الحق أولاً

> عبدالقوي الأشول:

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
السفسطائي (ثراسيماخوس) عند محاورته لأفلاطون قال صائحاً:«القوة هي الحق» عبارة ربما تبعدنا عن مقولة أكثر واقعية «الحق هو القوة».

إلا أن إحلال الحق في أحيان كثيرة أمر متعذر ما يجعل القوة تتقدم الحق، في عالم قلما نجد فيه التسليم بأمر الحق.. أكان ذلك على الصعيد الشخصي في علاقات البشر ببعضهم أم على صعيد المعاملات بين الدول حيث نرى القوة تتقدم ما سواها من حقائق وبراهين تدل بوضوح على الحق. وإمساك الضعفاء بزمام الحق أمام منطق القوة غير ذي جدوى، ما يشير بجلاء إلى سفسطائية واضحة المعالم والدلالات.

إلا أن طريق القوة يبدو عقيماً إذا ما قيس من زاوية قدرتنا على إظهار مطالبنا ومناقبنا الإنسانية وحضارتنا الاجتماعية.

فحين نمعن في ظلم الآخرين ومصادرة حقوقهم المشروعة فإننا بذلك نلغي ثقة العامة بما نعلن عما لدينا من قيم وعدالة ونيات حسنة.

باعث استغراقي عند المقولة السالفة .. هو ما بذلته القيادة السياسية في بلادنا وعلى رأسها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح من جهود في سبيل خلق مناخات مناسبة أمام الاستثمارات سواء المحلية أم العربية أم الأجنبية باعتبارها شكلاً رئيساً من ممكنات النمو الاقتصادي.

ولعل آخر حصيلة لهذه الجهود الوطنية والمسؤولة ما تمخضت عنه نتائج مؤتمر الفرص الاستثمارية الذي استضافته العاصمة اليمنية صنعاء .. وتلخصت بواكيره المشجعة بإعلان عدد من أصحاب الاستثمارات الحقيقية عن إقامة مشاريع ضخمة في بلادنا. إلا أن ما تلخص عن ذلك المؤتمر الناجح لا يعد بأي حال مقياساً لمواصلة النجاحات في الفترات القادمة دون إجراءات إصلاحية حقيقية فيما يتعلق بجانب التعاطي مع الاستثمارات و إزالة العراقيل الكثيرة التي كانت وراء إخفاقات الفترة الزمنية الماضية.. وبمعنى أدق فإن التعاطي مع المسألة بآلية الأجندة السابقة سيعيدنا إلى مربع البدايات الأولى وربما بنتائج أكثر مأساوية.. أي أن تكرار الإخفاقات يفقدنا ثقة الآخرين بنا، مما يجعل من الصعوبة بعد ذلك الحديث عن عزمنا وحرصنا على معالجة الأمور بمقولات جرى تكرارها لأعوام مضت.

فإذا كان الحق يتقدم على غيره في طرق عملنا .. فإنه من العدل إنصاف أصحاب المظالم من الفترة السابقة كون هذا النموذج بما يعلن عنه من مظالم يلغي قدراً هائلاً من حجم مصداقيتنا.

ثم إن عملية الإصلاح على هذا الصعيد ينبغي لها أن تأخذ منحى المسؤولية الوطنية أولاً ثم الحزم، ومبدأ عدم الاستثناء خصوصاً لمن اعتبروا أنفسهم في الفترة الماضية أول من ينبغي أن تصب الاستثمارات في خدمتهم عبر طرق ابتزازية ومفاضلات غريبة أدت في مجملها إلى قتل مبدأ تنوع الفرص الاستثمارية، الشرط الذي لو تحقق.. لولد تقدماً ملحوظاً في التنمية.

إذن نحن أمام مفارقة تذكرنا بالمثل القائل:«مكسر غلب مئة مدار» فالمجهود الضخم تفسده نماذج سلوكية استعلائية لا تؤمن بمبدأ الحق بل لا يؤمن أصحابها بحق الآخرين في العيش، لان مبدأهم «أنا ومن بعدي الطوفان».

فمما لا شك فيه أن بلدنا بكر وإمكاناتها الاستثمارية واسعة .. ولا يحتاج الأمر إلى التركيز على مبدأ الترويج لأن الرأسمال ذكي يسعى بذاته نحو الفرص الأفضل.

وتحقيق طفرة في مجال الاستثمار ممكن ولكن بمعزل عن سلوكيات الأمس المنفرة.. فهل نحن فاعلون ؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى