أيــام الأيــام .. الجرعة العنكبوتية

> محمد سالم قطن:

>
محمد سالم قطن
محمد سالم قطن
WWW الرمز الحرفي للشبكة العالمية العريضة عبر الإنترنت. أماWYD فهي الشبكة اليمنية للجرعات. وفي حين أحدثت الأولى قفزة نوعية واسعة في دنيا الاتصالات وعوالم التجارة ووسائل النشر وميديا الإعلام، جاءت الثانية بفيض وافر من اللطمات التي صكت بها وجوه الملايين من أبناء هذا الشعب المطحون.

حتى أهل الطب، كما قد سمعت، هجروا مؤخراً استخدام لفظ الجرعة في توصيف أدويتهم وعقاقيرهم بعد أن ثبت لديهم انتكاس الحالات المرضية بمجرد التوصيف من خلال الجرعات، الأمر الذي جعلهم يضطرون إلى استبدال الإصطلاح بألفاظ أخرى أكثر براءة وأقرب قبولاً.

وكما سمعت أيضاً فإن المعاجم والقواميس هي في طريقها لنحت كلمة أخرى تحمل المعنى ذاته دون أن تتلوث بما اكتسبته كلمة جرعة من سمعة سيئة في السنوات الأخيرة خاصة أن لغتنا العربية هي البحر في أحشائه الدر كامن، مثلما قال حافظ إبراهيم، شاعر النيل، رحمه الله.

وهي، أي الشبكة اليمنية للجرعات، عنكبوتية كذلك مثلها مثل الشبكة الأولى إلا أنها للأسف بائسة وتعيسة فالعنكبوتية بمعنى أنها شاملة في تأثيرها السلبي في كل جوانب الحياة؛ حياة الناس وحياة المجتمع وحياة الشعوب فما بال المخترع الأمريكي أو الأوروبي أو حتى الياباني والكوري يصنع شبكة عنكبوتية نافعة تزيد الإنتاج وتبهج الإنسان وتطور الاتصالات بينما تتفتق قريحة المخترع اليمني- وهو من بلد الحكمة والإيمان- عن شبكة عنكبوتية كئيبة قصمت ظهور الرجال وأثقلت كواهل أرباب الأسر غلاءً طال كل شيء، بدءًا من رغيف الخبز وانتهاءً بفواتير الماء والكهرباء وضرائب متنوعة من شتى الأصناف وبمسميات جديدة مبتكرة كانت فاتحتها تلك الضريبة التاريخية التي أسماها أجدادنا بالمكوس، وجاءت خاتمتها تحت تسمية ضريبة المبيعات!

وقديماً كانت العرب تؤرخ بالحوادث الكبيرة فكان عندهم عام الفيل وكذلك عام الرماده ثم سنة المجاعة وهلم جرا. فلماذا لا يسمحون لنا فنقول:

عام الجرعة، وسنة الجرعة، والعام الخامس بعد الجرعة أو على هذا المنوال، قد نستدرك لنشير إلى أن الجرعة ليست واحدة ولم تكن عاما واحدا فقط إذ توالت علينا الجرعات منها الظـاهر المعلـن ومنهـا الخفـي المستتر الذي يرفع الساكن وينصب الفاعل ويفعل الأفاعيل.

أسائل نفسي عن هذا الاختراع العنكبوتي الذي توالت من خلاله الجرعات التي وسعت مساحة الفقر وهمشت محدودي الدخل وكست وجوه الطيبين بملامح الكآبة ومعالم القلق من غدر الأيام وجور الأزمان، يحدث هذا ونحن في آخر الزمان نستدرج لعصرٍ يأتي فيه المسيح الدجال فيجد المغلوبين على أمرهم قد طحنهم الفقر وافترسهم البؤس، فسيتحيلون مطايا للشيطان!!

اللهم إننا نعوذ بك من فتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال، ونعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى