استقلال القضاء والمتنفذون به!!

> عامر علي سلام:

>
عامر علي سلام
عامر علي سلام
دعتني الضرورة إلى الكتابة عن القضاء واستقلاله.. ليس لأن القضاء أمانة فحسب، بل لأنها من أصعب الأمانات التي يمكن أن يحملها الإنسان على المستوى الذاتي والخصوصية بابتعاد القاضي عن أي تأثيرات أو ضغوط خارجية، في عمومية عندما يجد بأن حكمه، مهما كان، نافذ ولا يمكن اعتراضه..لأنه في ثنايا استقلالية القضاء!!

ولكن هل نحن بحاجة إلى الاستقلال القضائي؟ في ظل تراكم هذا الفساد العام.. في ظل وجود من لا يهمه تحقيق العدالة والانصاف؟! أو من يظنون أنهم أعلى من أي قضاء أو قاض.. وأنهم فوق أي حكم أو قانون..و«أنهم متنفذون»!! وأنهم يستطيعون منع حتى أي «تنفيذ جبري» لأي حكم سابق! - كما حدث وطالعتنا به صحيفة «الأيام» في عددها رقم (5097) الصادر بتاريخ 20 مايو 2007م (الأحد) بعنوان:(صارت قضيتنا محل تنازع بين المناصرين لاستقلال القضاء وبين ذوي القوة من المتنفذين) لنجدها «قضية على مصفاة عدن والمتقاعدين وأسر المتوفين» تتحول إلى «نزاع بين المناصرين لاستقلال القضاء وقوة أحكامه وبين ذوي القوة من المتنفذين الذين يرون أنفسهم أقوى من القضاء وعدالة القانون»!!، هنا توقفت وتذكرت في حين غفلة.. بأنني ابن لأحد المتوفين الذين عملوا في إحدى شركات مصافي عدن (شركة عدن لتموين البواخر- التواهي) فهل لي الحق أن أكتب وأن أكون مناصراً لقضية أنا طرف فيها؟!! وأطالب بالحق في «التنفيذ الجبري» بحسب ما نصت عليه المادة (487) الفقرة (ب) من الباب الثالث الفصل الأول في قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم (40) لسنة 2000م .. وليس ذلك فحسب بل أضم صوتي ليس مناصرة لاستقلال القضاء.. بل مناشدة لمن حمل الأمانة، التي ترجمتها إرادة سياسية داعمة من فخامة رئيس الجمهورية الأخ علي عبدالله صالح وذلك بالتنحي عن رئاسة مجلس القضاء الأعلى ليرأسها واحد من أبناء السلطة القضائية ذاتها، وهو فضيلة القاضي عصام السماوي المشهود له بالحق والإنصاف في قضايا سابقة، وهو أمر يستدعي منا جميعاً أن نقف عنده لنسأل بضمير حي: هل هناك محاسبة (لقاضي) التنفيذ في قضية مصافي عدن والمتقاعدين وأسر المتوفين!!؟ سؤال نرفعه أيضاً بأمانة لمن يحمل الأمانة التي أوكلت إليه (عندما تحبس قضية ما في درج مكتب القاضي.. ويعرقل السير فيها بموجب الشرع والقانون) فأين ذهبت هيئات التفتيش القضائي؟!! إنها يا سادة أمانة!! وهنا أقف عند قول الشاعر:

إذا خان الأمير وكاتباه

وقاضي الأرض داهن في القضاء

فويل..ثم ويل..ثم ويل

لقاضي الأرض من قاضي السماء!!

لتأخذني حمية الحق.. وإنصاف أولئك الذين تقاعدوا وأفنوا عمرهم في خدمة متواصلة لصاحبة الجلالة- في عدن الصغرى - شركة مصافي عدن لأكثر من أربعة عقود، في حين كانت الشركة البريطانية - حتى فيما مضى من الزمن القريب الذي مازلت أذكره - تهديهم (ساعات ذهب أسماؤهم محفورة على ظهرها إذا أكملوا ثلاثين عاماً من الخدمة)، إنها شركة (BP) وتعطي حقوقهم كاملة غير منقوصة.. (هذا عند النصارى) كما كان يقول والدي (رحمه الله) ولكن عندنا نحن المسلمين، فأجد نفسي واقفاً عند أمير المؤمنين المأمون وأراه يتقدم بين يدي القاضي يحيى بن أكتم مع رجل ادعى عليه بثلاثين ألف دينار.. فطُرح للمأمون مصلى يجلس عليه، فقال له يحيى: لا تأخذ على خصمك شرف المجلس. ولم يكن للرجل بينة، فأراد أن يحلف المأمون، فدفع إليه المأمون ثلاثين ألف دينار وقال: «والله ما دفعت لك هذا المال إلا خشية أن تقول العامة إني تناولتك من جهة القدرة».. ثم أمر ليحيى بمال وأجزل عطاءه.. فماذا تقول العامة اليوم (في قضية المتقاعدين وأسر المتوفين، في شركة مصافي عدن) والعامة هنا عند المأمون هو الرأي العام عندنا اليوم؟ هل ننتصر للحق في قضية آبائنا المتقاعدين والمتوفين؟!! أم أن علينا أن نكون متنفذين بأي حكم؟!! ونأتي بالإمام أبي حنيفة كما أتى به عمر بن أبي هبيرة.. ونفرض عليه أن يتولى القضاء بيننا؟!! فقد أراد عمر بن أبي هبيرة أن يولي أبا حنيفة القضاء فأبى، فحلف ليضربنه بالسياط وليسجننه!! فضربه حتى انتفخ وجهه ورأسه من الضرب، فقال أبو حنيفة:«الضرب بالسياط في الدنيا أهون علي من الضرب بمقامع الحديد في الآخرة».

فهل من آخرة لفساد الأمة.. لفساد أساس الملك؟! ومتى يخرج العدل من أدراجنا المغلقة؟! إنها والله..ثم والله أمانة!!، فعن أنس (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «القضاة جسور للناس يمرون على ظهورهم يوم القيامة» وكفى.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى