السبت, 03 مايو 2025
221
جدلية العلاقة بين الحكومة والرئاسة إشكالية قائمة في النظام الرئاسي عامة وفي النظام اليمني خاصة.
خلال فترة هذه الحرب الطويلة ترأس الحكومة اليمنية "الشرعية" أربعة أشخاص هم: خالد بحاح، د. أحمد عبيد بن دغر، د. معين عبدالملك وأخيرا د. أحمد عوض بن مبارك، وتم إجراء تعديلات أو تغييرات وزارية عديدة شملت تقريبا كل الحقائب الوزارية.
تولى خالد بحاح رئاسة الحكومة التي سميت حكومة الوحدة الوطنية في 7 نوفمبر 2014 بعد "اتفاق السلم والشراكة" عقب سيطرة الحوثيين على صنعاء تحت يافطة "انتفاضة شعبية" لإصلاح مسار ثورة 11 فبراير 2011.
وبعد انقلاب الحوثيين على الرئيس هادي ووضعه هو ورئيس الحكومة بحاح في 21 يناير 2015 تحت الإقامة الجبرية، ظل المجتمع الدولي يعترف ويتعامل مع حكومة بحاح الذي أضيف إليه منصب نائب الرئيس هادي في 12 أبريل 2015م.
من باب الإنصاف لابد من القول إن خالد بحاح كان الأكثر قدرة على إدارة الحكومة في تلك المرحلة الصعبة التي تعرض خلالها للإقامة الجبرية في صنعاء ومن ثم أكثر من محاولة اغتيال في عدن، لكن حزب الإصلاح حاول مرارا تعطيل جهود حكومة بحاح الرامية إلى استتباب الأمن والاستقرار ومواجهة تحديات أوضاع الخدمات والمرتبات والتعامل المرن والواقعي مع الملف الجنوبي، وتم افتعال خلافات توجت بأزمة بين بحاح وهادي حد إصرار الأخير على إقالة بحاح (يا أنا يا هو).
ثم تولى رئاسة الحكومة د. أحمد عبيد بن دغر في 4 أبريل 2016م.
تمكن بن دغر المعروف ببراجماتيته الانتهازية من كسب ثقة كل من الرئيس هادي وحاشيته وأحزاب وقوى الشمال وكذلك التحالف، لكنه فشل فشلا ذريعا في التعامل مع الملف الجنوبي وفي ملفي الخدمات والمرتبات.
شهدت فترته فسادا ماليا وإداريا واسعا وتدهورا مريعا في وضع الخدمات والمرتبات في الجنوب. كان عهده فترة صراعات وأزمات مع المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الجنوبية وشعب الجنوب كله حتى تمت إقالته بقرار جمهوري من الرئيس هادي مع إحالته للتحقيق بتاريخ 16 أكتوبر 2018.
تولى د. معين عبدالملك رئاسة الحكومة مرتين عقب إقالة بن دغر حتى تعيين د. أحمد عوض بن مبارك خلفا لمعين في 5 فبراير 2024م.
حكومة معين هي الأخرى لم تستطع إحداث أي تحسن في أوضاع الخدمات والمرتبات، وتضخم في عهدها ملفا الفساد والفشل إلى مستويات لا تطاق.
أما رئاسة بن مبارك للحكومة، فعلى الرغم من بداياتها المبشرة إلا أنها اصطدمت بعدم رضى الجانب الشمالي في مجلس القيادة وعلى رأسه العليمي.
وكشرت رموز الفساد أنيابها بمجرد بدء محاولات بن مبارك الاقتراب من عش الدبابير.
ويبدو أن العلاقة بين رئيس الحكومة ورئيس مجلس القيادة قد وصلت إلى طريق مسدود ويكاد الصراع أن يحسم لصالح العليمي.
قد يذهب بن مبارك ويأتي غيره، لكن هل سيكون لتغيير كهذا أي تأثير إيجابي على أوضاع ما تسمى المناطق المحررة ومسار الحرب والسلام؟
حتى من باب التفاؤل من الصعب الإجابة بنعم.
إذ إن الأزمة ليست فقط في شخص أو موقع رئيس الحكومة، بل في منظومة الحكم كلها وفي السياسة المتبعة من قبل الرباعية والشرعية وغياب النزاهة والشفافية أولا وأخيرا.