قضايا مصيرية تنتظر الحل

> احمد عمر بن فريد:

>
احمد عمر بن فريد
احمد عمر بن فريد
قبل مدة زمنية غير يسيرة، تلقى بريدي الالكتروني رسالة شخصية كان قد بعث بها إلي أحد الطلاب الخريجين بتفوق في كلية النفط بمحافظة شبوة، والذين انتهى بهم الحال إلى (لا شيء)، وفي تلك الرسالة شكا لي هذا الطالب المجتهد، مر الشكوى من (الحال والمآل) الذي انتهت إليه أحلامه وطموحاته العريضة التي تكسرت على واقع لا يرحم ولا يعترف للمتفوقين من أمثاله حتى بأنصاف الفرص، و في رسالته تلك عبر عن خيبة أمله الكبيرة من الواقع الصعب الذي استحال فيه منحه ولو فرصة عمل وظيفية محترمة في إحدى الشركات النفطية العملاقة بشبوة، أو حتى الحصول من الدولة على منحة دراسية مستحقة، خاصة وهو ابن محافظة تحتاج إلى أمثاله من القدرات الشابة القادرة على شغل وظيفة في المجال ذاته الذي تخصص فيه .

الحقيقة و المعلومة الأكيدة التي حصلت عليها - بعد ذلك - تقول لي ولأمثالي ولزميلي الطالب المجتهد بشكل (صادم)، إن إمكانية حصوله على منحة دراسية في الخارج، باتت مسألة أصعب من الحصول على لبن العصفور من جزر خرافية كجزر الواق الواق مثلا ..!! على اعتبار أن مثالاً واحداً، نستمده من الواقع لكي يعزز هذا الحال البائس، يخبرنا بأن أكثر من (ثلاثة الآف) منحة دراسية قد حصل عليها طلاب يمنيون في ماليزيا لم تتضمن سوى (ثلاثة مقاعد فقط) لطلاب من الجنوب !! أي إن لكل ألف منحة دراسية فرصة واحدة لطالب متفوق من أبناء المحافظات الجنوبية!

هذه الحالة العامة غير المستغربة لحال الطلاب ومستقبلهم المجهول، ساقتني إلى تجمع حقوقي آخر نظمه أكثر من مائة عامل وسائق وموظف، من الذين يعملون لدى شركة محلية متعاقدة (بالباطن) مع الشركة الفرنسية المسئولة عن مد وتركيب أنابيب الغاز في مشروع بلحاف العملاق بمحافظة شبوة، وهم الذين نهبت وسلبت حقوقهم الوظيفية عبر هذه الشركة المحلية القادمة من خارج المحافظة، والتي قامت (بفلترة) حقوق العمال من رواتب وبدلات غذاء ودواء بطريقة ابتزازية ساحقة، فبالإضافة إلى التعاقد مع هؤلاء العمال من أبناء محافظة شبوة برواتب هزيلة لا تعادل ثمن ما تعاقدت به الشركة مع الشركة الفرنسية (الأم) وبالعملة الصعبة، لم تقم حتى بالالتزام بتوفير هذه الرواتب (الهزيلة) في مواعيدها المحددة !! بل قامت باقتطاع أجزاء منها أيضا .. ليكون هذا الجزء المستقطع هو جزء مستقطع من الراتب المستقطع أساسا بالعملة الصعبة.. وحتى تكون الصورة واضحة وقادرة على كشف الافتراء والنهب من عرق العمال، يتحتم علينا أن نتصور أن الراتب في الحد الأدنى للعامل والمقدر بـ (500) دولار أمريكي يتحول في الاستقطاع الأول إلى مبلغ (27) ألف ريال يمني، ثم ينكمش ويتناقص إلى حد (17) ألف ريال يمني فقط .

إنها مسألة يمكن أن تقاس عليها باقي الأمور، ويمكن أن تحدد بموجبها ( لصورة المشرقة) التي يراد لأبناء شبوة - على سبيل المثال - أن ينتهوا إليها ، فما بين طالب بائس يبحث عن مستقبله المجهول، إلى عامل مضرب عن العمل بفعل (مص) دمائه وهدر عرقه وجهده، إلى آخر (طريد للثأر) والنعرات القبلية المزروعة في قلب المجتمع بعناية، إلى من يشكل حالة أفضل من هؤلاء جميعا، ويقوم بمطاردة (النحل) لجني العسل من وسط واقعه المر.

إن أسوأ ما يمكن أن يشعر به المرء في أي مكان وزمان، هو أن يغتصب حقه أمام عينيه، ويستغل جهده ويسرق ماله دون أن يكون في يده من أدوات إعادة الحق إلى نصابه إلا الشيء القليل الذي لا يمكنه من صد الباطل ورفع الجور وإيقاف الطغيان والظلم، وتكون المسالة مركبة الجور والافتراء إن حدث كل ذلك في عقر داره ووسط أهله وناسه.. إنها القضية التي يجابهها أهلنا الكرام في محافظة شبوة، وهي حالة تستدعي أن يتنبه لها من يقعدون اليوم على الكراسي الوثيرة من أبناء المحافظة بفعل أبناء شبوة وتمثيلا لهم، والذين عليهم أن يدركوا أن مناصبهم التي يشغلونها حاليا والتي أعمتهم عن واقع وحال أهلهم هناك، ما كانوا ليحصلوا عليها لولا عوامل سياسية مؤقتة تفرض ضرورة مسألة التمثيل الجغرافي في وقتنا الراهن.

ملاحظة من واقع الحال :

أتمنى ألا تزور بريدي رسالة شكوى من الطالب الحضرمي (العبقري - المبدع) عمر أحمد عرم، وأتمنى في المقابل أن تزوره في منزله جهات رسمية قادرة على تثمين عبقريته وفكره، لتستغل ذلك فيما يمكن أن يحقق إنجازا وإضافة ودعماً لمثل هذا الإبداع والابتكار ، وخوفي الشديد أن يزور صديقنا الصغير زوار من نوعية خاصة تنتمي إلى فكر ومؤسسات الدول الأمنية.. لتطلب منه الكف عن التفكير في هكذا اختراعات من شأنها أن تضر بالأمن القومي !!

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى