> صنعاء «الأيام» بشرى العامري:

صنعاء هذه المدينة الفاتنة المجني عليها وهي شابة في عامها الأول بعد الألفين لم تشخ مثل العديد من المدن، فمدن العالم اليوم تحاصرها المصانع بمداخنها وصنعاء تحاصرها مطاحن الرمل وكسارات الأحجار ومحارق النورة.

صنعاء.. تتشح بغلالة داكنة أشبه بغطاء حديدي صدئ وتجثم على صباحاتها ذرات التراب ويكتم أنفاسها هواء ملوث.

صنعاء.. هذه المدينة التي حافظت على نقاء الريف فيها وعلى ملامح عذرية ومفاتن صبية طوال عمرها المديد تعاقبت عليها حضارات وأديان لكنها ظلت صنعاء الرقيقة.. واليوم من هو الجاني؟.. مياها تنضب وهواؤها ملبد بالسموم ونموها يطغي عليه العشوائية.

هكذا استهل الرجل الأديب والمثقف الأخ محمد الغربي عمران، وكيل أمانة العاصمة حديثه لـ«الأيام» حول ما نقلته إليه من مشكلات وهموم تعاني منها أمانة العاصمة ـ صنعاء ـ المدينة الناعسة على أطراف جبل نقم.

وواصل الأخ الوكيل عمران قائلا: بالنسبة لأمانة العاصمة هي مدينة يتجاوز عدد سكانها مليوني نسمة يدخل إليها ويخرج منها في اليوم بين 250 ألفا إلى 500 ألف شخص قادمين من مختلف المحافظات الأخرى بصفة دائمة.

ونحن بلد كان قبل الوحدة أو قبل عشرين عاما لا يتجاوز سكانه الستة مليون شخص بشطريه الشمالي والجنوبي، واليوم يتجاوز العدد عشرين مليون نسمة، وفي الخمسة عشر عاما القادمة سنتجاوز 35 مليون نسمة رغم محدودية رقعتنا الزراعية ومحدودية مواردنا، وعامل الفقر له دور كبير أيضا مع تكاثر السكان الذي أدى إلى ظهور العديد من الظواهر السلبية سواء أكان في الأمانة أو في محافظات أخرى تختلف نسبة وجودها باختلاف أسبابها وعواملها وذلك مثل عشوائية المباني وعمالة الأطفال وحوادث النشل والسرقة والنصب وأيضا أطفال الشوارع وعدم نظافة الأمانة وانتشار المصانع والمعامل وصالات الأعراس إلى جانب مطاحن الشمة وغير ذلك من المخالفات والمساوئ التي ظهرت حديثا، ونتمنى أن تكون هناك سياسة ومشروع أكبر من أمانة العاصمة، مشروع على مستوى الوطن يحتوي المحافظات والمدن والأرياف الأخرى.

وفي تصوري هذا لن يحدث إلا بتنامي الخدمات المختلفة في الأرياف من ماء وكهرباء وإيجاد المدارس والجوانب الصحية والطرق وغيرها بحيث يحد من زحف الأرياف إلى المدن.

وعند سؤاله عن أسباب انتشار مثل هذه الظواهر وتدني مستوى متابعة مثل هذه القضايا من قبل أمانة العاصمة، قال: أمانة العاصمة تحاول بذل قصارى جهدها للحد من انتشار هذه الظواهر فمثلا عندنا مطاحن الشمة التي كانت منتشرة بشكل خفي وعملنا على إغلاقها، ولكن نقلت إلى داخل البيوت وبدأنا بعمل حملات تفتيش بعض البيوت ولكن واجهنا أصحاب هذه المطاحن بالسلاح أثناء تفتيش رجال الشرطة لهم ومازلنا في صراعات مكلفة معهم للحد من هذه الظاهرة ومنع تداول هذه الآفة، ومجتمعنا اليمني مازال مجتمعا يحمل سلبيات الريف من قبلية وعقلية رجعية ينقلها آليا إلى داخل المدينة، يعني أننا لم نصل إلى مجتمع مدني ولكن مازلنا في مجتمع ابن عمي وابن بلادي وابن قبيلتي.

وحقيقة أقولها إن مستوى الخدمات في الأمانة قد تدنى تدنيا غيرعادي في السنة الأخيرة والسبب أننا كموظفين في أمانة العاصمة نشعر بأننا موظفين على المواطن وليس لخدمة المواطن الذي ادى الى اللا مسئولية وسوء الضمير ونسي الموظف ان هذا المواطن هو الذي يصرف عليه من مرتبه وضرائبه وزكاته وقوت يومه وانه يجب عليه خدمته وأن يتصرف بمسؤولية ويحاسب نفسه أمام الله ومتى أراد كل موظف عسكري فوقه، وكل عسكري عسكري فوقه، فنحن فعلا في أزمة كبيرة ومشكلة كبيرة عندما تعطي لموظف مسئولية ما وتقول له راعي ضميرك واعمل، يتحول الى انتها زي لمركزه وإلى جابي أموال وبني آدم غير طبيعي. ونحن في أمانة العاصمة كان لدينا الأستاذ أحمد الكحلاني وكان رجلا حازما وذا شخصية طيبة وكان مهتما جدا بكل شيء وكان يظل من شارع إلى شارع يهتم بهذه الظواهر ويكافحها، والآن معنا الدكتور يحيى الشعيبي، الذي هو شخصية وطنية كبيرة نتمنى منه ومن جميع الوكلاء ومن بقية الموظفين الحزم، وأقول نحن المسئولون عن مثل هذه الظواهر والمشاكل ونشعر بقصورنا ونعترف أننا نحن المعنيون بداخل العاصمة ونحن المهتمون بما يجري في الساحة.

وفي رده على شكاوى المواطنين التي نقلتها إليه «الأيام» بشأن ظواهر انتشار مخلفات البناء والعشوائية في صناعة المطبات داخل الشوارع والتلوث البيئي في منطقة الصافية الناتج عن وجود مصنعين أحدهما للشمع والآخر للبلاستيك.. قال الأخ وكيل الأمانة: دعيني قبل كل شيء أوجه هذا النداء لكل المواطنين من خلال صحيفة «الأيام» هذه الصحيفة الأهلية الرائعة من خلال الشبكة التي تغطي جميع أنحاء الجمهورية من مراسلين ودائما نجد فيها إيقاع هموم الناس ومشاكلهم وأطالب ايضا كل المواطنين سواء في الصافية أو في ازال أو في الوحدة أو في جميع أنحاء الجمهورية بالوقوف جنبا إلى جنب لأننا في واقع مرير فالفساد استشرى ويجب علينا أن نقف ضد الفساد، فالفساد لا يكون في نهب المال العام فقط، وإنما يتجلى ايضا في السخط وعدم نصرة الحق وبأشكال أخرى في جميع مناحي الحياة ومن ضمنها السكوت على مصنع ينفث سموماً والسكوت عن موظفين يرتشون ويتراخون ولا يتعاملون بمسئولية مع مثل هذه الظواهر، ومن خلالكم نقول لجميع من تضرر ـ ونحن رهن إشارتهم ـ من قبل هذه المصانع وورش السيارات والحديد وغيرها من الظواهر داخل المجتمع، أن على الجميع داخل الحي ومن خلال المجلس المحلي أن يتعاونوا من أجل إيصال أصواتهم الرافضة لتلك الظواهر والمطالبة بوقف تلك التصرفات المضرة.

وإذا كان هناك تراخ من قبل أجهزة الدولة فعلينا أن نشد ونكافح الفساد داخل أجهزة الدولة، ولدينا حاليا المجلس المحلي الذي له دور كبير حيث تم بتوجيه فخامة الاخ رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح نقل السلطات من الوزارات إلى المحافظات ومن المحافظات إلى المديريات وعلى المرشح الذي انتخبه أهل منطقته واختاروه ألا يراعي هذا ادى لي صوته وهذا رفض وهذا نزلني، ويساعد في انتشار الأوساخ والاوبئة والأعمال العشوائية وتشويه منظر العاصمة وتلويثها فيجب أن يكون شخصا يعرف الله اولاً ويراقبه في أعماله ويعرف ان ضميره هو من يحاكمه ويعرف الخطأ من الصواب.

وأدعو من خلالكم أبناء هذا الحي أن يتعبوا قليلا في المتابعة الجادة والرسمية بأمانة العاصمة ونحن معهم وإذا كان هناك أي موظف سيئ يصل اليهم ولم يتقبل الشكوى أو يرتشي لأجل السكوت عن هذين المصنعين فيجب الإبلاغ عنه ويجب أن نتكاتف جميعا لحل هذه المشكلة وإزالة مثل هذه المصانع والمعامل التي تكون غالبا داخل الأحياء، وكذلك مشكلة صالات الأفراح وما تسببه من إزعاج وزحمة السير ومصانع البلوك والمناشير وما تسببه من إزعاج وهي ممنوعة منعا باتا ونحاول بقدر الإمكان الحد منها ومحاربتها.

ومدينة صنعاء هذه المدينة الصغيرة التي أشبهها بالقرية الكبيرة علينا أن نعتني بها ونشعر بمسؤولية ونتصرف وفق هذا الإحساس.

وأنا كموظف في الأمانة وغيري من الموظفين يجب أن نقوم بواجبنا لا منة على المواطن ولا أن اشتكي أو أتذمر أو أحاول أن أضغط على هذا المخالف أن يرشيني أو يشاركني في مصنعه أو معمله لأغطي عنه ويجب على المواطن أن يعلم أن مثل هذه التصرفات خاطئة وأن من حقه أن يحصل على خدمات وأن تمنع مثل هذه التصرفات ويجب أن يصبر علينا ويتعاون معنا في القبض على المرتشي لا أن يكشف هذا الشيء ثم يذهب إلى الشارع ويصيح ويتحدث دون أن يقدم أي شكوى رسمية إلينا.

إن قيام مثل هذه المصانع بالتأكيد يؤدي إلى خطورة كبيرة جدا فهو يؤدي إلى ظهور أمراض صدرية خطيرة ولا متناهية ناهيك عن التلوث الذي يصيب الأشجار والمباني. وأدعو من خلالكم سكان الأحياء ان يأتوا إلينا بشكوى رسمية وأن يتابعونا ويظلوا على اتصال بنا ونحن كأجهزة دولة مركبة كل منا له اختصاصه ومتى وجد الخلل يجب ان نتعاون فيما بيننا لإصلاحه، وبقاء مصنع ينفث سمومه على المواطن هو بقاء غير شرعي وهو استمرار لجريمة أبشع من ضرب واحد لواحد، وعلى المتضررين أن يأتوا إلينا بأدلتهم وأوراقهم واي موظف ينزل ويرتشي عليهم أن يبلغوا عنه فورا، ومكتبي ومكتب أي واحد في الامانة مفتوح لكل مواطن لخدمته ومساعدته في حلها، لكن من الصعب أن يعتقد بأنه من مجرد زيارة واحدة أننا سوف نخدمه، ولكن عليه أن يحرص على المتابعة ونحن على استعداد لكل ما هو في خدمة ومصلحة المواطن.