البنية الإيقاعية للشعر في الخطاب النقدي القديم والحديث

> «الأيام» مصطفى غيلان:

> يتساءل الدكتور أسعد لماذا علاقة الإيقاع بالتعبير ينظر إليها أنها مسألة جمالية صرفة؟! ثم لماذا يهدر البناء الصوتي؟ ما أهمية تقنيات الكتابة مثل التنقيط، وعلامات الترقيم هل تخدم أغراضاً موسيقية وجمالية وتعبيرية ودلالية، بطرحه أن المكون البصري جزء من الإيقاع بتشكيل الحروف والتركيب الصرفي، منوهاً بدراسة قيمة وقع الرتم الموسيقي والاضطراد والتتابع والتكرار السمعي لأن فيه تقوية وزيادة في الإدهاش، وتأسيساً على هذا الفهم يعد عنصراً يخدم القدرة الاتصالية للشعر العربي الذي كان نظمه بحسب تعبيره يناسب منبرية الشعر والخطابة.

وقال إن الشعر: كان يروى مشافهة ومن على المنابر لنسج العرب قصائدهم للإلقاء بأوزان تفعل في الحواس فعل السحر حتى في التلقين التعليمي كان له نظم ووزن تعليمي كان مساعداً على استدعاء الذاكرة بجمال هذه الصفة والنظم. وكأنه يريد أن يعرض بقوله لذكر نظم متون الآجرومية وألفية بن مالك والتجويد، ليبرهن بأن الوزن مطلوب لاستدعاء اللغة وإجزاء الكلام ويجعله أكثر تماسكاً، معتزاً بدور البلاغيين العرب في الاهتمام بهذا الموضوع الذي يعد فيه الاضطراد مرحياً بالمعنى محاولاً إثبات مفهومه بأن الحروف منها مهموس وحلقي، وللحروف إيحاء في مخارجها نبرياً وصوتياً ولها دلالات نفسية ثم أوضح أنه إذا اجتمع في كلمة حرف متحرك وساكن.. يحذف الحرف الساكن الضعيف لأن قوة الحرف في الحركة مفسراً بمثال اذا اجتمعت في كلمة قمتان واجراء تطبيق لعدد من الكلمات فلو كان الحرف الأول ساكن والثاني ساكن يحذف الأول لأن الثاني لا يتم البناء النبري الا به لهذا يُثبت وحدد أن يثبت رسماً ونطقاً بمسوغ عدم هدم البناء الصوتي، وأفاد بضرورة إبقاء الحرف الثاني وإظهاره نطقاً مدغماً بالأول، وأن لهذه الحروف حالات وايحاءات عنه مستخدمي اللغة وأن المعنى يعطي للجمل والحروف دلالات تعبير في السياق العام للقصيدة كما للأوزان، ضارباً مثلاً بأن بحر الرجز قد يفيد الإطراب السمعي، والطويل للفروسية، مستدركا: ولكن مازالت موسيقى كنوز الشعر العربي غير محققة علمياً وأن المحدثين منهم لا يتقصدون الوزن ولا يستهدفونه على الرغم ما قال به الدكتور أسعد بأن اثراء القصيدة موسيقيا يكون بناء على تجربة الشاعر وقدرته على استخدام الأوزان في حركة المقطع وحركة النص ويريد بهذا القول بأن الوزن مكون من مكونات فن الشعر.

وأوزان الخليل هي قانون الشعر العربي ونظامه ، مسترسلاً: وفي الدراسات اللسانية مازالت حتى الآن إشكاليات المقطع غير محسومة هل المقطع مجموعة من الأصوات أو الكلمات حصراً وكما وعداً ومن الدارسين من يقطع الكلمات إلى مخارج للأصوات والحروف ويقسمها تحديداً إلى مقتطفات صوتية ومثل لذلك كلمة «أستاذي» لها ثلاثة مقاطع صوتية، نغمي ونبري بحسب حركة التشكيل للجملة ولحركة الحرف بذاته وصفته ومخارجه أيضاً. وأردف قائلاً: الدراسات اليوم لم تؤسس لبدايات دراسة هذا الموضوع «الايقاعية في بنية الشهر العربي» منتقداً المتشاعرين ونظّام مطولات العمود على توظيف الإيقاع توظيفاً صوتياً فقط ولم يحاولوا بهذه الأداة إعادة أو قل تشكيل مادة النص معنى صورة وإيقاعاً وصوتاً. والبعض يهدر الوزن من أجل إنتاج صورة مشيراً إلى أن الخليل بن أحمد حاول جمع واستقراء الأوزان مكتشفاً طاقة الوزن وحدوده والبحر وتفاعيله وثراءه أجملها 16بحراً وتتابعت الدراسات لاكتشاف أوزان، وفي كلامه إرداف لما قال عن وجود أوزان مهمشة لم تكتشف استدعى الاستشهاد لاستحضاره من الذاكرة، معرباً عن أن التفاعيل تتوالى وغير متولدة في الشعر متساوية اتباعاً أو دائماً أما تساوي التفاعيل فدال على مدلول تساوي المقطع، مقرراً بتساوي تفاعيل بحر الطويل، وقد تتراوح تفاعيلاته ما بين الخمسات والسبعات وهذا التساوي يناظم التشكيلات اللفظية ربما بالتشكيل العددي.

وتصدير مثل هذا الرأي أعقبه بحسب الدكتور حكم آخر مفاده أن التقسم الكمي ويثبت التفاعيل وتدوير الإيقاع والموسيقى، وأن الوحدة الإيقاعية بتشكيلها الشعري ذات صلة بالبنية في نسق الوزن - مجموع الأصوات قد يكون بنية تعلم صوتي كما في المنظومات الشعرية التي لا تبنى إلا على التساوي في التفاعيل، موضحاً: لو درسنا إيقاعات الشعر لوجدنا في فاعل، ومستفعل أو فُعل، ومفعولات وقد تكون في الأسطر أو بالأصح في الأبيات في حالة تواز وإن العروض يحول الوزن إلى علامات أو كميات رياضية وارتباطية لهذا تكون المدودات لها زمن عددي، لكنه استدرك: «والإيقاع يقوم على تفاعل عددي بين هذه التفعيلات» وبحر الطويل لم يعط حتى الآن لأوزانه حقها ومستحقات مخارج الأوزان وما زالت الأوزان مهملة لم تدرس عروضياً، مستعرضاً تقنيات هذا العلم وآلاته مذكراً الحضور بالأسباب، والأوتاد ومفهوم العلة وكيفية قطع التفاعيل وإبقاء مجزوءاتها، مثيراً الإندهاش بما قال: «النبر لايكون في الوزن لكن يكون في اللغة لدى من يعتمد أن النبر صوت له علاقة بالوزن وليس فقط باللغة» مضيفاً: ولا يكون المقطع نثرياً إلا بأبنية النبر السردي، والنبر كما في الانشاد يدخله المنشد فهو إيقاع غنائي وصوت المنشد أو الملقي إيقاع مطلوب، هو الذي يختاره ويضع له الترنيم والتلاوة ويكون جزءاً صوتياً يضاف إلى النص، واللغة تثري الوجدان.

واستعرض مقطعاً من قصيدة حرائق النبيذ للشاعر شوقي شفيق:

أما أنا: سيظل قلبي صاعداً.. إلى أن قال: اسمها زهراء، ازدهرت

وعرض الدكتور لأهمية علامات الترقيم في الدراسات الصوتية والأسلوبية أيضاً وقال: لماذا الشاعر وضع نقتطتين (:) بعد «أنا» هي ليست شارحة فحسب بل لها مدلول بخلاف (؛) الفاصلة الشارحة لها مدلول أسلوبي.. والترقيم والعلامات الإملائية لوازم أو هي لازمة لتقنيات والتجهيزات لمهارات الأداء وملكات الكتابة وفي قصيدة شوقي «زهراء، ازدهرت» لا يقصد الشاعر البديع بل يريد معنى باستخدام الصفة البديعية وأراد أن يعطي حبيبته من روحه وأنفاسه أما الفاصل بعد كلمة زهراء فهي ليست اعتباطية أو هي ظاهرة ترقيم كما يعتقد صغار النقاد والشاعر وضعها ربما لا شعوريا أو بقصد لاستيقاف القارئ، والدكتور يرفض فهم الترقيم بأنه ظاهرة لغوية، والاختلاف في القراءة للشعر وزمن الكتابة والنقد بمعياره يعني إنتاج نص على نص، مفضياً إلى القول: ماهو الشعر؟! هل جمال الشعر في عدم معقوليته؟! بناءً على الأصل أصدق الشعر أكذبه! وما قيمة الانحراف عن المعنى المألوف وما صدقية قول القرطاجني الشعر بالوزن والمحاكاة، وقول إبراهيم أنيس في النبر والوزن، وهل الوزن جزء مكمل أم مكون أساسي للشعر؟! وماذا يضيف علم العروض إلى هذا المعنى؟! وأن ابن طباطبا لم يقم للوزن اعتباراً ولمعايير أخرى مؤكداً للحضور بأن هذه الأسئلة مازالت بحاجة إلى إجابات مقنعة لا تصدر فقط واستمر في تحليله وتساؤله: هل نخلص مما سبق ذكره إلى القول: الوزن العربي تركيبي أي لابد الوعي بهذه التفاعيل تركيباً وتراكماً، وكتابة القصيدة وفقاً لوحدات الأوزان والإيقاع ولماذا الناثر لا يستخدم الوزن أداة استعمالية إلا بقدر الحاجة؟ وقد لا يفكر بالوزن أساساً خلافاً للشاعر؟! وفي الختام شدد على ضرورة الالتزام بقوانين اللغة والشعر حتى تكون أشكال التعبير أكثر جمالاً وأسلوبية في إنتاج المعنى،وبسهولة أداء الجهاز اللفظي وبين - في ضال، وقام ويقوم ومثّل كلمات فيها التقاء ساكنين مفهماً بأن حرف الألف في كلمة (قام) لا يحذف أبداً لأنه دال على الفاعلية، إنما يحذف التسكين ما زاد عن الحاجة وضرورة قوانين اللغة والصرف تقتضي إبقاء الحرف الساكن الثاني في حالة التقاء ساكنين ولا يعدل إلا ما كان هامشياً لا تقوم عليه الكلمة وفي الأخير شكر الحضور على المتابعة تاركاً لهم مساحة من الحرية في اغناء الموضوع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى