يوم من الأيــام .. البينيان عندما يفلس

> جلال عبده محسن:

>
جلال عبده محسن
جلال عبده محسن
هناك مثل عدني يقول: البينيان عندما يفلس يرجع يقلب دفاتره، لعله يجد في ثناياها دين قديم أو مؤشر يدله على تجاوز محنته.

هذا المثل ينطبق على بعض النفوس المريضة في السلطة عندما تفلس سياسيا ولا يبقى أمامها ما يبرر فشلها هنا أو هناك لإقناع الناس بها حول قضية ما إلا تقليب الدفاتر القديمة ونبش المواجع من جديد لآلام الماضي وجراحه لتختار منه قضية ما تتفق مع تأزمها تستخدمها ورقة ضغط ترفعها ضد من يخالفها الرأي لإثنائهم عن آرائهم، وليس من أجل استخلاص الدروس والعبر كما يدعون، فالدروس والعبر عادة ما تستخلص كنتيجة للخير ولمنافع الناس تعينهم في فهم المستقبل ولا تكون سببا في إثارة الشحناء والبغضاء من خلال تقليب المواجع ونبش الماضي وإلا تحولت إلى فتنة والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.

هذا الأسلوب يستخدمه البعض في إدارة الأزمات متى ما شعروا بخطورة أوضاعهم أمام الجماهير وما عليهم إلا نبش الماضي لعلهم بذلك يوهمون بها العامة من الناس بأن تصرفاتهم الحالية مبررة أو تهون مقارنة بتصرفات معارضيهم في الزمن الماضي، ليغطوا بها فضائحهم ويداروا عن أعمالهم الهوجاء، بل ويجدون في ذلك مناسبة ينسبون لأنفسهم كل معاني الشرف والنزاهة والحق بينما يقدحون معارضيهم بكل أنواع الشتائم سعيا وراء كسب التأييد من جهة ولإثناء معارضيهم عن آرائهم من جهة أخرى، أما في قرارة أنفسهم فهم يسعون من ورائها إلى تثبيت كراسيهم المهترئة كلما اهتزت بهم.

إنه أسلوب بليد عفى عليه الزمن ولا يصلح للمرحلة الراهنة التي يراهن عليها المواطن البسيط بأن ما أفسده السابقون ينبغي لمن هم في السلطة الآن إصلاحه وإلا أصبحوا في نظره مثلهم بل وأقبح منهم، نسي هؤلاء أن المواطن هو ابن اللحظة التي يعيش فيها حياته ومن منظورها يستطيع تقييم الأمور والحكم عليها مقارنة مع ما كانت عليه بالأمس فإن تحسنت حالته المعيشية والروحية وشعر معها بالاطمئنان النفسي والوجداني عما كانت عليه فإنه حتما سيكون سببا في نقمته عليها وعلى من كانوا سببا في تعاسته، أما إذا كان العكس فحنينه حينئذ سيكون للحبيب الأول مرددا قول الشاعر: رب يوم بكيت منه .. فلما صرت في غيره بكيت عليه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى