طريق طويل وشاق.. امام مبادرة عربية للسلام مع اسرائيل

> دبي «الأيام» لين نويهض:

>
عبرت الولايات المتحدة عن ترحيبها بخطة عربية للسلام فيما اشادت اسرائيل بما وصفته بانه تغيير جذري في الموقف العربي الا انه لايزال من الصعوبة بمكان ان نجد شخصا يرى ان تحقيق السلام بات قاب قوسين او ادنى في الصراع الذي يمثل جوهر زعزعة الاستقرار والعنف في منطقة الشرق الاوسط.

في القمة العربية التي اختتمت اعمالها يوم الخميس الماضي بالعاصمة السعودية الرياض جدد العرب عرضا كانوا قد طرحوه عام 2002 على اسرائيل بشأن اقامة علاقات طبيعية بين الدولة اليهودية والدول العربية مقابل انسحابها الكامل من جميع الاراضي التي احتلتها في حرب عام 1967 واقامة دولة فلسطينية وايجاد "حل عادل" للفلسطينيين الذين نزحوا من ديارهم في عام 1948 عند قيام اسرائيل.

وكانت اسرائيل قد رفضت هذه المبادرة العربية لدى طرحها عام 2002 الا ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت قال ان قمة الرياض كانت جادة وانه مستعد لاجراء محادثات مع السعودية ودول عربية معتدلة أخرى بشأن خطة السلام التي طرحها الزعماء العرب مجددا لكنه رفض أي عودة للاجئين الفلسطينيين.

وبدا ان الامين العام للامم المتحدة بان جي مون يساند هذه الخطة اما واشنطن التي تسعى الى تنشيط عملية السلام فقد اعتبرت المبادرة العربية تطورا "ايجابيا للغاية." يقول المحللون ان القمة تمثل خطوة طيبة اذا ما قورنت بحالة الجمود العربي المعهودة الا ان امام المبادرة شوطا طويلا كما ان الامر يستلزم قدرا كبيرا من الدبلوماسية الخلاقة من اجل ايجاد حلول تاريخية لم يكتب لاجيال من الساسة ووسطاء السلام ان يتوصلوا اليها.

وقال معين رباني وهو محلل رفيع من المجموعة الدولية لمعالجة الازمات يتخذ من عمان مقرا له "اعتقد انه سيكون هناك جهد منسق لانجاز هذا العمل... الا انه سيصادف نفس العراقيل التي جابهتها جهود سابقة لاسيما ما يتعلق برغبة اسرائيل في الانسحاب الى حدود عام 1967 من عدمه." وقال "في الوقت الراهن لا اظن بوجود اي دليل حقيقي على ان هذه الادارة الامريكية لديها الرغبة في تنفيذ مبدأ السلام الكامل مقابل الانسحاب التام." ويلقي محللون آخرون بشكوك على قدرة اولمرت على حشد تأييد شعبي لاي خطوات سلام جذرية وذلك في ضوء انحسار التأييد لحكومته منذ انتهاء الحرب غير الحاسمة على لبنان العام الماضي.ولم تبد الادارة الامريكية اهتماما يذكر بتحريك عملية السلام في الشرق الاوسط الى الامام خلال معظم فترات حكم الرئيس جورج بوش الابن الا انها بذلت جهودا جديدة في الآونة الاخيرة.

وتقوم وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس بانتظام بجولات مكوكية في الشرق الاوسط وتوصلت في الاونة الاخيرة لاتفاق بشأن عقد اجتماعات دورية بين اولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس فيما تقول واشنطن إنه يتوجب على العرب استغلال هذه الفرصة السانحة لاشراك اسرائيل في العملية.

الا ان العرب يحاولون في هذه المرة خلق فرص من صنعهم. ففي الوقت الذي لم يبذل فيه العرب جهودا كافية للترويج لمبادرة عام 2002 في حينها فقد شكلوا هذه المرة لجنة برئاسة السعودية حليفة واشنطن لمتابعة عمل اللجنة وهو الامر الذي ربما يمهد السبيل امام دول عربية لا تقيم علاقات مع اسرائيل لفتح قنوات.

وسلمت اسرائيل باحتمال اجراء محادثات مع السعودية الا ان محللين ودبلوماسيين يقولون إن المملكة التي تتعرض بين الفينة والاخرى لهجمات من انصار تنظيم القاعدة بسبب سياساتها الموالية للغرب عليها ان تحسب خطواتها بدقة. وليس من المرجح عقد اجتماعات مباشرة مع اسرائيل عما قريب.

وفيما دعت اسرائيل مرارا لاجراء محادثات في السابق بشأن السلام فإنه بالنسبة الى الدول الاعضاء بالجامعة العربية فإن ثلاث دول فقط لديها علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل.

ولدى اسرائيل اعتراضات على معظم العناصر الرئيسية الواردة في مبادرة السلام العربية بما في ذلك اقتراح العودة الى الحدود الفعلية التي كانت قائمة قبل حرب عام 1967 وحق العودة للفلسطينيين الذين نزحوا مع قيام اسرائيل عام 1948 ومستقبل القدس الشرقية العربية التي ضمتها اسرائيل اليها عام 1967 .

وترى الدول العربية انه لا مجال للتنازل عن هذه القضايا. كما ان عجز واشنطن عن تحقيق الهدوء في العراق ومنع انتشار المد الشيعي الايراني في لبنان والعراق والمناطق الفلسطينية قد اضر بمكانة الولايات المتحدة في العالم العربي.

ولايرى الا قلة من الدول العربية ان لدى الادارة الامريكية الوثيقة الصلة بإسرائيل والتي تجابه معارضة قوية في الداخل الارادة والقدرة على حل هذا الصراع التاريخي. وقال رايم الاف من مركز تشاثام هاوس البحثي في لندن "لدينا الرباعي الدولي المؤلف من الولايات المتحدة والامم المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي ولم يفعل اي شيء يذكر." واضاف "حقيقة انهم (العرب) قد اعادوا اطلاق هذه المبادرة دون اجراء اي تعديلات كبيرة عليها انما يعني انهم لا يتوقعون الكثير... رفض الاسرائيليون ذلك من قبل لذا فلا ارى ان الامر سيقطع شوطا طويلا." واذا نحينا جانبا رد الفعل الاسرائيلي فإن العرب انفسهم لا يتفقون جميعهم على المبادئ التي تتضمنها مبادرة السلام العربية.

فحركة المقاومة الاسلامية حماس التي ترأس الحكومة الفلسطينية تشعر بقلق لان الخطة العربية لا تنص صراحة على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى الديار التي نزحوا عنها عقب قيام اسرائيل.

وخلال اجتماعات سبقت القمة العربية اتفق خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس مع العاهل السعودي الملك عبد الله على عدم المعارضة العلنية للمبادرة الا ان ساسة حضروا القمة يقولون إن حق العودة كان يمثل مثارا للجدل بالنسبة الى الفلسطينيين.

ونددت بالخطة العربية ايضا عدة فصائل فلسطينية تتخذ من دمشق مقرا لها وهي فصائل تعارض اتفاقات السلام الفلسطينية مع اسرائيل.ويقول محللون انه في الوقت الذي اتفقت فيه دول عربية على تنشيط مبادرة السلام دون ادخال اي تعديلات عليها فإن اي تغييرات تنشأ خلال محادثات مستقبلية يتعين اعادة الموافقة عليها وهو امر قد يفتت الجبهة العربية الموحدة التي تريد السعودية ان تقودها.ومع كل هذا فإن اسرائيل تحبذ دوما التفاوض مع الدول العربية كل على حدة وبرهنت محادثات السلام السابقة على ان الشيطان يكمن دوما في التفاصيل.

واجرت سوريا محادثات سلام مع اسرائيل بعد ان استولت الدولة اليهودية على مرتفعات الجولان عام 1967 الا ان هذه المباحثات انهارت عام 2000 في مرحلة متقدمة على الرغم من الاتفاق الظاهري على بعض من اكبر المسائل محل الجدل.

وقضية اللاجئين الفلسطينيين مشكلة معقدة مثيرة للشجون اذ لا تهم مجرد اسرائيل واللاجئين فحسب بل تهم ايضا الدول التي تستضيف اللاجئين والسلطة الوطنية الفلسطينية.

وقال جيرالد شتاينبرج رئيس برنامج ادارة الصراع بجامعة بار ايلان الاسرائيلية ان الخطة العربية قد تثبت جدواها اذا كانت السعودية جادة غير ان الفلسطينيين ليسوا في موقف يتيح لهم التوصل الى توافق بشأن قضيتي اللاجئين او القدس.

وقال "انها تفاصيل اساسية للهوية وليست مسألة وضع خط بسهولة ثم نقول اننا سنقايض بعض الامتار هنا وبعض الامتار هناك." وقال "ان الانخراط في مسائل الهوية لم يبدأ خلال السنوات الستين الاخيرة ولن يحدث بين عشية وضحاها بغض النظر عن مدى سلامة هذه المبادرة."رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى