> قد يصبح شهر ابريل نيسان أقسى الشهور على كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية في تأكيد لحدس الشاعر البريطاني تي.اس.اليوت في قصيدته الشهيرة (الارض الخراب) التي تحدث فيها عن قسوة هذا الشهر حين تنبثق زهور الليلك من بطن الارض الميتة.

فخلال هذا الشهر لم تسمع رايس أنباء طيبة عن السياسة الخارجية الامريكية من العراق وأفغانستان أو كوريا الشمالية أو روسيا.

وعلى الصعيد الداخلي استدعيت وزيرة الخارجية الامريكية لتدلي بشهادتها امام الكونجرس بشأن معلومات مخابرات خاطئة استخدمت لتبرير الغزو الامريكي للعراق عام 2003 كما واجهت رايس انتقادات من جورج تينيت المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) كما شهدت أحد كبار مساعديها يضطر الى تقديم استقالته بسبب فضيحة جنسية.

لم يستطع سوى قلة من المحللين تذكر اي نصر دبلوماسي للادارة الامريكية في الاوانة الاخيرة بل يتفق الكل على ان تحديات كبرى تنتظرها.

فالعنف يعصف بالعراق ولم تتوصل الحكومة العراقية التي تدعمها واشنطن حتى الان الى حل وسط سياسي يعتقد كثير من المحللين انه ضروري لانهاء الصراع ومنع انزلاق البلاد الى حرب أهلية شاملة.

وفي أفغانستان تواجه القوات الامريكية وقوات حلف شمال الاطلسي حملة متصاعدة تشنها قوات حركة طالبان رغم مرور خمس سنوات على قيام القوات الامريكية باسقاط حكومة طالبان التي وفرت المأوى لاسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة.

ويرى محللون ان الالتزامات الامريكية في العراق وأفغانستان وتعقد المشكلة في كلا البلدين والموارد الهائلة التي يتطلبها الوفاء بكل هذه الالتزامات يعوق السياسة الخارجية الامريكية في مناطق أخرى.

وقال دانيل سيرور من المعهد الامريكي للسلام وهو مؤسسة بحثية "حقيقة ان غالبية قواتنا مربوطة في العراق وأفغانستان هي حقيقة ليست غائبة عن باقي العالم. حين يربط جاليفر.. الكل يعرف" في صورة تذكر بأقزام جزيرة ليليبوت الخيالية وهم يحدقون في جاليفر العملاق.

وقال المحلل جيمس دوبينز من مؤسسة راند "لديك بعض التوجهات طويلة المدى منها حرب العراق وخسارة (الجمهوريين) في الكونجرس التي تقلص الخيارات.. وعلى الكل ان يتحمل نتيجة أفعاله."

وكانت كوريا الشمالية من بين المجالات التي زعمت وزارة الخارجية الامريكية قبل أشهر قليلة انها حققت فيها نجاحا بابرام اتفاق 13 فبراير شباط الذي تتخذ بيونجيانج بموجبه خطوات للتخلي عن برامجها النووية مقابل الحصول على مزايا اقتصادية ومزايا أخرى.

لكن بيونجيانج لم تلتزم بأول تاريخ نص عليه الاتفاق وهو 14 ابريل نيسان الذي انتهت فيه مهلة اغلاق مفاعلها النووي في يونجبيون بسبب خلافات مالية.

وفي الاسبوع الماضي وحده تعرضت رايس لعدة نكسات.

ففي يوم الاربعاء استدعتها لجنة في الكونجرس الامريكي لتدلي بشهادتها بشأن زعم البيت الابيض عام 2003 عن سعي العراق للحصول على يورانيوم من النيجر وهو ما ثبت عدم صحته.

وفي يوم الخميس أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجميد التزامات موسكو بموجب اتفاق اوروبي للحد من التسلح في خطوة زادت من التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا.

ويوم الجمعة قبلت رايس الاستقالة المفاجئة لراندال توبياس نائب وزيرة الخارجية الامريكية لشؤون المساعدات الخارجية بعد ان قال لشبكة (ايه.بي.سي) نيوز التلفزيونية الامريكية انه طلب من متعهدة تشغل فتيات الهوى متهمة بادارة شبكة للدعارة "ارسال فتاة لتقوم بتدليكه"..وقال توبياس (65 عاما) للشبكة انه لم يمارس معها الجنس.

وصباح الاحد قضت رايس معظم وقتها في برامج حوارية ترد فيها على مزاعم تينيت مدير السي.اي.ايه السابق الذي قال في مذكراته "لم يحدث قط على حد علمي اي نقاش جاد داخل الادارة عن خطر وشيك يشكله العراق."

ورفض شون مكورماك المتحدث باسم الخارجية الامريكية القول بان هذا الاسبوع كان صعبا بشكل خاص على رايس.

وقال مكورماك "في مجال عملي هذا عشت حقا بعض الاسابيع السيئة. اسبوع الحادي عشر من سبتمبر كان أسبوعا سيئا. لكن ما حدث الاسبوع الماضي هو امر معتاد في السياسة الخارجية انه الامر المعتاد في واشنطن."

ومن جانبه سجل كارلوس باسكوال مدير دراسات السياسات الخارجية في معهد بروكينجز بعض النقاط لصالح الادارة الامريكية لحفاظها على التحالف للتعامل مع كوريا الشمالية وايران التي تتهمها واشنطن بتطوير أسلحة نووية.

وقال باسكوال "حين تتعامل مع أطراف مارقة مثل كوريا الشمالية لا تنتظر منها ان تنفذ ما التزمت به. عليك ان تعمل في صمت لتعود وتسترد مركزك".

ويقول دوبينز من مؤسسة راند عن اداء رايس "من السابق لاوانه القول بان السياسة ازاء كوريا الشمالية فشلت...او انها (رايس) لن تصل الى شيء في الشرق الاوسط او ان مداخلتها فيما يتعلق بايران هي لعبة غير محسوبة. لن أخلص الى نتائج لكني سأقول فقط انه نظرا لاوراق اللعب الضعيفة التي في يدها فان فرص النجاح أمامها وقت طويل." رويترز