نقد الذات والموازنات والضغط لاستعادة مقر اتحاد الفنانين .. الاحتفال بيوم المسرح في ندوة تقييمية للأعمال المسرحية في المهرجان الثالث

> «الأيام» مصطفى غيلان:

> نظم اتحاد الأدباء والكتاب فرع عدن في إطار الاحتفاء بيوم المسرح اليمني يوم الثلاثاء الماضي ندوة تقييمية لواقع المسرح والعروض التي قدمت في المهرجان الثالث للمسرح المقام في عدن شارك فيها عدد من المسرحيين. وفي كلمة الافتتاح قال رئيس فرع الاتحاد بعدن مبارك سالمين: «أرحب بهذا الحشد وبالمشاركين في هذه الفعالية المكرسة لتناول الظواهر المسرحية في عدن وواقع المسرح لتقييم العروض المقدمة للمهرجان في هذه الأمسية التي انتظرناها طويلا، لأنها تشكل وقفة نقدية فيها استجلاء للرؤى واستقراء ما يعتمل في الحياة وما ينفذ في المسرح». مشيرا إلى أن الندوة تدخل في النسق الثقافي العام فهي لا تكرس مظهرا احتفاليا بيوم ومهرجان المسرح بقدر ما تمثل تواصلا لأجيال ومدارس فنية أصّلت لحركة هذا الفن الإنساني في همومه وطموحاته.

وتابع: «المسرح اليوم ينظر إليه في إطار الثقافة أنه إرث البشرية وأبو الفنون، كان هدف التحضير لهذه الأمسية استضافة أصحاب الشأن المسرحي لتقييم المهرجان تنظيما وإعدادا وعروضا». مختتما بأن سكرتارية الفرع تتمنى أن تكون هذه الليلة أول محطة لتدارس وبحث ما يعيب الأداء والآليات والتنظيم والأعمال، وأن يتركز النقاش حول محورين، الأول تناول واقع المسرح، والآخر الأعمال المقدمة للمهرجان الثالث والتجارب ومراحل إعداد مهرجانات الاحتفالية بهذا اليوم العالمي.

ثم تحدث فؤاد هويدي، الممثل المعروف مظهرا في سياق حديثه من العروض ما له حكم الإبراز رغم فقر الديكور، إلا أنه أوضح «إننا قدمنا أنفسنا كما نريد لا كما يريد الآخرون على مسرح هريكن ومازال لتلك العروض صدى» مبديا استغرابه من عدم التخطيط لما يسمى مهرجان وما رافق التحضير له من عشوائية وتغليب الروح الذاتية في التنظيم، على الرغم من إشادته بالجهود المبادرة التي استطاعت أن توجد أشكالا للتنظيم والتعاون والتوازن بين الجهود المشاركة في إحياء الاحتفالية والتعاطي مع الحدث والواجب التكاملي، منتقدا اللجنة الإشرافية ولجنة التجهيزات في عدم منح المخرج الموازنة التشغيلية المخصصة لتنفيذ العمل الممسرح، مفسرا رداءة العروض بعاملين: أولا الضغط على المخرج في الوقت لأن الزمن المتاح في ظل غياب التخطيط أربك المخرج وهو بحاجة إلى سعة من الزمن المنفق على العمل، والآخر مرتبط بالإنفاق المالي على المشاركين. وانتقد الموازنات التقديرية «لو قدر حجم الإنفاق كل مسرحية بموجب خطة احتياجات المخرج للديكور والملابس والاكسسوارات لكان هذا المظهر الفعلي تجاوز الاحتفائية إلى إبداعات مسرحية لأن الشيء يعرف بضده» مخاطبا الحضور: «لماذا هذا الإرباك كان سائدا في كل الأعمال؟ لماذا التجهيزات غير متوازنة؟ لماذا نريد جودة في هذا الفن ولا ترصد إمكانات لتدعيم وخلق محفزات للفعل المسرحي؟». واستطرد: «وعلى أساس هذا الفقر في الإنفاق تكرر الديكور في الأنشطة المسرحية وكانت قلة التجهيزات للعروض قد أربكت طاقم التمثيل بل وتكرر الديكور لأكثر من عمل.. نحن لا نقلل من جهود اللجان المشكلة كما أننا لا نطالب بإنفاق مضخم بل الأمر يتطلب نوعا من التقدير الكمي للتجهيزات والإنفاق حتى يكون ما هو موضوعي دائما لا معرقلا، فالبساطة في الإنفاق تفرضها وتقدره الجان وكذلك ضخامة الإنفاق، هذا إذا أردنا المهرجان المقام أن تكون له صفة جماهيرية، وإذا كان الهدف المرجو خلق جمهور للمسرح الذي في نظري كان في سينما هريكن مقبلا على التراجيديا والكوميديا، فعلينا أن نعمل على إبقاء الحضور الدائم مع الجمهور لا الحضور الموسمي السنوي المكرس للاحتفاء باليوم العالمي للمسرح».

وأعقبه هاشم السيد، رئيس نقابة المهن التمثيلية بعدن، مستهلا بالتركيز على الأدوات المركزية في التحكم وفي تسيير الأنشطة المسرحية، موضحاً أن العطب البنيوي والاختلالات أساسها الأدوات وجهاز الثقافة بأطره ومستوياته، والأولى بالنسبة للمسرح هو التخطيط وهذا منعدم إلا من أوجه غير ناضجة، مضيفا «كان تقليدا في المهرجانات السابقة أن يخصص للجنة الإشرافية ما يقدر بمليونين تقريبا ويرصد لكل مخرج حوالي 200 - 300 ألف كما أتذكر، لكن الآن وفي هذا المهرجان استجدت بدعة مالية مخالفة لما كان سائدا وهي أن يجرد المخرج من ميزانيته، وكان من المفترض أن يضع كل مخرج مشارك خطة التصورات والموازنة أو قل الميزانية التقديرية وتقيم هذه التصورات وخطة الاحتياجات ثم ترصد المخصصات بما يناسب ما هو ضروري». مستطردا أن هذا هو الخلل فإذا كان قدر للممثل 15 ألف ريال فإن المنحة المالية هي التي أسهمت في إفقار الديكورات بل والعمل بمبدأ الاقتصاد في الإنتاج المضني المهلك لما نريد ونطمح من أداء وإخراج بوجود لجنة تجهيزات على اطلاع، والحال في المهرجان الأول حسب طرحه أفضل وقد قدم فيه الكلاسيك والظواهر المسرحية، وفي المهرجان الثاني كانت ألاعمال إلى حد ما تليق بتاريخ المسرح، أما في هذا المهرجان فضاعت الأعمال التي تعطي للإرث المسرحي قيمته وما أسهم في ضعف جودة النصوص هو تجاهل تحكيم هذه النصوص، مذكرا «أنه في المهرجان الثاني شكلت لجنة لإجازة النصوص من القاص عبدالرحمن عبدالخالق والشاعر شوقي شفيق، فلماذا غُيب دور هذه اللجنة؟..إن المطلع على النصوص التي قدمت إلى هذا المهرجان يرى أنها لا تليق حتما بتاريخ المسرح ولا بتاريخ هذه المحافظة، وإذا أردنا مهرجانا لليمن علينا أن ندرس مراحل وطرق وأساليب عقد هذه المهرجانات بالضوابط والأسس المطلوبة»، منتقدا «والآن من يتحمل مسؤولية هذا الانحدار في المسرح نصوصا وأداء؟ هل نقول كل الممثلين والمثقفين أم اللجان المشكلة؟ يا إخوة الجمهور يريد أعمالا على الخشبة، أوضح لكم هنا لعبة الحاوي ولعبة المناقلة لوضع في المكتب التنفيذي، علمت باعتماد لترميم مسرح حافون بـ 22 مليون و600 ألف ريال، هذا إذاأسعفتني الذاكرة في استحضار الرقم بدقة لكن بلعبة المناقلات المالية لم ندر ما مصير المال المرصود ، ويشاع إقامة مجمع ثقافي في أرضية المملاح أو أرضية المستقبل ومازال مقر الاتحاد في استئثار به وتصرف». مختتما مشاركته بالإشادة باللجنة الاعلامية ودور أحمد عبدالله سعد في مواكبة هذا الحدث صحفيا بتغطيته بـ 42 مقالا ولقاءات مكرسة أثناء البروفات وأثناء العروض، لكنه لفت الانتباه إلى غياب تواصل المتابعات والرصد صحفيا وتلفزيونيا وإذاعياً يرافق هذه الحملة إعلان مصور، إضافة إلى ما أقيم من ملصقات «وعلينا أن نغطي هذا الإنفاق بعائد مالي، لا نطالب المحافظ بتأجير سينما هريكن بـ 15 ألف ريال والمبلغ هذا داعم وليس مقابل تأجير حقيقي، إننا لا نريد ترفا في الديكور ولا إنفاقا غير مبرر إنما نريد من وزير الثقافة تصميم برامج استراتيجية لتحديد الأهداف المرجوة».

ثم تلاه الممثل قاسم عمر، رئيس لجنة التجهيزات الذي قال: «إن الأصل هو الإبداع الحقيقي أما المال فهو عنصر موظف ويمكن ان يهدر» وأضاف: «في المهرجان الأول في الذكرى المئوية قدمت أعمال يمنية ومحلية وعالمية وفي الثاني قدمت 6 مسرحيات كما أذكر لكتاب يمنيين وفي المهرجان الثالث قدمت أعمال بنفس الأسلوب، أنا مخرج ورئيس لجنة التجهيزات ونحن لم نكن في وضع شبهة وإنما هي ظروف موضوعية متحكمة في الإنفاق والرصد للموازنات، والسؤال لماذا لم نعمل على قاعدة التعاطي والقبول لتصورات المخرج؟ والمبرر أن المخرجين تأخروا عن تقديم هذه التصورات ومن المفترض تقديمها قبل إجراء البروفات أو التمارين المسرحية ». مضيفاً: «إذا أصررنا على المرصود فهو لا يسمح إلا بست مسرحيات وقدمنا 9 ، أي تجاوزنا المخطط المرسوم لنا في التقديرات المالية وهذا يعني إضافة مال لهذا التوسع، إضافة إلى أننا في اللجان لم نتسبب في سحب موازنات للمخرجين فهم الذين لم يسرع بهم الواجب في التبكير بتقديم التصورات، وأنا شخصيا قد أنفقت من مالي الخاص». واستطرد: «ما يحزنني كثيرا هذا التباكي على المال، صحيح أن الجودة في الفن تتحكم بها عناصر المال والإخراج والنص والأداء لكن يمكن في ظل قلة المال الموظف تقديم مسرح عالي الجودة ولا أقلل من دور العوامل الموضوعية لكنها في الحكم الأخير غير مقدمة على العامل الذاتي».

وأكد للحضور أن حجم الإنفاق تزايد من 300 ألف ريال إلى 600 ألف ريال للمسرحية بدءا بالمهرجان الأول حتى المهرجان الثاني «وفي المهرجان الثالث الوضع صار الآن مفسرا لكم لهذا حدثت العثرات التي أربكت الممثلين لما حدث من خلل في التجهيزات، فالقاعة احيانا تكون غير مجهزة أولاً لشغل المنصة لعروض متتالية دون استعدادات وتنظيم ، والتقصير جماعي»، معاتبا الحضور بتجاوز حالة التباكي في كل ندوة والتركيز على تقويم العروض وتقديمهم الفن على المال، مستغربا من غياب الفرق الأهلية وفرقة أكتوبر وفرقة التحديث والطليعي، مؤكداً على الحضور الإبداعي لفرقة خليج عدن «التي تشغل بطاقات وملكات المبدع عمرو جمال الذي حتما سيشكل ظاهرة إبداعية ورقما إبداعيا في تاريخ المسرح اليمني بما قدم من مسرحيات نالت قبول الجمهور واستحسان الأدباء والكتاب .. الحديث عن أزمة المسرح وارد وهذه الأزمة معللة ، أما وضع الاستراتيجيات ورسم الخطط ومصفوفات النظم والموازنات وكفاءة البرامج التدريبية والدورات فأمر متروك ومتعلق بوزير الثقافة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى