العقل الجميل وتحديات الواقع

> «الأيام» شيماء صالح باسيدم /الحوطة - لحج

> هل يمكن للعقل أن يقذف بصاحبه إلى غياهب الألم والضياع والتعاسة وهل حقا ما قيل (جنان يخارجك ولا عقل يحنبك)؟

ربما يكون ذلك صحيحا حين تدور في رأسك أفكار وآمال كبيرة ولكن سوء التوافق وضيق الواقع يمـزج الحياة بطابع الغمـوض والخيبة، عندها تدخل في حالات التخبط والوهم إلى أن تفقد ذلك العقل الجميل الذي طالما قاتلت وكافحت لتحافظ عليه مشعا وبراقا ونظيفا من أن يتلوث بالواقع ومشاكله.

ما نعانيه في بلادنا من أوضاع فاسدة يرجع إلى نوعية العقل الذي يجعل ذلك المسؤول يتخذ الفساد أسلوبه الخاص في الحياة ولا يكتفي بذلك وحسب وإنما يعين بما استطـاع من قوة ليبقى الفساد وحده الحاكم الآمر فينا، ويبقى المواطن المحترم صاحب العقل الجميل هو الحلقة الأضعف في لعبة الحياة التي تتبنى دائما عقول الفساد وتتعهدهم بالعـناية والرعاية، أما ذلك المواطن فالواقـع اليمني يتعهـده بالبؤس والشقاء ليفقد ذلك العقل وينضم بفخر إلى نخبة المجانين الذين لا حول لهم ولا قوة على خلاف نخب أخرى تضم مجانين من نوع آخر ولكن بفرق بسيط فهي الوحيدة التي لها الحول والقوة في بلادنا.

حاولت كثيرا أن أفهم هذا الواقع كما يفهمه الآخرون لكنني عشت حالات التخبط تلك، فخفت أن أفقد عقلي وأنضم إلى تلك النخبة وأردد شعاراتها الثورية على طريقة الفيلسوف الفرنسي (كوتا) حين قال «أعلى مراتب الحكـمة هو ما تسـميه العامة جنوناَ». لكنني بعد ذلك توقفت عن فهم الحياة كما يجبرني الآخرون على فهمها، وأقنعـت عقلي أن يبحـث عن جماله الحقيـقي وألا يخاف من تحديات الواقع التي تجبر الكثيرين من أصحاب العقول الجميلة أن يهاجروا إلى غير رجعة ولسان حالهم يقول «أن تهرب بعقلك بعيدا خير من أن تفقده في وطنك بين أهلك وأحبائك الذين يعولون عليك كثيرا».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى