المهمشون الجامعيون وأصحاب البرزخ ...

> د.عبده يحيى الدباني:

>
د.عبده يحيى الدباني
د.عبده يحيى الدباني
ليست هذه المقالة إلا برقيات خاطفة إلى رئيس الوزراء تنطوي على آهات جامعية مكتومة، إذ لا بد للمصدور من أن ينفث كما يقال .. أول هذه الآهات البرقيات، الأولى صادرة عن قطاع الأساتذة المتقاعدين للتو من الجامعات اليمنية، هذا الرعيل الأصيل الذين جرى تحويلهم إلى التأمينات من غير أمان بحقوق منقوصة ونفوس مكلومة قبل أن يصدر قانون جامعات عادل يضمن حقوق الأحياء والأموات ويرعى خصوصية الجامعات، وامتداداً لهذه الآهة الطويلة فإن الجامعات اليمنية بحاجة إلى من يعزيها على فقدان هذا الرعيل المجرب قبل الأوان، فعظم الله أجر الجامعات، ولا نامت أعين الفاسدين.

أما البرقية الثانية: فهي آهة مكتومة أخرى تنطلق من صدور أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات الذين ما يزالون في الخدمة، فلا علاوة سكن مزيدة ومنقحة كما جرى الاتفاق مع النقابات، ولا مكرمة الرئيس وصلتهم المتمثلة بجهاز كمبيوتر لكل عضو في الهيئة التدريسية ومساعديهم، فضلاً عن عدم صرف مستحقات كثيرة تخص الأساتذة مثل حقوق الإشراف والمناقشة والساعات الإضافية وعلاوات التمثيل وغيرها، حيث تتراكم هذه الحقوق لدى الجامعات بعضها شهوراً طويلة وبعضها الآخر سنوات عجافاً ولا أدري هل هذه الظاهرة المقرفة تخص جامعة عدن فقط أم أنها ظاهرة عامة لدى الجامعات اليمنية كلها. شهور وسنوات والأساتذة يسفحون ماء المحيا في أروقة دواوين الجامعات يتابعون حقوقهم المؤجلة حتى صاروا يزورون المكاتب أكثر من زيارة (المكتبات)، وغيرها من الحقوق التي تضمنتها مطالب نقابة هيئة التدريس جامعة صنعاء ومساعديهم الذين ينفذون إضراباً في سبيلها هذه الأيام.

وتأتي البرقية الثالثة (ثالثة الأثافي) أشد حرارة، وألماً وقهراً، منطلقة كالبارود من واقع الهيئة التدريسية المساعدة (معيدين ومدرسين) فهم المهمشون الجامعيون بامتياز، ومع أن كاتب هذه السطور قد خرج بحمد الله من هذه الدائرة التي وضعتهم فيها الحكومة والجامعات وحتى النقابات إلا أن قلبه يتمزق ألماً على وضعية هؤلاء المهمشين، ربما بأثر رجعي أو قل لأنهم زملاء وكوادر يستحقون المؤازرة والمناصرة، هؤلاء النفر الذين تعتمد الجامعات عليهم إلى حد بعيد في حاضرها ومستقبلها فإن رواتبهم لا تتعدى الأربعين ألف ريال، أي أقل مما يلاقيه زملاؤهم في التربية والتعليم، وهؤلاء أيضاً لا يتسلّمون علاوة سكن اسوة بأعضاء هيئة التدريس وكأنهم يسكنون في الهواء مثل الميكروبات أو في مياه البحر مثل الأسماك، كما أن ساعات نصابهم التدريسي كثيرة، في ظل فرص تأهيل قليلة سواء في الداخل أم في الخارج ومعاملات إدارية ومالية معقدة تجعل الولدان شيباً، وهناك فئة أخرى من المعيدين تدخل ضمن هذه الفئة إلا أنها أكثر تهميشاً وضياعاً وهم أولئك المعينون إدارياً المحرومون مالياً في جامعة عدن، لقد ورمت ملفات قضيتهم كما ورمت قلوبهم وأقدامهم من المتابعة والمشارعة وقد أفرد لهم الكاتب ابن فريد -مشكوراً - مقالة مؤثرة في«الأيام» قبل أيام.

وهذه آهة رابعة لعلها أشد مما سبق، مصدرها أصحاب (البرزخ)المعلقون وسطاً بين فضاء الجامعات والفضاء الخارجي: إنهم المنتدبون لدى الجامعات سواء من كان منهم موظفاً أم من كان غير موظف، فهؤلاء يعملون لدى الجامعات بالسخرة، يذكرونك بالعصر العبودي الذي قرأنا عنه في الفلسفة، فحقوقهم على مهانتها وقلتها لا تطلع لهم إلا بعد سنوات وأحياناً لا تطلع نهائياً ولكنك تجدهم صابرين ليس من أجل هذه الحقوق التي لم تكن مهنية بل مهينة ولكن في سبيل بارقة أمل في التعيين في الجامعة معيدين أو مدرسين أو أساتذة، ولكن السنوات تمر قاسية جدباء صماء ولا شيء يلمع في الأفق غير اليأس والإحباط اللذين ينعكسان على الوجوه والعيون ومن ثم على عملهم في الجامعات شبه المجاني وعلى مستوى الأجيال ومستقبلهم.

وعلى أية حال فالآهات كثيرات، والمظالم في الجامعات ذات ألوان وأشكال، ولأبنائنا وأحبابنا الطلاب والطالبات آهاتهم ومعاناتهم ودموعهم، لا سيما في ارتفاع الرسوم الجامعية وتكاليف الدراسة والمعيشة والسكن وقضايا النشاط الطلابي والعمل النقابي، وتأخير الشهادات الجامعية وغير ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى