> «الأيام» محمد الحيمدي:

الغلابي مع بعض أولاده وحفدته في حفل عرس بالقرية
الغلابي مع بعض أولاده وحفدته في حفل عرس بالقرية
عمره (147) عاما، أبناؤه عددهم 7 أكبرهم عمره 95 عاما، وعدد حفدته 295 حفيدا,أدى مناسك الحج مرتين مشيا على الأقدام حافيا دون حذاء عاريا عدا وزار (فوطة) قصير ذهابا وإيابا,منذ أن ولد لا يرتدي غير وزار يغطي نصفه الأسفل فقط، ولا يركب السيارة.

وجبته العصيد واللبن والسمن البلدي. لا يأكل اللحوم ولا يشرب الدواء ولا يتناول القات.

- تصارع مع النمر وعندما نفد الرصاص من سلاحه أدخل يده في عنق النمر حتى وصلت إلى مداها فخر صريعا.. وهاكم التفاصيل.

في منطقة جبل القضاة بمديرية الشعيب محافظة الضالع هذه القرية الهادئة المتناثرة بيوتها فوق الجبال والهضاب ولد وعاش المعمر الحاج محسن محمد مثنى الغلابي، أكبر المعمرين بالشعيب والضالع وأحد المعمرين القلائل في اليمن والوطن العربي، عمره 147 عاما فهو من مواليد 1860م عدد أبنائه 7 أكبرهم عمره 95 عاما وحفدته عددهم 295 حفيدا من أولاد أولاده وأولادهم وأولاد أولادهم وأولادهم (أربع فئات).

حياته بلا هموم ولا مشاكل يمضي اوقات يومه بين ابنائه وحفدته وحراثة الارض والصيد منذ أن عرف نفسه وعرفه الناس وهو يختلف عن أهل منطقته بل الناس كافة في لبسه وفي هيئته ومأكله ومشربه، إذ أنه لا يرتدي لباسا منذ أن ولد غير وزار قصير فقط (فوطة) يغطي أسفله، لا يركب السيارات وغيرها من المواصلات فهو يتنقل حافيا قاطعا مئات الكيلومترات دون تعب أو عناء تحت وطأة حرارة الشمس وصقيع البرد لا يرتدي سوى عمامة على رأسه، سلاحه خنجر صغير صنعه بنفسه ذهب مرتين لأداء فريضة الحج في الخمسينات والسبعينات مشيا على الأقدام ذهابا وإيابا وسافر إلى العديد من محافظات الجمهورية بهذه الطريقة إلى عدن، لحج، شبوة وصنعاء متحديا كثيرا من الأهوال والمخاطر. طعامه المفضل والوحيد (الصلعة) خبز جاف مصنوع من الذرة مخلوطا بحليب البقر والسمن البلدي، والعصيد مع العسل، لا يشرب ولا يأكل المعلبات واللحم ولا يدخن أو يتناول القات ولم يشرب الدواء إلا في مرات قليلة جدا رغما عنه وتحت الحاح الطبيب، وهذا سر قوته وصحته الجيدة وديمومته الطويلة هذه التي اكتسبها كما يقول أحد أولاده من عمله منذ طفولته في مجال الزراعة التي كانت تعتمد على القدرة الجسدية في وقت لم تكن فيه أية وسائل أو أجهزة زراعية حديثة فهو يؤمن بأن المعدة بيت الداء وأن الإنسان العاقل والذي يريد أن يحافظ على نفسه وصحته ويعمر طويلا دون أمراض عليه أن يبتعد عن كل مغريات الطعام من لحوم دسمة وحلوى وأكلات ومشروبات مصنوعة جاءت بها حضارة العصر إلى كل المنازل اليمنية والعربية عامة لذلك فهو لم يرقد من المرض يوما ويتمتع بكامل قواه العقلية والجسدية ويعمل بجد ونشاط في حراثة الأرض. يحب الصيد كثيرا فهو غالبا ما يقضي أوقاته في الخلاء بحثا عن الصيد لا سيما الوحوش التي تكثر في منطقته، فله في ذلك صولات وجولات ومواقف وحكايات تشبه الأساطير لكنها حقيقية وحدثت فعلا منها الحكاية التالية التي رواها لنا وأكدها الكثير من أبناء المنطقة: وهي صراعه مع أحد النمور المفترسة عندما أراد أن يصطاده وينال منه ولكنه لم يتمكن لنفاد ذخيرته من سلاحه القديم (الكندة) فدخل معه في معركة بالأيادي وجها لوجه انتهت المعركة بانتصاره على النمر بأن اضطر إلى أن يدخل يده اليمنى في فمه حتى كادت أن تصل الى أمعائه حتى خر النمر وسقط صريعا. وغيرها الكثير من هذه المواقف التي تقشعر لها الأبدان والتي لا تصدق خاصة ممن لا يعرفون الحاج الغلابي حيث إن منزله يجمع أعدادا كبيرة من جلود هذه الحيوانات التي كان يصطادها فهو يقوم بسلخها من أجساد هذه الحيوانات دون أن يغير أو يشوه ملامح الحيوانات عن طريق استخدام مادة الملح والدهن أو السمن البلدي، ثم يحشوها قبل أن تجف بالقطن والقش ليجعل منها تماثيل حيوانات رائعة تزين زوايا منزله الريفي القديم ذي الأدوار الخمسة. ومن هواياته جمع الأدوات القديمة خاصة المرتبطة بالزراعة والسلاح بمختلف أنواعه. يحب كثيرا سماع الشعر وتذوقه فهو من عائلة مشهورة بشعرائها منذ القدم فأغلب أفرادها يقرضون الشعر وكفانا ذكرا أن المرحوم الشاعر الشعبي الكبير علي عبدالله الغلابي من نسل هذه الأسرة العريقة والتي عرف أبناؤها بالشجاعة وسجلوا مواقف بطولية خالدة وعظيمة. فأولاد الحاج الغلابي وحفدته معظمهم الآن يحملون رتبا عسكرية عالية ويتبوأون مناصب عسكرية وحكومية رفيعة وهامة.

هكذا هو الحاج محسن محمد مثنى الغلابي، ومن خلال هذه السيرة القصيرة عن حياته والحديث عن بعض صفاته ومواقفه كم كان ومازال فريدا متفردا نادرا من النوادر في هذا الكون، فقد استطاع أن يقهر المرض والصعاب والأهوال بصبر وجلد دون أن تقهره وتثنيه بمشيئة المولى عز وجل وطريقته في الحياة، والذي دون شك تصبح سيرته وحياته سفرا ثمينا ونادرا يحمل الكثير من الدروس والعبر والمواعظ الانسانية النبيلة المفيدة والكثير من الدروس في القوة والصبر والعزيمة والإصرار وترويض النفس أمام مغريات الحياة وملذاتها الضارة والقاتلة أيا كانت هذه المغريات التي عفت نفسه عنها وابتعدت عنها فكان كما قلنا سلفا كالطود الشامخ.. ربنا يطيل في عمره ويمتعه بالصحة.

وللعلم فالغلابي لم يرـتد القميص إلا مرة واحدة قبل عدة أيام عندما أُخذت له صورة لاستخراج البطاقة الجديدة عبر البصمة.