الأمير الراحل عبدالله الفيصل .. شاعر الطبيعة والحب والأمل يترجل ويمضي بلا ليل ولا غزل

> «الأيام» مازن سالم صالح:

> المبدعون لا يموتون، وبرحيله، الثلاثاء الماضي 8 مايو2007م تكون مسيرة الأمير الشاعر عبدالله الفيصل رحمه الله قد وصلت إلى مرحلة الاكتمال في مسيرة حافلة بالإبداع والشعر وضعت اسمه ضمن الكبار من المبدعين العرب.

والمتتبع للملامح الشعرية في نصوص الأمير الشاعر المنظومة من خلال رحلته الطويلة في دروب الإبداع والإمتاع، سيجد أنها بحسب رؤيتي المتواضعة تتشكل في ثلاثة ملامح رئيسية هي:

1- الحرمان والغربة

2- الغزل في المرأة/ الطبيعة

3- التشكيل الزماني والمكاني

ومن هذه الملامح الثلاثة الرئيسية، وبقراءة متأنية، تتجلى لك عزيزي القارئ، تداعيات المكنون والمنظوم الشعري، التي تتمترس وتنوس ما بين الرومانسية الحالمة والمثالية المطلقة من المنظور الشعري، لا المقيدة، كما هي عند بني البشر، مع اكتسابها خصوصية ثرية تتمثل في التأسيس على قواعد التراث الذي استلهمه عبدالله الفيصل في جوانب كثيرة لا تغيب صورها في نظمه من مثل: الدين/ اللغة/ الفكر وهو ما يبرز لنا جلياً في ديوانه الأول «حديث قلب» الذي يحوي أكثر من مائة قصيدة، تدور في فلك الموروث الاجتماعي وقيمه المسيجة بالعقيدة المعززة بالتقاليد، وفي ذلك قصيدة فريدة للشاعر بعنوان «أطيلي الوقوف» يقول فيها:

«هو الداء يعبث في أضلعي/ إذا ما نعيت فلا تفزعي/وزوري ثراي إذا ما السكون أطل/وعند الثرى فاركعي».

أما الغربة ونوازع الحرمان لديه فيمكن ملامستها باعتراف الشاعر نفسه في تقديم لسيرته الذاتية وفيه يقول:

«الفراغ الذي يحيط بي كبيراً وكانت حياتي محدودة»

وفي موضع آخر:

«أجل أنا محروم، فأنا لم أولد وفي فمي ملعقة من ذهب كما يظن الكثيرون». إحساس شديد بالاغتراب حتى وإن كان في محيط المقربين لذا لم يكن غريباً أن يلوذ إلى المرأة والطبيعة هرباً من هذه الفاجعة التي لازمته حتى مماته.

والطبيعة كجمال إلهي، حركت الانفعال والتأثر في خلجات هذا الشاعر وجذبه الصب نحو المحبوبة في حالة غزلية مثالية، فالمرأة لديه في صوره الشعرية تكتسي بأثواب الحسية بعيداً عن الغريزة وبأسلوب يجنح إلى المجازات والرمز واللفظ الرشيق الذي يحيل الماديات من حولها إلى كيان حي تتوشح به في حالة من السمو الروحي والفن المحض :

قال حبيبي للصب بحسرة

هيا انشقي من شعري العنبرا

فهبت الانسام ملتاحة

تلفح منه ما اختفى وما انبرى

لم تدع منه ولا خصلة

إلا وعـلـتهـا هـيـامـا يـرى

أما التشكيل الزماني والمكاني فقد كان لديه بمثابة اكتمال مساحة البوح الشعري، ما بين الموضوعات، الرومانسية والتراث والإحساس الممض بالعزلة والحرمان.

وكان كالقالب الذي حوى الوعاء الشعري الممزوج بالمتناقضات ونستشف ذلك في شعره من أكثر من تمثيل غير محدود:

كلما جرد الزمان لي سلاحا

مكن الله باليقين سلاحي

أو أسهر الليل كالنجوم

براها الحزن وهدها الشهيد

أو أنا والليل ساهران حيارى

شفنا السهد احتوانا الوجوم

ويبدو أن شاعرنا حذا حذو الشعراء العذريين، لذا غالباً ما نجد مفردة الليل لديه ونادراً ما تخلو له قصيدة من هذا الاسم.

إذ تتلاحم العناصر الثلاثة السالفة الذكر حتى لتبرز وتفرد شعره ومدى التصاقه بالواقع على الرغم من عزمه الدؤوب للهرب منه بحثاً عن فردوسه الضائع ما بين الأمل والحب والحرمان والفجائع.

الهوامش:

الأحياء من المبدعين العرب الكبار: كتاب تذكاري

2) مجلة الكويت الكويتية العدد 231

3) مجلة العربي الكويتية العدد 519

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى