيارة لبيروت في ديسمبر كانون الأول لمناقشة السياسات لكنها لم تحصل على التزام ببرنامج رسمي متفق عليه مع الصندوق من حكومة تقع بالفعل تحت نيران المعارضة.

ويتجاوز الدين العام للبنان حاليا 40 مليار دولار وهو ما يمثل 180 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وتبتلع فوائد هذا الدين نصف الإنفاق الحكومي.

وبعد أن ثارت تكهنات بأن الاقتصاد سينمو بنسبة خمسة او ستة في المئة عام 2006 تقلص بنسبة خمسة في المئة بسبب الحرب مع اسرائيل.

غير أن اقتصاديين يقولون إن لبنان لا يواجه أزمة مالية وشيكة كتلك التي سبقت مؤتمر "باريس 2" ويخشى البعض مثل قرم أن يكون ضخ الأموال الخارجية مثل حقن "المورفين" في نظام يحتاج الى إصلاح جذري.

ويخشى الكثير من اللبنانيين أن تتحول المواجهة الى موجة عنف في وقت تعاني فيه مؤسسات الحكم الأساسية وهي الرئاسة التي يتولاها المسيحيون والحكومة التي يسيطر عليها المسلمون السنة والبرلمان الذي يقوده رئيس شيعي من الشلل او الخلافات.

وقال كمال حمدان مدير معهد الأبحاث والاستشارات إنه في غياب قاعدة عريضة من الدعم يحيط الشك بما اذا كانت الحكومة تستطيع تطبيق إصلاحاتها.

وأضاف أن التوتر الاجتماعي ربما يتزايد اذا مضت الحكومة في تنفيذ خطط لزيادة ضريبة القيمة المضافة اعتبارا من عام 2008 وخفض الدعم على الوقود اعتبارا من العام لحالي مضيفا أن البنود الخاصة بالرعاية الاجتماعية الواردة في خطة الإصلاح غير محددة بزمن.

وقال اسكندر إنه اذا تعثر الإصلاح فإن لبنان قد يقع تحت ضغط من المانحين لتبني برنامج صندوق النقد الدولي غير أن حزب الله قد يعتبر هذا رضوخا لما يمليه الغرب.

وقال اقتصاديون كثيرون إن خطط السنيورة للإصلاح لم تقترب من الحد المطلوب بل إن البعض دافع عن انتهاج مسار جديد.

وانتقد وزير المالية السابق الياس سابا الحكومة بشدة لتخليدها نموذجا اقتصاديا كان يحبذه رئيس الوزراء الراحل الملياردير رفيق الحريري الذي كان الأب الروحي لجهود إعادة الإعمار السخية في لبنان بعد الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 الى عام 1990.

وأضاف أن الحريري شجع القطاعين العام والخاص على الإنفاق بما يزيد بكثير على دخولهما مما تسبب في دين عام هائل.

وفضلت الحكومات المتعاقبة القطاعين المصرفي والعقاري على القطاعات الأخرى المنتجة مما أدى الى قاعدة اقتصادية متقلصة والاعتماد على التحويلات من الخارج,وقال سابا "هذا النموذج الاقتصادي لا يمكن استمراره."

وعبر اسكندر عن حزنه على ما وصفه بغياب الإصلاح الجاد في دولة تعاني من تناقضات مثل هيئة السكك الحديدية التي يعمل بها 900 شخص بينما السكك الحديدية معطلة تماما.

ومضى يقول "بصراحة لا يمكن أن يأمل لبنان في الاستمرار والإنجاز في ظل تطبيق البرنامج كما هو." رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى