شعراء الشحر والبعث الثقافي الجديد

> «الأيام» عمر عوض خريص:

> سعاد الزبينة(كما يطلق عليها أهلها) أو مدينة الشحر، المدينة المدللة الفارهة بالعشق والفن والسكون، المثقلة بالتراكمات التاريخية والتراثية والثقافية، هذه المدينة المشهورة بنبوغ أبنائها وتميزهم ولطف أهلها وبساطتهم تعلن تمردها هذه الأيام على الدعة والسكون، وتبدأ حركتها التصاعدية إلى آفاق رحبة، تتوق إلى ارتيادها همم أبنائهـا ولهم في روادهـم أسوة حسنة، فشمروا عن سواعد الجد وحزموا أمرهم، ومضوا على أمر قد رسموه بروية.

ومثلما كان شعراء اليمن هم قواد التغيير وصناع الثورات، يتقلد شعراء الشحر هذه الأيام عملية الإحياء الجديدة في مدينتهم ويناضلون من أجل بعث ثقافي جديد يحمل مشعل الريادة ويتقدم الركب، ومما يثلج الصدر استجابة الكثير من المثقفين وأبناء البلد الخيرين لهذه النداءات المشروعة والمطلوبة، فهبوا يقيمون المنتديات والجمعيات والمحافل العلمية والأدبية، وسوف تعلن عن نفسها قريباً بعض الجمعيات والمنتديات منها على سبيل المثال:

1- جمعية أبناء الشحر للثقافة والتراث.

2- منتدى الزبينة الثقافي الاجتماعي .

3- منتدى الشحر الثقافي.

4- موقع مدينة الشحر الالكتروني www.alsheher.com

وأجزم أن تعدد المنتديات والجمعيات يجعل الحراك الثقافي أكثر نشاطا وأشد فعالية ، خصوصاً إذا وقف على إدارة هذه الجمعيات والمنتديات الأكفياء المخلصون والنزهاء النشطون، فكل السلبيات المحبطة سابقاً في العمل الندوي هي مرفوضة الآن بإجماع المتنورين من أبناء هذا البلد، صدى هذا الحراك حملته أصوات الشعراء وأقلام الكتاب، ففي إصدارين تزهو بهما الشحر وتتباهى صدر العدد (السابع) من «التربوي» النشرة الفصلية التي يصدرها مكتب التربية والتعليم بمديرية الشحر، وهي قيمة وزاخرة بمحتوياتها ويبذل رئيس تحريرها الأستاذ جمال سالم عبدون الكثير من الجهد لخروجها وإبرازها، وهو جهد مشكور عليه ويشكر على استكتابه غير التربويين الذين أضافوا إليها الكثير.

أما الإصدار الثاني فهو مجلة «الرباط» العدد (الخامس) وهي (إسلامية، ثقافية، فكرية، عامة) يصدرها رباط المصطفى للدراسات الإسلامية بالشحر، ويرأس تحريرها أستاذنا محمد سقاف الهدار، الذي ذلل بعزيمته وإصراره الكثير من مصاعب الإعداد والإخراج والطبع، حتى جاء هذا العدد في أحلى حلته وأبهى طلته، ولشاعر الشباب محمد سالم بن داود في هذا العدد قصيدته (الهرم الخامس) نظمها بمناسبة الذكرى السابعة لرحيل الشاعر الكبير حسين أبوبكر المحضار، يقول فيها:

يا موطن الفن يا محراب قبلته

فيك الأغاني صلاة من هوى الشعر

تبكي وتشدو سعاد يوم فارقها

أوفى حبيب لها في اليسر والعسر

في حين أضحت غداة البين حاضنة

صرح القوافي الذي أطمى من البحر

وفي الوقت الذي يتباكى فيه الشاعر ثابت السعدي في قصيدته (سمعون) ومن خلالها يستنهض الهمم، يأتي رجع الصوت من كذا شاعر، يقول ثابت في قصيدته الحمينية:

سمعون وين المنظر الخلاب

منظر لفله فأخره مكتوب

بالقصر هو والسور والنوبه

من بعد ما نجم الثريا غاب

أو بعد ما فارقني المحبوب

وانتي مكانك وسط غيبوبة

وين التراث الزين والألعاب

شي عاد بايتوقف الملعوب

حتى الثقافة فيك ملعوبة

هذه الصرخة الموجعة التي أطلقها الشاعر ثابت، لم تمر مرور الكرام بل تلقفها الشعراء وتفاعلوا مع طرحها ومضمونها فمن بين الشعراء ينبري الشاعر الشيخ سعيد بن صالح العمقي قائلاً في رده:

نادي على الحاضر وكل من غاب

سيب التكهن لم يكن مرغوب

أنته عقلها واترك الغوبة

الزين له عشقه وله رغاب

سمعون وتراثه لبنا مرغوب

ياالله تحقق كل مرغوبه

كل من يجدد ثوبها قد ثاب

فاخر مميز ثوبها من ثوب

بوها بشير الخير من ثوبه

ولعل حدس الشاعر يراهن على قرب البعث الثقافي الجديد الذي ينتظره فطفق يبشر به ويرسم ملامحه. في الوقت نفسه لا يفوت الشاعر جمال عبدالله حميد الفرصة في رثائه للفقيد الأستاذ عبد الله فرج بازرقان فيعرج إلى عرض الحال ويتطلع إلى الآمال التي يرجوها وينشدها لمدينته، فيقول في قصيدته:

بكائيات للمحضار تشهد

بأنه رواية للشعر يقصد

وكم أبيات دونها وأرصد

حفظها للزمن ذكرى وآثار

على فرقة بنيها الشحر تبكي

وللمولى من الإهمال تشكي

وهي لي عنها التاريخ يحكي

وعن أمجادها كم ألف أسفار

عسى نظره بها تبلغ مناها

وتعلو راية الحق في سماها

وزهر العلم ينفح من رباها

وتشوق من بنيها شموس واقمار

نفس التطلعات والأماني العذاب نجدها عند الشاعر الشيخ محمد عبدالله باصالح ففي قصيدته (ذكرى عزيزة) التي ألقاها بمنتدى الخيصة الثقافي بالمكلا في فبراير 2007م يؤكد ويراهن على بزوغ فجر جديد سوف تشهده مدينته، يقول فيها:

كم عودتنا الشحر تنجب من لهم معنى وفن

زحفان وان هو باحسن وسعيد بن عبد المعين

أما الأمل موجود مهما طالت أوقات المحن

بسأل سعاد الشحر هل شي عاد في بطنك جنين

ردت علي أم اليتامي كيه صبر عادك تأن

خل العجل حقك وبتزول الشواغل والأنين

ولم يكن هؤلاء هـم الشعراء فقـط، ولكـن في الطابور الكثير منهم شعراء كبار عرفوا بعطائهم وإبداعهم منهم: محمد الكالف، صالح منصور بانتيش، محمد عبدالقوي، د. عمر الصبان، فرج بن جوهر، عوض بن فاتح، عمر عبدالرحمن، عبدالله حسين العيدروس، صالح النشادي، الكزبري، سالم باشميلة، محمد عبدالله بابعير، صالح باظفاري، وآخرون لم تحضرني أسماؤهم.

نعم إنه البعث الثقافي الجديد الذي ستشهده هذه المديـنة الولادة، وهـذه عـلامات الطلق قد ظهرت للعيان مثل رابعة النهار، ويحق لي أن أزف البشارة إلى الأحباب ليـزدادوا حباً وينتشوا فرحاً وطرباً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى