أبو قرن نورة والبربري قراقر

> سعيد عولقي:

>
سعيد عولقي
سعيد عولقي
قصة (أبو قرن) توري لنا إلى أي مستوى وصل الاستهتار في التجارة بحياة الناس واستغفالهم وكيف أصبح الواحد منا يعيش حياته وهو يتعاطى الموت بلا مبالاة.. وبقصد أو بدون قصد من أيدي أناس هم أيضاً يمارسون (المهنة) وهم يعرفون أو لا يعرفون أنهم في نهاية المطاف إنما يتاجرون بصحة الناس ومرضهم تحت واجهة الواجب الإنساني مع قليل من التجارة وكثير من.. الـ.. الـ.. لا ما اشتيش أقولها عيب يعني.. لكنها في الأخير مسألة مهينة للحياة.. وللموت.. ولما بينهما.

(أبو قرن) هذا يا أعزائي لاشك أن كثيرين منكم يعرفونه وهو اسم عامي محلي بحت أطلقه الناس على دواء من فصيل «ميفينا ميك أسيد ب ب» (500 ميللجرام) والأصلي منه الذي دخل السوق أول ما دخل مكتوب على قرطاسه (الجمهورية اليمنية الوكيل الوحيد مؤسسة الرأفة للأدوية) وهو النوع الأصلي الألماني الصنع الذي نزل إلى السوق وبلغ سعره قبل التزوير أربعين ريال للحبة الواحدة بدأت رحلتها من عشرين ريال وشل وإلى ما فوق حتى بلغ السعر أقصاه.. ثم فجأة اعتدم من الأسواق.. ثم ما هي إلا أشهر قليلة حتى عاد مرة أخرى ليغرق الأسواق (الصيدليات وحتى بعض البقالات) لأنه كما يزعمون هو الدواء السحري الذي يقضي على كل الأوجاع ويخفف جميع أنواع الضريب من الرأس إلى القدم في بس واحد مشكل زغير.. وهو أنه هذا الدواء الأخير ما فيبوش دواء.. يعني نفس تغليف الدواء الأصلي الأول الذي أسماه الناس (أبو قرن) وزيه في كل شيء سوى شي واحد هو أن الغلاف هنا لا يحمل اسم الوكيل الوحيد في الجمهورية اليمنية الذي هو مؤسسة الرأفة للأدوية.. ولا يمكن أبداً أبداً وكمان أبداً دون ذلك التفريق بين الاثنين إلا بفحص مختبري يبين لنا مكونات الأول من الثاني.. وذكرنا أنه.. أنه يعني المزيف اللي مش مكتوب عليه اسم الوكيل الوحيد في اليمن فيبه كل شيء إلا الدواء.. يعني مقلد بالضبط وطبق الأصل بس ما فيبوش دواء.. يعني ممكن يكون من مادة «النورة» أو«السمت الأبيض» أو «الجير» أو.. أو.. أي شيء إلا أنه يكون دواء.. أما الدولة المنتجة فقد كتب كذباً أنها ألمانيا.. وأما السعر فهو ويا للعجب العجاب والزجب والزنجاب فإنه نفس السعر الغالي غلاءً فاحشاً والناس مساكين ينخدعوا بسرعة (وأنا واحد منهم ) ويدفعون المطلوب بكل ممنونية لأنه يا أخواني الصحة خلاص.. راحت والعافية استوت بعيدة عن المنال والواحد مستعد يصدق أي شيء ويقرط أي دواء والغريبة أنه ماحد من اللصوص والسرق عيال السرق اللي يبيعوا لنا الأدوية المغشوشة قد قال آح وإلا إيح.. ونحنا طول الليل والنهار آح ياظهري آح ياركبي آح يا راصي.

القصة حق (أبو قرن)- والعهدة على الراوي- هي واحد تاجر نصاب طحطوح من أصحاب البج «كومبني» اللي يتاجروا وهم مسنودين أكثر من «الكمبنيات» الفاسدة شل سمبلات أصلية من دواء (أبو قرن) الأصلي حق الولاية أو الوكالة.. لما شاف الانتشار الرهيب لهذا الدواء الأصلي اشتغلت عنده حاسة النصب القوية ويقطع لك تذاكر سفر وإلى هناك.. نواحي الصين والكين والمين حيث شركات النصب والتزوير والقرصنة تشتغل على مستوى عالي وعالمي وفص قلص.. وقال لهم وهو يمد لهم بسمبلات (أبو قرن) أشتي تصنعوا لي في أسرع وقت زي هذا (الدواء) زيه بالضبط في كل شيء بس بدون دواء! زيه وبس.. لا بخشة زايد ولا بخشة ناقص.. وما اشتيش يكتشفه إلا من كان معه أحسن مختبر. وطبعاً اتفقوا على الفلوس وكل شيء وكان الفرق في الأرباح التي سيجنيها من هذه الصفقة مرعباً (الأرباح الآن خلاص با يكون قد جناها وخزَّن وفسَّخ وشمَّت وشجَّب).

صاحبنا الطحطوح كومبنى المسنود من كل اللصوص والكلاب يعرف أنه شعبنا مسكين الله جاهل وأمي وعلى ما يكتشف اللعبة يكون هو وأمثاله قد صنع واستورد وباع واللي ماله جمعة ماله عيد.. وشعبنا مالوش بخت في هذه الدنيا واللي مالوش بخت زيما يقول المثل المصري «يلاقي العظم في الكرشة» منشان كذا يدخل اللحم عندنا ويقال انه بربري مع انه البربري كما هو معروف طربوشه أحمر.. وما دمنا نأكل القراقر على أساس انه لحم بربري.. فيمكن كمان يذبحوا لنا الغربان ويقولوا دجاج ونصدق وناكل ونغني «أبو قرن كله من النورة.. والبربري كله قراقر يادموع العين».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى