الأحد, 04 مايو 2025
1,093
لم يكن خطاب الاستقالة الذي قدمه رئيس الوزراء اليمني د. أحمد عوض بن مبارك سوى رأس جبل الجليد في أزمة سياسية متفاقمة، تتجاوز الشخص لتصل إلى قلب هيكل السلطة. فالوثيقة التي كشفت عن تقييد صلاحياته وعجزه عن إجراء تعديل وزاري، طرحت سؤالًا محوريًا: هل استقال الرجل أم أُجبر على الاستقالة بفعل منظومة فقدت توازنها؟
خلف هذا المشهد، تتعالى أصوات الشارع. حملة إلكترونية وشعبية واسعة، قادها ناشطون وإعلاميون، طالبت بإقالة الحكومة كاملة لا مجرد استقالة رئيسها، هذه الحملة لم تكن محض رد فعل عاطفي، بل نتيجة لتدهور اقتصادي ومعيشي بلغ ذروته: انهيار الخدمات، تفاقم أزمة الكهرباء، وتدهور العملة، كل ذلك جعل من الحكومة خصمًا مشتركًا للناس.
لكنّ من الخطأ اختزال الفشل في شخص بن مبارك، فالحكومة ككل تحوّلت إلى مظلة للشلل المؤسسي، وأداتها التنفيذية تآكلت بفعل المحاصصة، والفساد، والتجاذبات داخل المجلس الرئاسي نفسه، والذي بدا ككيان يتنازع داخله القرار، أكثر من كونه سلطة موحّدة.
المجلس الانتقالي الجنوبي – شريك المجلس الرئاسي – يجد نفسه اليوم أمام لحظة دقيقة، فهو جزء من السلطة، لكنه مطالب بتمثيل الشارع الجنوبي الغاضب، لا سيما في عدن التي تعيش انفجارًا صامتًا قد لا يظل كذلك طويلًا -حتى الآن- التزم الانتقالي الحذر، لكنه تحت ضغط متصاعد من قواعده الشعبية.
المجلس الرئاسي نفسه يبدو في مفترق طرق: إما المضي نحو تعديل حكومي عميق يعيد الثقة، أو مواجهة عاصفة احتجاجات شعبية قد تتجاوز سقف المطالب، فكل يوم يمر دون تغيير يُعمّق الفجوة بين السلطة والناس.
في هذا التوقيت الدقيق، تبدو استقالة بن مبارك بمثابة دق ناقوس الخطر: فإما أن يكون سقوطًا لشخص، أو مقدمة لانهيار ما تبقى من ثقة بين المواطن والدولة، وبين الغضب الشعبي وتآكل القرار، يبقى السؤال معلقًا: من التالي؟