ساعي البريد بين بشاشة الماضي وشقاء الحاضر والبحث عن ملاذ في المستقبل

> «الأيام» كفى الهاشلي:

>
تعدى ساعي البريد حدود المكان والزمان، يقرع أبواب المنازل ويقول هذه رسالة مع بشارة.. واليوم أصبح يقول: هذه فاتورة! واختلف معها رد الفعل! من السرور إلى (التكشيرة).. وبين هذا وذاك مازال موجودا بيننا ويعمل ولكن هل مازال دوره كما هو في نظر الناس؟ وكيف تأثر بوجود خدمتي البريد الالكتروني والسريع؟ وبماذا يعد المشروع الجديد سعاة البريد؟

اسئلة وضعناها وبحثنا عن إجابة لها من خلال السعاة والمواطنين ومدير البريد وكذا من خلال دراسة عينة عشوائية لنعرف رد الفعل ونسطرها على صفحات «الأيام» في هذا التحقيق.

ساعي بريد: أنقل بريداً يزلزل قلوب الناس

محمد عبدالله هو أحد سعاة البريد في عدن، عاصر الزمن الأول لنشأة البريد ومازال حتى اليوم. تجربة عمله أروع من ناجحة، لكنها انحدرت مع الظروف الجديدة لترمي على كاهله أعباء بدت وكأنها تشوش أجمل لحظات اللقاء مع المواطنين.. فما هي الأسباب؟

منذ العشرين من يوليو 1974م سجل له التاريخ أول خطوة لحمل الأخبار عن الأهل والأصدقاء والأبناء بحلوها ومرها لمواطني عدن. وقال: لقد كنت سعيداً وأنا أحمل الرسائل إلى الناس لأن لهفة الشوق لمعرفة أخبار أبنائهم وما آل اليه وضعهم جعلهم ينتظرون بشوق، لكن الوضع تغير الآن فهم يروني كعزرائيل وذلك بسبب ما أحمله لهم من فواتير تزلزل قلوبهم وتزيد همومهم.

المنازل العشوائية أبرز صعوبات العمل

يرسم محمد لوحة بثلاثة ألوان أولها كان الاسود فتظلم الدنيا عليه وتزداد مشقة وهو يرى الفواتير غير واضحة العناوين، خاصة فواتير الاتصالات. فلا رقم منزل ولا شارع ولا حي واضح مطلقا، ثم ترجع أسباب التأخير إلى البريد.تأتي المواصلات ومشقة الطريق لكن باللون الرمادي فهم لا يمتلكون دراجات مثل زمان وما يعطى لهم من أجر مواصلات أمام تباعد المسافات وخطأ العناوين لا يكفي.

وبرضى نفسه الطيبة يرى الزي ليس بمستوى أيام زمان، إلا أن اسمه وسمعته الطيبة بين الناس جعلاه معروفا لا يحتاج لمن يعرِّف به. ومحمد أصبح دليل البريد في معرفة عناوين المواطنين وأسمائهم وتصحيح أي أخطاء في الحي والعناوين كونه عرف نواحي المنطقة تماما. ويقول: المنازل العشوائية هي أكثر شيء يتعبنا كسعاة.

محمد وإن كان عمله كما يراه الناس ميدانيا إلا أنه يراجع البريد ويضع المظاريف في صناديقها حيث إنه مسؤول عن 200 صندوق.

الخدمات الجديدة مع السعاة

وبتعدد الخدمات الجديدة التي طرأت على عالم اليوم وخاصة في الاتصالات، وتحديدا وجود ثماني خدمات في اليمن تنافس البريد عامة والسعاة خاصة، إلا أن هناك ملاحظات نفندها بثلاثة محاور: أولها رأي المواطنين وثانيها دراسة عينة وثالثها رأي أصحاب القرار.

فبعد أن استطلعنا آراء بعض المواطنين في محافظة عدن حول تأثير الخدمات الجديدة ومدى استخدامهم لها مقارنة بالبريد لاحظنا أن معظم الآراء أكدت أن وسائل الاتصال من محمول ونت جعلتهم لا يحتاجون للبريد في إرسال رسائلهم.والسبب الثاني هو تواجد باصات وسيارات الأجرة فهم يرسلون مايريدون مع عربات النقل أو مع المسافرين سواء داخليا أو خارجيا وحتى مبالغ المال أصبحت مراكز الصرافة كما يقولون حلا لها بدلا من انتظار أيام لتصل حوالاتهم ورسائلهم والبعض منهم اتجه نحو خدمات البريد السريع مثل: (DHL) ،(فيدكس)، (تي ان تي)، (يو بي اس)، (اي بي اس)، (سكايس)، ليدفع مبلغاً لا يستهان به من المال قد يكون كثيرا مقارنة بالبريد لكنه أسرع.

تقلص دور ساعي البريد

من خلال استبيان أجرته «الأيام» لعينة عشوائية استخلصت المعلومات التالية:

أكبز نسبة من العينة يرون أن دور ساعي البريد تقلص فعلا في عدن وأن ذلك يعود لتواجد الخدمات الحديثة، بينما نسبة أقل من العينة تأرجحت آراؤها بين رفض أن تكون الخدمات أثرت في تواجد ساعي البريد وأرجعته للوضع المعيشي وأن يكون تواجد الساعي قد تقلص، فيما النسبة الأقل يرون أنه هو الذي يلعب دورا بارزا.

تفعيل دور مطار عدن

وبينما مازلنا نبحث عن حل لتفعيل دور ساعي البريد قال محمد سيف، موظف في مكتب البريد العاجل EMS : البريد لن تنافسه أي خدمة أخرى وإنما نحن نقول إن هناك إيجابيات وسلبيات، ولو تحدثنا عن البريد العاجل كخدمة فعلا متميزة ولكن حتى تكون فعلا كذلك لا بد من تفعيل دور مطار عدن في هذا الجانب ونبتعد عن المركزية ليس لأننا نرفضها ولكن لأننا نريد أن تكون فعلا عاجلة. ولم يكن محمد مخطئا لأن الكثير من المواطنين يرون أن البريد أنسب الوسائل لإرسال واستقبال مظاريف المواطنين. ولعل تباطؤ الخدمة هو ما يدفع الكثير منهم للجؤ إلى وسائل أخرى مهما كانت تكاليفها.

مدير مكتب بريد عدن الأخ عبدالعظيم القدسي في تعليقه على سؤال عن مدى تقلص دور ساعي البريد قال: دور ساعي البريد أبدا لم يتقلص، وبرغم أن هناك خدمات جديدة في اليمن وعدن إلا أنها قد تكون ناجحة خارجيا لكن داخليا ليس من منافس لخدمة ساعي البريد، فقد توسعت الآن لتشمل نقل الفواتير ولدينا مشروع سيعيد الماضي مرة أخرى بل وأفضل، لأنه سيكون خدمة للمنازل عبر اكشاك المحطات لنسهل ونسرع العملية ونحن الآن في طور تنفيذها.

دور المشروع بالنسبة للسعاة

يضع المشروع إعادة تأهيل سعاة البريد وتحويلهم إلى مندوبين وتحسين ظروف عملهم وزيادة حوافزهم هدفا للمشروع بالإضافة إلى إدخال النظم الالكترونية والحاسوب لتنظيم أعمال البريد وتحسين نوعية خدمة التوزيع لمحلات الإقامة للافراد والمؤسسات الحكومية والخاصة وإنشاء خدمات البريد الجوال لتقديم خدمات بريدية ومالية للمواطنين والجهات المختلفة في مساكنهم ومواقع عملهم.وبالتالي يصبح دور السعاة توزيع البريد العادي المسجل والعاجل والفواتير الخاصة بالمياه والكهرباء والاتصالات المحلية والدولية وجزء من فواتير الهاتف السيار. وفي المقابل سيكون لازما إضافة خدمات لمحل الاقامة والعمل وهي تسليم الحوالات المالية بحسب طلب المرسلين والمعاشات التقاعدية حسب طلب المستفيدين والطرود الواردة وتحصيل الرسوم الجمركية وقيم فواتير الخدمات وتفعيل خدمة توزيع فواتير الهاتف السيار يمن موبايل وسبافون وسبيستل واستلام الطرد من مقرات المرسلين والتخليص عليها وكذا بيع كروت خطوط الاتصالات والإنترنت. ومن ضمن الأعمال التنفيذية للمشروع توفير باصات صغيرة ودراجات نارية وهوائية للتوزيع وحوافز للسعاة بالإضافة لدروات تدريبية لـ 40 ساعي بريد في عدن.

وفي الأخير الأمل في المشروع لعودة ساعي البريد بالفعل والزي والدراجة.

وختاماً

وجدنا من خلال بحثنا حول دور ساعي البريد في ظل خدمة البريد الالكتروني والسريع أن دوره مثقل بتبعات تغير الزمن، إذ يطالب بمحو صورته الوردية في أذهان المواطنين بحمله فواتير الكهرباء، الهاتف والماء وقرع أبوابهم. ومهما اختلفت الآراء فإن البريد السريع والالكتروني فرض نفسه عالميا بوتيرة سريعة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى