محمد ناصر شراء .. تألق الحداثة في شعر راق ٍوشاعرٌ قلقٌ في واقع مضطرب

> «الأيام» مختار مقطري:

> في فعاليته الأسبوعية ليوم الخميس الماضي 29/3 استضاف منتدى (الباهيصمي) الثقافي بالمنصورة الشاعر الكبير محمد ناصر شراء لتقديمه لأعضاء ومرتادي وضيوف المنتدى شاعراً مرموقاً من شعراء الحداثة رواد ومؤسسي نهضة الشعر الحديث في سبعينات القرن الماضي، الذين نقلوا الشعر اليمني والشعر الحديث تحديداً إلى فضاءات أوسع ضمن حركة أدبية عرفت بشعراء السبعينات ما تزال بحاجة إلى كثير من النقد والدرس والتقييم، وقد انتهت الفعالية بتكريم المنتدى للشاعر محمد ناصر شراء بمنحه شهادة تقدير سلمه إياها الشاعر محمد سالم باهيصمي، رئيس المنتدى بمعيته العقيد فرحان علي حسن والشاعر الكبير عبدالرحمن إبراهيم.

الفعالية كانت فرصة طيبة ليلتقي جمهور المنتدى بشاعر حداثي متميز، كمحاولة للتقريب المتفاعل بين الطرفين، فقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر بما فيها من توظيف مغاير للغة وانزياحيات تفجرها وصور مدهشة لا تنقل الواقع كما هو حال القصيدة، بل تمارس عليه تشكيلاً فنياً يصنع من تفاصيله الكثيرة صوراً مفاجئة لا تعيد رسم ملامحه بألوانها المعهودة ولكنها ترسمه مغايراً في هيكل ونبضات القصيدة، هذه القصيدة مازالت بعيدة عن اهتمام المتلقي العادي، وقد تألق الشاعر محمد ناصر شراء بقراءته الجميلة لعدد من قصائده من مجموعتيه (طقوس يمانية) و(سيدة البراكين والبحار) أدهشت الحضور بصورها المكثفة المدهشة وموسيقاها الهادئة بما تزخر به من حزن ثقيل يختلج بكبرياء شامخ، وكان الشاعر محمد شراء قد استعرض سيرته الذاتية والإبداعية مختتماً إياها بمرحلة التكوين متأثراً بأبيه الذي كان حافظاً للشعر ثم أبدع في كتابته، ثم أخيه هيثم الذي تغنى بشعره عدد من الفنانين، وإن كنت أضم شاعرنا الشراء لجيل السبعينات إلا أن تجربته الإبداعية تمتد إلى الستينات ونشرت أولى قصائده في مجلة «أنغام» لصاحبها الشاعر علي أمان لتغمره فرحة النشر الأول، وعلى الرغم من تجربته الطويلة والكبيرة والغنية بالعطاء والتألق إلا أن شاعرنا القدير محمد ناصر شراء بعيد عن الاهتمام الإعلامي مثل كثيرين غيره من شعراء الحداثة بل والشعراء والمبدعين عموماً، وبالإضافة إلى غياب الفعاليات الأدبية فقد أسهم ذلك ومازال في غياب التواصل المتفاعل بينهم وبين المتلقي لا لعدم قدرة الشعر الحديث على استقطاب جمهور واقع.

ورغم الحزن المكثف في قصيدة شاعرنا إلا أن لقصيدته ألقاً أبيض لأنها لا تلبس رداء الغموض الأسود، وتوظيفاً إبداعياً للرمز مستنداً على موهبة كبيرة وثقافة واسعة وتجربة طويلة في كتابة القصيدة، كانت تنساب من بين شفتيه انسياباً هادئاً لم يخف ما فيها من حركة وحيوية وقلق واضطراب كبير نابع من نفس شاعرنا التي اضطربت كثيراً ومازالت مضطربة حيال واقع زاخر بمتناقضات تفرض نفسها كحراكات طبيعية ومنطقية على الواقع، أما ما أثاره أحد الزملاء حول انفصال الشعر الحديث وعطاء شعراء السبعينات تحديداً فهو يحتاج فعلاً إلى ندوة أو ندوات لمناقشته وفتح كل قنوات التواصل بين الشاعر والمتلقي بعد انقطاع الصلة بين الجمهور والكتاب، إلا أن محاولة التأكيد على رواج هذا الشعر بأن معظم ما ينشر في الصحف والمجلات هو شعر حديث- كما قال شاعرنا محمد شراء- هي محاولة تصطدم بهذا السؤال: (ومن يقرأ هذا الشعر؟!).

فهنيئاً للشاعر الكبير هذا الاحتفاء وشكراً صادقاً بالود والتقدير لمنتدى (الباهيصمي) على هذا الاهتمام الكبير بكل المبدعين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى