«الأيام» تزيح جدار الصمت وتستطلع ظاهرة انتشار مرض (السرطان) الذي أودى بحياة 20 رجلاً وامرأة بقرية بلودر

> «الأيام» سالم لعور:

>
جانب من قرية السلامية بمديرية لودر التي فتك السرطان بعشرات المواطنين فيها
جانب من قرية السلامية بمديرية لودر التي فتك السرطان بعشرات المواطنين فيها
ألف وثلاثمئة نسمة تقريبا هم اجمالي عدد سكان قرية السلامية الواقعة الى الجنوب الشرقي من منطقة العين بمديرية لودر، التي يمر فيها الخط الرئيس الرابط بين عدن وحضرموت.. هولاء السكان يموتون يوميا، وهم أحياء حسب وصف أحدهم لحالتهم المأساوية بسبب معاناتهم من كارثة (مرض السرطان) الذي أصاب العشرات، ومازال يهدد حياة من تبقى منهم حتى صار الواحد فيهم يتوقع أنه الضحية القادمة لهذا المرض الفتاك الذي لا يفرق بين الصغير والكبير في هذه القرية.

وتفاعلا مع (صرخات) أبناء قرية (السلامية) جراء معاناتهم من كارثة (مرض السرطان) الذي انتشر في منطقتهم بشكل مخيف خصوصا وأن عدد الوفيات قد سجل رقما قياسيا خلال السنوات العشر الأخيرة، والذي وصل إلى حوالي عشرين حالة وفاة منها ست حالات خلال العام الحالي 2006م.

«الأيام» قامت بجولة استطلاعية إلى هذه المنطقة لاستقصاء الحقائق من أهالي المتوفين من أبناء هذه القرية.

وفي بداية هذا الاستطلاع لابد من كلمة حق نقولها بصدق مفادها أن نجاح هذا الاستطلاع قد أسهم فيه تعاون الآخرين (جعفر صالح دباء) من أبناء قرية (السلامية) ود.قاسم المرافعي مدير صحة البيئة بلودر الذي لفت انتباهنا إلى أهمية هذا الاستطلاع لإنقاذ حياة الناس بعد أن لاحظ تزايد أعداد المصابين والمتوفين بسبب (مرض السرطان) في هذه القرية النائية .. البعيدة عن الأضواء وخدمات المشاريع التنموية والخدمية.

انطلقنا من مدينة لودر عبر الطريق الاسفلتي الذي يربطها بقرية العين بمعية الاخ د.قاسم الرافعي مسئول صحة البيئة بلودر، وكان في انتظارنا الاخ جعفر صالح دباء دليلنا في هذه الرحلة وبعد ان وصلنا قرية السلامية التقينا الاهالي ومعهم اهالي قرية مجاورة تسمى (الحميراء).

وقد أبدى الاهالي قلقهم المتزايد من استفحال هذا المرض بمنطقتهم بعد ان فتك بحياة مايقارب العشرين حالة مؤخراً. وقد وافونا بكشف يحوي أسماء الذين أصيبوا بالمرض وتمت وفاتهم مع أعمارهم وعام وفاتهم وأظهر الكشف الذي حوى سبع عشرة حالة بينهم امرأة اصابتهم بأورام خبيثة في الكبد والمريء.

والمتوفون هم: محمد عبدالله الجذاره، محمود السعدي، حسين أحمد الجعري، القاضي سالم لرزق، ناصر القادري صالح، أحمد القاضي مسقعي، ناصر حسن الجعري، محمد القاضي الجوماء، أحمد القادري صالح، صالح أحمد علوي العسل، محمد أحمد القويري، محمد صالح باحزيم نمي، صالح أحمد لكرد، محمد أحمد لرزق، علي أحمد القاضي مسقعي، محمد أبوبكر فرج، اضافة الى نساء أخريات تمت وفاتهن.

أطفال قرية السلامية متخوفون أن يصبح مصيرهم كمصير آبائهم المرضى بالسرطان
أطفال قرية السلامية متخوفون أن يصبح مصيرهم كمصير آبائهم المرضى بالسرطان
وقد تراوحت أعمار المتوفين بين 60 الى 80 عاما توفوا بين الأعوام من 1988م الى 2006م.

< التقينا الوالد صالح أحمد المخزم (65 عاما) من أبناء قرية السلامية الذي قال :

«أهلا وسهلا بكم وبصحيفة «الأيام» التي هي أول صحيفة تدخل منطقتنا (امسلامية) ذي هي محرومة من مشاريع الطرقات والمياه والتلفون من زمان، الخير لهم والشر لنا، أذكر في 1972م كانت الدولة تقوم بأعمال تنقيب في الجبال المحيطة بقريتنا (امسلامية) عن طريق ناس بلغار يسمونهم المسح الجيولوجي ويخرجون حجار اسطوانية يصلحونها في كراتين مش دارين وين يشلونها وحتى والدي جاء يشتي حجار يبني بها ومنعوه الخير لهم والشر لنا لا مشاريع عندنا ولاشيء ماكسبنا غير مرض السرطان الذي أخذ علينا خيرة الرجال بس يمرض الواحد ويشكي من بطنه وينزلوه الى أبين او عدن ويجيبون نعشه وتقريره يقول انه مصاب بسرطان الكبد او الامعاء وماحد انتبه لنا عادكم أفضل من غيركم بايقرأون صحيفتكم وباينزلون بحملات لتشخيص مرض السرطان ذي دمرنا».

< الشاب صالح علي أحمد مسقعي قال :«فقدت والدي وجدي بسبب مرض السرطان فوالدي مرض في 2005م وتوفي في عام 2006م وكذا وجدي أصيب بمرض السرطان عام 1993م وتوفي عام 1994م وكلاهما أصيب بسرطان الكبد (الانثوي) سبق لهما العلاج في لودر ومستشفى صابر الذي أكد لنا الدكتور الطبيب فيه ان الفحوصات أظهرت الاصابة بسرطان أنثوي في الكبد والطحال ولم نتمكن من تسفيرهما الى الخارج لظروفنا الصعبة وكان القدر أسرع لقبض روحيهما قبل العلاج».

< أحد أقارب المرحوم صالح أحمد ناصر لكرد فاجأنا بصورة قريبه المرحوم صالح لكرد الطاعن في السن (75 عاماَ) وقال: «الصورة خير تعبير عما يعانيه أبناء قرية السلامية، لاحظوا علامات المرض في ملامح الوجه بالصورة، ظهرت أعراض المرض في فبراير 2005م عرض على عدة أطباء في اليمن وأكدوا وجود ورم خبيث في الكبد والمعدة ، أحيل الى الخارج للعلاج لكن لظروف الاسرة الصعبة وصعوبة الحصول على نفقات السفر والعلاج توفي قبل ان يسافر».

< محمد صالح أحمد العسل حمل إلينا صورة والده المرحوم صالح أحمد العسل وقال: «فقدت والدي الطاعن في السن 75 عاما أصيب بورم في الكبد (سرطان) عام 1987م وتوفي في1991م لاحظوا الصورة التي يبدو عليها آثار المرض وآلامه دون ان تلتفت إلينا أية جهة وأقول للمسئولين: اتقوا الله في الرعية نحن أمام كارثة سرطانية لو كانت في دولة من دول العالم المتحضر لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها لكن عندنا وكأن شيئاً لم يكن».

< المواطن سالم أحمد ناصر بوزيد قال:«ياجماعة أنا مستغرب ليش جهات الاختصاص ما تكلف نفسها للنزول الى قرية السلامية أغلب موتاهم بسبب مرض السرطان في الكبد والمرارة او المعدة حاجة غريبة مادام التشخيص يطلع نفسه لكل الحالات لابد من حل ونحن عبركم نناشد السلطات بإنزال فريقين أحدهما طبي والآخر جيولوجي لدراسة هذه الظاهرة المرضية التي أزعجتنا كمواطنين».

< الدكتور قاسم المرافعي مشرف صحة البيئة بمديرية لورد قال:«حرصا منا على بيئة خالية من المخاطر التي قد تحدث بالمواطن علينا ان نتكاتف جميعا من اجل ذلك وحقيقة وجدنا في الآونة الاخيرة ما يثير القلق وهو انتشار مرض السرطان في قرية صغيرة بالذات دون غيرها وهذا ما لا يجب السكوت عليه، على ما يبدو ان هذه الظاهرة لفتت انتباه الكثيرين وأصبحت مثار جدل في أوساط المثقفين والمهتمين من الشخصيات الاجتماعية والمهنية ان مرض السرطان قد أصبح يهدد كثيرا من الناس في مناطق مختلفة وكنا نسمع به بالنادر يصيب الناس في مناطق الحضر دون المناطق الريفية وأصبح من المخيف انه يحصد حاليا وفيات بالجملة في قرية نائية تابعة لمديرية لودر دون ان يمتلك أحد الشجاعة ليقول السرطان يفتك بأرواح الناس بإحدى قرى لودر دون انتباه جهات الاختصاص. أين وزارة الصحة وأين فروعها وأين الجهات المسئولة لمناقشة هذه الظاهرة الكارثة ورفعها الى أعلى المستويات؟ من يصدق لدي سبع عشرة حالة توفيت بهذا المرض والمثير للقلق ان أغلب هذه الحالات في سن محددة وبينهم نساء وغالبيتهم لايتناولون الكحول او أوراق القات وهم من أبناء الريف الذين يكثر في غذائهم الحبوب كالدخن والذرة واللحوم ونادرا مايتناولون المعلبات.

احدى الفوهات التي تركها فريق المسح الجيولوجي ممتدة مئات الأمتار ويخاف الأهالي من أن لها علاقة بإصابتهم بالسرطان
احدى الفوهات التي تركها فريق المسح الجيولوجي ممتدة مئات الأمتار ويخاف الأهالي من أن لها علاقة بإصابتهم بالسرطان
عند بلوغنا برفقة «الأيام» الى تلك المنطقة وجدنا آثار آبار مفتوحة ماتزال بقاياها حتى الآن قامت بها احدى الشركات (بلغار) كانت تعمل مابين 1972-1979م وأثار شكنا باحتمال وجود مخلفات للاشعاعات وتكون هي السبب الاول لانتشار هذا المرض الذي أنهك الاهالي وأثار انتباهنا حسب التقارير ان الحالات السرطانية لأبناء قرية صغيرة لا تبعد سوى كيلو واحد عن مواقع المسح والتنقيب وجميعها أصيبت في جهاز واحد.. أتساءل أين دور وزارة الصحة العامة والسكان ألا يوجد رصد لمثل هذه الحالات والاهتمام بها وتطوير البحوث العلمية ومعرفة ما يعصف ببلدنا من كوارث بيئية تهدد حياة الانسان والحيوان بعد ان أصبحت بلدنا عرضة للنفايات ومخلفات عوادم المصانع وغيرها من بلدان العالم الأخرى».

< الاخ عبدالله محمد سالم حنشل عضو المجلس المحلي بلودر ممثل منطقة السلامية بمحلي لودر تحدث قائلا: «نؤكد لكم ان منطقة السلامية تعاني كارثة مرض السرطان الذي أودى بحياة الكثيرين من أبناء القرية وآخرها ست حالات توفيت في العام 2006م وبعد متابعتنا لجهات اختصاص اكتشفنا وجود مادة الكبريت ولعلها السبب الرئيسي وأناشد جهات الاختصاص ووزارة الصحة بمتابعة هذا الوباء القاتل، هذا جانب ومن جانب آخر منطقة السلامية محرومة من جميع الخدمات رغم ان أهلها قدموا تضحيات جسام في مختلف المنعطفات وقدمت شهداء ومناضلين دافعوا عن ثورتي 14 اكتوبر و26 سبتمبر وأسهموا في تثبيت دعائم الوحدة اليمنية من أمثال محمد عبدالله الزربه، ناصر عبدالله الزربه، محمد ناصر الجعري، قاسم لرزق وأحمد قاسم لرزق الى جانب الشخصيات الوطنية أمثال صالح القاضي لرزق. ويحز في نفوسنا ان أبناء وأحفاد هؤلاء الشهداء والمناضلين يعانون الأمرين وهم اليوم في أمس الحاجة لمن ينقذ حياتهم من مرض السرطان الفتاك وكذا المشاريع الحيوية من طرقات ومدارس ومستوصفات ومياه وهاتف وغيرها».

< د. قاسم عبدالله قيس مستشفى لودر:

«جاحد من ينكر او يحاول إخفاء ان قرية السلامية بلودر قد حلت بها كارثة السرطان وحدها دون غيرها من مختلف قرى ومناطق أبين وبحكم عملنا نلمس باستمرار وجود المصابين بمرض السرطان من أبناء السلامية وهم خيلط من عدة قبائل تجمعوا في هذه القرية النائية التي لم تثر اهتمام الجهات ذات العلاقة. أناشد باسم أبناء السلامية الاخوة في وزارة الصحة العامة والسكان ومنظمة الصحة العالمية بإنزال خبراء وفرق طبية وجيولوجية لاستقصاء واستشكاف الحقائق لمعرفة أسباب هذا المرض الذي فتك بحياة الناس قبل ان تحدث هجرة لأبناء القرية الى مكان آخر بعد ان أصبحت حياتهم مهددة بخطر مازالت أسبابه في علم الغيب اللهم إنا بلغنا ولا نبتغي إلا الأجر والثواب من الله تعالى وإنقاذ حياة الناس ليس إلا».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى