فضل مطلق والموت في الغربة

> «الأيام» صالح الوحيشي:

> رحل فضل، بصمت عن دنيانا وفارق الحياة هناك في غربته، مات بعيداً عن الأرض التي أحبها وقدم لها أجمل سنوات العمر، رحل بعد معاناة مع المرض الخبيث الذي أقعده أربع سنوات بعد أن كان يتهيأ للعودة للوطن ولم تتم فرحته، لقد كان القدر أقوى من أحلامه.. مات فضل مطلق بعد فراغ خلّفه كمبدع وفارس تلفزيوني ترجل قبل الأوان، وطالما كان يشار إليه بالبنان في حياته الحافلة.. غير أن (فضل) الإنسان كان أروع لذلك فلا يمكن اختزال مناقبه الطيبة في هذه التناولة المختصرة، ولكن لا بأس من رسم صورة من ثلاثة ملامح تقترب من معرفته.

الملمح الأول

كان الفقيد مطبوعاً على التمييز الواعي بين الخلاف والاختلاف، فقد تختلف معه في الرأي السياسي وتتباين مواقفكما، لكنه يبقى ذلك الاختلاف الذي لا يفسد للود قضية ولا يتحول إلى خلاف حتى وإن كان هو في موقع وظيفي قيادي.. تبقى المحبة والمودة القائمة بين رئيس ومرؤوس وزملاء مهنة، ولا مؤاخذة.. فهو رجل لا يعرف الخصومة أو الضغينة.. رحمه الله.

الملمح الثاني

فقيدنا، والحزن يعصر القلوب على رحيله، كان في حياته طرازاً من الرجال لا تملك إلا أن تبادله المودة، بسيطاً متواضعاً يمقت الكبر والتصنع، شديد التشبث بأخلاق المجتمع اليمني، أما الشهامة فحدث ولا حرج فإن وقع أحد مرؤوسيه في خطأ مهني أو حتى سياسي فسرعان ما تجده يحمي ظهره ويتحمل هو المسؤولية نيابة عنه.. كان في هذا الصدد طرازاً من الرجال.. كبيراً واسع الصدر يستحق اليوم من أصدقائه كل الوفاء.

الملمح الثالث

ولن تكون الصورة عن (الفضل) إلا برسم الملمح الثالث عن ذلك المهني والمبدع الذي تألق في حياته التلفزيونية، لم يكن وهو في موقع قيادي يتأخر عن إسناد كل جهد من أجل إنتاج تلفزيوني قوي بتكاليف متواضعة.. ففي نظره لا بد لطاقات الإبداع أن تتفجر لا أن تبقى حبيسة.

ما كان يثير ارتياح زملائه أنه لم ينس قط أنه في الأساس مخرج مؤهل، فتراه يحدثك عن وجود التصويب من أجل مشهد مؤثر ولقطة أكثر براعة ترسخ في الذاكرة، وحبكة تلفزيونية تشد المشاهد، وجمال الأداء.

بالرغم من أن هذه الملامح الثلاثة لم تف بالغرض.. ففضل الفنان المبدع الذي سخر إبداعه لقضايا شعبه وللقضية الفلسطينية وهذا ما يتجسد في أعماله السينمائية.. ففي فيلمه السينمائي (سحب غريبة فوق بيروت) رصد العدوان الإسرائيلي على مدينة بيروت والذي نال الجائزة الذهبية في مهرجان موسكو السينمائي 1983 وكذلك فيلمه الوثائقي (جريمة بلا عقاب) نجده يرصد العدوان البربري الإسرائيلي على مخيمي صبرا وشاتيلا والاجتياح الإسرائيلي لهذه المخيمات وسجل أقذر فعل إسرائيلي على الشعبين الفسلطيني واللبناني.. ونجده في فيلمه عن الفقيد الوطني البارز عبدالله عبدالرزاق باذيب والذي من خلاله أراد أن يظل عبدالله باذيب خالداً وحاضراً على الدوام بإعماله وتاريخه النضالي.. كما أشار فضل مطلق في حديث له عن الفيلم. كما أن مبدعنا الراحل قد ترك الكثير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية ستظل خالدة في وجداننا. وللفقيد أدوار بارزة في الثورة المسلحة كواحد من الفدائيين في تنظيم الجبهة القوية وهناك محطات كثيرة لا يتسع المجال لذكرها في هذه العجالة. رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى