رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> الولادة والنشأة .. أرض لحج السهلية الجميلة التي تطرب لكل نغمة جميلة ويتفاعل أهلها برقص معين يتناسب مع تلك النغمة الجملية في أي بلدة أو قرية من قراها الطيبة ويزيد عددها على 52 بلدة وقرية حصرها الراحل الكبير أحمد فضل القمندان في كتابه المرجعي بدائع الزمن ومنها الحوطة حاضرة السلطنة اللحجية العبدلية والوهط والحمراء وصبر والمحلة والفيوش وبير فضل وسفيان والمجحمة ومقيبرة وبيت عياض وهران ديان وبير ناصر والشقعة وزايدة والخداد والقريشي والثعلب والشظيف وعبر لسلوم وغيرها.

الفنان حسن محمد إبراهيم عطاء الله (حسن عطا) من مواليد عام 1935م في حارة الشيخ سعيد إحدى حواري الحوطة حاضرة السلطنة العبدلية اللحجية، في بيئة عبقت برياحين الفن فعمه عبدالكريم عطا (والد الموسيقي المتألق محسن عبدالكريم عطا) كان صاحب صوت غنائي رخيم وممثلا مسرحيا مبدعا أتحف سكان لحج بعروض مسرحية محلية وعربية وتاريخية، ومن أفراد الاسرة المسكونين في الفن شقيقه إبراهيم العازف على آلة العود.

تلقى الفنان حسن عطا تعليمه الابتدائي وشطرا من تعليمه الثانوي في المدرسة المحسنية الطيبة الذكر بحوطة لحج على أيدي مدرسين محليين منهم صالح دباء وعبدالله هادي سبيت ومحمد حسن أفندي وحسين منيعم وصالح بامعافى وفضل عوزر ومحمد سعيد سبيت وعلى أيدي مدرسين مصريين منهم الأستاذ حسن زكريا (ناظر المدرسة) وزكي غانم ومحمد علي وصلاح الدين (مدرس الرسم) ومحمد عبدالجواد البنداري وزكريا عبدالمطلب (أستاذ الفن التشكيلي) شقيق راحل الفن محمد عبدالمطلب، الذي أطرب العرب من خليجهم إلى محيطهم بمواويله.

التربوي المصري (أبو الفتح) يدفع بحسن عطا

التحق الفنان حسن عطا بسلك التدريس في المدرسة الجعفرية في منطقة الوهط عام 1950م، وكان الفضل لله ثم من بعده للأستاذ محمد عبدالسلام (أبو الفتح) أحد أعضاء البعثة المصرية في اختيار حسن عطا للعمل مدرسا في المدرسة الجعفرية الذي وضعه على قدميه في أول الطريق. انتقل حسن عطا بعد ذلك إلى المدرسة المحسنية عام 1952م وكان من زملائه في المحسنية الأساتذة: عبدالله محمد عبدالقيوم وعبدالله باسويد وسالم غالب.

ظهرت ملكة التلحين عند الأستاذ حسن عطا في بواكير شبابه وكان في ربيعه السابع عشر، ففي عام 1954م قدم له زميله الأستاذ عبدالله عبدالقيوم قصيدة من كتاب سوري قديم وصل المدرسة عبر البعثة المصرية، حيث قام بتلحينها وتقديمها مع طلبة المدرسة المحسنية وجاء في مطلع ذلك القصيدة الكشفية:

كشاف يا وجه العلا

وخفقة للعلم

كن للبلاد الأمل

والسيف والقلم

وفي العام 1955م قام الأستاذ حسن عطا بتلحين قصيدة مصرية من كتاب مصري قديم جاء في مطلعها:

إلى الجهاد زحفنا

أسد العروبة جمعنا

الله حقق نصرنا

فلتخضع الدنيا لنا

فلتخضع الدنيا لنا

وفي نفس العام لحن قصيدة للمغفور له الأستاذ محمد حسن أفندي أداها طلبة المدرسة المحسنية وعنوانها (نشيد الجهاد) جاء في مطلعها:

إنا رمز للجدود

أنا شبل للأسود

عشت من أجل بلادي

هي قصدي ومرادي

وفي العام 1956م قام بتلحين قصيدة (بلادي حماك إله السماء) أداها طلبة المدرسة المحسنية وهي للمغفور له الأستاذ سالم زين عدس ومطلعها:

بلادي حماك إله السماء

بجيش وشعب وحامي الحمى

الجزائر تجمع بين حسن عطا ونصيب وسبيت

بدأ الأستاذ حسن عطا مشواره الفني الرسمي عام 1956م وذلك عندما غنى (أخي في الجزائر يا عربي) من كلمات الشاعر صالح نصيب وألحان محسن أحمد مهدي وقدم في نفس العام أغنية (لم ننسها أرض الجزائر) من كلمات عبدالله هادي سبيت وألحان محسن بن علي بن أحمد منصر.

كما شهد العام 1956م باكورة الأغاني العاطفية لحسن عطا وكانت أغنية (حالتي ترحم) للمغفور له علي عوض مغلس والتي قدمها بصوته في عدة حفلات وقام بتسجيلها لإذاعة عدن عام 1958م والتي سجلها مع رائعة (تناساني) التي كتبها له الراحل الكبير عبدالله هادي سبيت ولحنها راحل كبير آخر وهو محسن أحمد مهدي، رحمهما الله.

حسن عطا في معرض الشعراء

تكاملت رسالة الأستاذ الفنان حسن عطا الفنية بتعاون ثنائي مع عدد من الشعراء الذين رفدوه بالعديد من القصائد وفق الفرز التالي: 1- علي عوض مغلس وقدم له:

حالتي ترحم، توبتي بس بحلي، أمان من نهدك، تناسوني وباعوني، صاحب الشعر المنعثر، لله در العبدلي، غن يا شعب اليمن. 2- عبدالله هادي سبيت: تناساني وانا مانساه، لم ننسها أرض الجزائر، نشيد الوحدة (ومن ألحانه أيضا)3- محمود علي السلامي: يا ساكنة مهجتي، يحسبوني الناس مرتاح.4- صالح نصيب: أخي في الجزائر يا عربي، قل لذي الاوجان، نشيد العمال، يا أخي ساهم، يا قلبي، باسم هذا التراب، باهجرك، تبكيني وتسألن، نشيد الانتصار، يا جراح القلب، عرفتك، نحميك يا أرض الجنوب، من أجل الكرامة، أنشودة الاستقلال، عيد العمال.5- حسين عبدالباري: يا محلا ذا الجميل ماحلاه، ما بين العهود، منقب صدفة لاقيته، توب واقنع واهجره.6- صالح أحمد صالح شهاب : (يا ناسي حبيبك). 7- أحمد سيف ثابت: (سلام للسلال والبطل ناصر، حيوا معي شعب اليمن، أغنية التلفون). 8- محمد حسن افندي: (نشيد الجهاد). 9- سالم زين عدس (بلادي حماك إله السماء). 10- أحمد حسين المروني ( كلنا إخوة). 11- سعيد الشيباني (وعالمين). 12- أحمد صالح عيسى (يا جيشنا). 13- عوض الحامد (يا يمن يا خالدة). 14- حمود نعمان (يا شهيد الحق). 15- فيصل عباد (خائف من الحب خائف).

جدير بالذكر أن الفنان حسن عطا قام بكتابة كلمات سبع من أغانيه ويلاحظ من العرض المقدم أنه استحق بجدارة لقب(بطل الأناشيد).

الأمير عبده عبدالكريم يشهد على ازدهار الفن في عهد السلطان علي عبدالكريم

كانت المدرسة المحسنية عبارة عن خلية نحل يتمخض عن نشاطها إنتاج أقراص الشهد (العسل) مع نهاية كل عام دراسي ويتمتع أولياء أمور الطلاب وبمعيتهم أولادهم بمشاهدة معرض شامل يضم أعمالا فنية ورياضة وثقافية للطلاب بقيادة الأستاذ عبدالجواد البنداري، الذي عشق لحج وتزوج منها وجرت العادة أن يقدم راعي الحفل جلالة سلطان لحج الجوائز للطلبة المبرزين.

أخبرني الراحل الكبير الأمير عبده عبدالكريم أن فترة السلطان علي عبدالكريم أطال الله عمره ومتعه بالصحة سواء عندما كان رئيسا للمديرين (رئيس الوزراء) أو سلطاناً كانت فترة ذهبية ازدهر خلالها الفن لأن السلطان علي عبدالكريم كان مثقفا وذواقا للموسيقى (راجع حلقة رجال الذاكرة: الأمير عبده عبدالكريم- 6 أبريل 2003م).

حسن عطا مسرحيا

برزت ملكة حسن عطا المسرحية مع فرقة المسرح الشعبية في سبعينات القرن الماضي في عدد من الأعمال أبرزها:

- مسرحية (الزواج مسئولية) مؤلفا ومخرج، مسرحة (يونيو والتاريخ) تأليف محمد أحمد كرد وإخراج حسن عطا، مسرحية (الحصاد) تأليف عبدالرحمن الملاحي وساعد حسن عطا في إخراجها، مسرحية (في سبيل التاج) لمصطفى لطفي المنفلوطي وساعد حسن عطا في إخراجها، مسرحية (عبدالرحمن الناصر) ساعد في إخراجها حسن عطا.

حسن عطا رياضيا

كان الطالب حسن عطا في المدرسة المحسنية سريعا في الجري ولذلك كان أحد المتألقين في ألعاب القوى إضافة إلى لعبة كرة القدم ضمن النشاطات اللا صفية في فرق المدرسة أو أسرها: أسرة خالد بن الوليد وأسرة ابي عبيدة وأسرة طارق بن زياد وأسرة صلاح الدين.

أعجب حسن عطا بسابقيه من لاعبي كرة القدم أمثال:

عبدالله علي الجفري ومحمد الزحم والسرحاني وعنبر ياقوت وعبدالكريم عطا رحمهم الله جميعا. التحق حسن عطا بفريق المستقبل وتفنن في مركز الجناح الأيمن وكان متميزا بالسرعة وتوقف عن اللعب بعد إصابته في الركبة إلا أن علاقته بالرياضة لم تتوقف.

في الام 1980م تولي رئاسة نادي الشرارة الرياضي وتم تكريمه في الاحتفال بيوم الرياضيين في 14 يوليو 1981م، حيث منح الميدالية الذهبية.

وفي العام 1980م نجح حسن عطا في انتخابات المجلس المحلي في محافظة لحج وانتخب عضوا في المكتب التنفيذي للمحافظة وأصبح مديرا عاما لمكتب الثقافة والسياحة والرياضة في محافظة لحج.

حسن عطا تربويا

انتقل حسن عطا من الإدارة المدرسية (مدرسة الثورة، مدرسة الشقعة، مدرسة المجعلي) إلى عمادة دار المعلمين عام 1975م وأسندت له تأسيس الدار فكان في بداية الأمر ينتقل مع طلبته بين ثانوية 13 اغسطس ومدرسة البروليتاريا، إلا أنه اقتحم مع طلبته المبنى الخاص بتعليم البوليتكنيك مؤسسا فيه دار المعلمين في العام الدراسي 78/1979م.

بناء على طلبة وإصراره، صدر قرار بنقل الأستاذ حسن عطا إلى إدارة التربية والتعليم بلحج مساعدا لمدير التفتيش وظل في ذلك المنصب حتى تقاعده عام 1990م مع قيام دولة الوحدة.

حسن عطا في مراكز أخرى

تحمل الأستاذ حسن عطا مسؤولية الشؤون الاجتماعية في منظمة لجان الدفاع الشعبي بمحافظة لحج وتحمل مسؤولية الشؤون الإدارية في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بلحج مند عام 1994م لدروتين كاملتين حتى عام 2002م بعد ما اقعده المرض.

حسن عطا والتكريم الجماهيري

أقدم اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع محافظة لحج ممثلا بالأستاذ علي حسن جعفر السقاف، رئيس الاتحاد رئيس منتدى تبن الثقافي على إجراء تاريخي بتكريم بطل الأناشيد الأستاذ حسن عطا يوم الاثنين 19 مارس 2007م وأصدر كراسه الجميل الموسوم (الأستاذ حسن عطا ..نهر العطاء الدائم) الذي شمل بين غلافيه 132 صفحة وهو كراس قيم استندت إليه في إعداد هذه المادة. كما كرمت بعض المنتديات الأستاذ حسن عطا منها جمعية تنمية الموروث الشعبي ومكتب الثقافة بمديرية المنصورة ومنتدى باهيصمي بمديرية المنصورة في محافظة عدن. الأستاذ حس عطا متزوج وله ولدان:1- جميل، دبلوم اجتماعيات (كلية التربية - صبر). 2- عبدالحليم، بكالوريوس زراعة - كلية ناصر للعلوم الزراعية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى