الاميركيون لن يبقوا طويلا هنا وعاجلا ام آجلا سيجد العراقيون أنفسهم وحدهم

> بغداد «الأيام» ديفيد كلارك:

>
افراد من الجيش العراقي خلال عملية بحث في احدى ضواحي بغداد أمس
افراد من الجيش العراقي خلال عملية بحث في احدى ضواحي بغداد أمس
يتقدم جنود سلاح المشاة الاميركي ببطء وسط حطام نصب تذكاري تحت الارض بينما تكشف اضواء جثة ملقاة هناك قبل ان يمزق الصمت انفجار يصم الآذان ثم ينكفئ المقاتلون مثل الاشباح التي تبرز وتختفي فجأة.

كانت الجثة المحدودبة ملقاة على وجهها ومقيدة عند اسفل الدرج المؤدي الى المدخل وسط انقاض كانت ذات يوم رمزا لضحايا الحرب السابق.

وسقطت جراء الانفجار كتل اسمنتية من السقف.

فما كان من رجال الدورية الاميركية الذين يرافقهما صحافيان من وكالة فرانس برس الا الانحناء وآذانهم يؤلمها الطنين.

بعد توقف المواجهة، عثر الجنود على ظروف فارغة وحزام رصاص غير مستعمل لبنادق في موقع الكمين.

لكن المسلحين سرعان ما تلاشوا في شوارع الدورة في جنوب بغداد.

لم تكن هناك دلائل تشير الى اصابات في صفوف المسلحين الاشباح ووحدات الجيش الاميركي التي تجوب بغداد.

وعاد الجنود ادراجهم من حيث اتوا عابرين شريطا لولبيا من اسلاك حادة وحولهم ركام الآجر المكسر حتى وصلوا الى فريقهم من سرية "غاتور".

واندفعوا مسرعين باتجاه عرباتهم "الهمفي".

ساد هدوء بعد لحظات من الاتصالات المتبادلة عبر اللاسلكي.

فقد اطلق المسلحون قذيفة "ار بي جي" على الجنود الذين يتولون حماية الفريق اثناء نزوله تحت النصب التذكاري الذي يخلد ذكرى 38 تلميذا قضوا بصاروخ ايراني في 13 اكتوبر 1987 في مدرستهم.

ولم يكن صدام حسين ليفوت دعاية كهذه، فأمر ببناء نصب تذكاري فخم "للشهداء" يضم متحفا تحت الارض وفوقه ساحة تتوزع فيها تماثيل خشنة عصرية.

والنصب مدمر جزئيا اليوم، والمتحف المظلم في السرداب مليء بالحطام.

واطيح بصدام حسين وانتهت الحرب مع ايران منذ امد بعيد، لكن القتال ما يزال يستعر في شوارع الدورة.

كانت اوضاع المنطقة حيث جرى الاشتباك، تتدهور قبل ان تستدعى سرية "غاتور" الى هذه الضاحية الراقية التي كان يقطنها بعض اعوان صدام حسين ولا تزال في منازلها حدائق مورقة يلعب فيها صبية كرة القدم.

ومع ذلك، هناك بعض الاحياء الفقيرة التي يشعر سكانها بالاستياء.

والعلاقات بين الجيش الاميركي وسكانها السنة متقلبة..

تارة يرحبون به وتارة يعادونه.

ومجموعات المسلحين وبينهم خلايا ترتبط بالقاعدة، قوية هنا.

لكن السكان يخافون شرطة الحكومة التي يقودها الشيعة ويتهمونها بممارسة العنف العشوائي وبارتكاب انتهاكات مذهبية الطابع.

وفي المقابل، لايزال الاميركيون وحلفاؤهم في الحكومة العراقية يملكون فرصة للنجاح اذا اظهروا قدرتهم على فرض الامن واصلاح الخدمات المحلية.

فقد اتخذت سرية غاتور ومفرزة من الجيش العراقي خطوة مهمة بهذا الخصوص عبر افتتاح قاعدة قريبة في سوق مهجورة كانت عامرة ذات يوم فأصبحت بعدها معقلا للمسلحين.

ولقيت الخطوة ترحيب من تبقى من تجار السوق.

واعيد افتتاح اكثر من محل مهجور منذ بدء تسيير الدوريات الاميركية في سبتمبر الماضي فأصبح بإمكان الجنود السير على اقدامهم في السوق.

كان الترحيب حذرا لكن ايجابيا، وسرعان ما عبر التجار عن شكرهم للمساعدة التي قدمها الجنود، لكن هذا الشكر لم ينعكس تأييدا للحكومة التي تؤازرها الولايات المتحدة ولا للشرطة.

ولدى تبادل الحديث مع التجار، اشتكوا كلهم تقريبا من الشرطة واتهموا عملاء ايران والميليشيات الطائفية باختراقها.

وبينما كان جنود الدورية يشربون الشاي مع احدى عائلات الدورة، قالت امرأة بانزعاج "سنثق بكم في حال توقفتم عن اطلاق النار علينا".

وقد ابلغت بعض العائلات مراسل فرانس برس ان الشرطة تطلق النار بشكل غير مسؤول وبان عناصرها طائفيون بشكل واضح.

وحذر ضابط اميركي احدى العائلات قائلا ان "الاميركيين لن يبقوا طويلا هنا، وعاجلا ام آجلا سيجد العراقيون انفسهم وحدهم".

واضاف متحدثا الى احد الاشخاص "مهمتي تقضي بان يسود الامن في الدورة قبل ان ارحل، لكنني لن انجح ما لم يساعدني اناس طيبون مثلكم".

وبينما كان الموكب الاميركي يغادر، لوح بعض الناس بأياديهم فيما اكتفى آخرون بالنظر باتجاهم.ا.ف.ب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى