ناس التواهي..

> فضل النقيب:

>
فضل النقيب
فضل النقيب
تحدثت الأحد الماضي عن بحر التواهي الذي اختفت أجزاء كثيرة منه وراء الحجب، فمن اقتنص إطلالة قال هذا بحري، تيمناً بالمثل العدني «من حصّل العافية دق بها صدره» ، وأنا على يقين أن البحر المأسور سيُطلق سراحه ذات يوم من «ابو الوادي» إلى «عمران» ومن جولة خور مكسر إلى شقرة .قولوا : يا الله..

أما «ناس التواهي» موضوعنا اليوم فأنعم وأكرم، والعيش بينهم كالعيش بين أسراب الحمام المسالم، حتى أن معاركهم- إذا صحت التسمية-تشبه موسيقى «السلودانس» إذا قيست بأطراف عدن البرية حيث تتكسّر النصال على النصال، وبلاش نسمي فيزعل «أهل الشيخ عثمان» الذين وبخني أحدهم في مقيل «أبو علي» نائب ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الواقع على ماء الميناء في موتيل «نشوان» والذي يأخد الرواد إلى عالم عرائس البحر ومغامرات السندباد، ولا يفيقون من أحلامهم إلا اذا رأوا صور الزعماء العرب والفلسطينين الراحلين تتزاحم على الجدران الثلاثة كما كانوا يتزاحمون في الحياة :

قومي رؤوس كلهم

أرأيت مزرعة البصل

أقول وبخني الرجل بقوله: كتبت عن كثيرين ونسيت علي أحمد يا أخي ..! من علي أحمد ؟ يا لهذه الذاكرة المراوغة. يا أخي «أبو الفاصوليا» في الشيخ عثمان الذي كانوا يقصدونه من كريتر والتواهي وخور مكسر وحتى من البريقا ..أيش نسيت الخمير الحامي، وقد ازدرد ريقه عند ذكر الخمير الحالي حتى خشيت عليه أن يشرق بالقات، ولا ذنب لبحر التواهي ولا لعلي أحمد ولاحتى لعبد الله ناصر الفاصوليا الذي خطف لقبه من فم الأسد .

الحلاق الذي دلفت إلى صالونه في مركز التواهي لم يكن من أهل «ذا الساكن» كما يقول العزاني ، وهو يريد رزق اليوم كله من زبون واحد بلا وجع دماغ، ويبدو أنه قدّر أنني ذلك الواحد في اليوم الموعود، وقد فاته أنني أعرفه من العام الماضي حين أقنعني بصباغة شعري الأشعث ثم بالغ في الأجرة على أساس أن «الخباز يعرف وجه المتغدّي»، وقد استأذنني لمشوار قصير لعدة دقائق فعرفت أنه سيقوم بــ«صلاة استخارة». قلت له :لا تتعب نفسك، فلا صبغ اليوم ولا «تلميس غداً» والله لو صليت عشرين صلاة ما تنفتح لك طاقة في السماء الطويلة العريضة، وإنما الأعمال بالنيات، ومن لدغه الثعبان يخاف من جرة الحبل، فغر فاه من الدهشة وأخذ يتفحصني فتذكر، قال وأيش جابك؟ قلت المثل العدني القائل «البس يحب خناقه» ضحك ربما للمرة الأولى والأخيرة في حياته، فلم يذهب لمشوار الاستخارة وأدى عمله على أكمل وجه، وقد رفض أن يأخد ريالاً واحداً قائلاً :أنت صديقي والمحل محلك في أي وقت .

ذهبت إلى صيدلية العجوزين قريباً من الحلاق فلم أجد أياً من أدويتي، وبدلا من أن يهونا علي الأمر أو يرشداني، أشعراني أنه لا فائدة من إتعاب نفسي فما لا يوجد في صيدليتهما المتواضعة لا يوجد في أي مكان آخر في اليمن . وكانت عيونهما الأربع الحادة الذكاء تقول غير ذلك . سألت محل اتصالات فقال :اذهب إلى صيدلية «الهتاري» بجانب مسجد الهتاري» وحتماً ستجد ما تريده . ذهبت : شابتان تخرجتا لتوهما في كلية الطب ، وتصيدلتا بدلاً من الدكترة حيث لا يوجد عمل والتخصص يحتاج إلى عمر ثان. عثرنا بسهولة على جميع الأدوية إلا واحدا، فقالت إحداهما : أظن أن لدي علبة منه في البيت . عادت بها سريعاً، صناعة أميركية غالية الثمن، قالت: خذها ياعمي مجاناً .غيّري ..بدلي .. نص ثمن، قالت: أبداً ..قلت لنفسي: لعل في منظري ما يوحي ..قالت ببسالة :هذا من البيت مش من الصيدلية ..لم أعرف ..ولا أحب أن أعرف، وعندما قصصت ذلك لصديقي اسكندر اسماعيل من عيال بندر جديد قال : أيش ماتعرف ناس التواهي ..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى