الأسلحة في اليمن

> محمد صادق دياب :

> امتلاك السلاح جزء من التقاليد اليمنية، التي أسهمت الجغرافيا والتاريخ في ترسيخها، فطبيعة التضاريس القاسية قبل نشوء شبكة الطرق الحديثة، إضافة إلى الظروف التاريخية التي عاشها اليمن، وما سادها من حروب ونزاعات في بعض الفترات، كل ذلك أسهم نفسيا في نمو حاجة اليمني إلى السلاح.. وتغيرت الظروف المسببة لذلك، لكن ظلت العادة بعد ذلك تمارس على اليمنيين سطوتها وهيمنتها وجبروتها، وغدا امتلاك السلاح لدى اليمني مصدرا من مصادر فخره واعتزازه، وأصبحت أسواق السلاح معروفة ورائجة، ولها تجارها، وسماسرتها، وزبائنها..

وفي زمن تصاعد الإرهاب والتنظيمات الأصولية المسلحة غدت تلك الأسواق مصدر إزعاج ليس للحكومة اليمنية فحسب، بل لدول المنطقة أيضا كدول الخليج والقرن الأفريقي، كما أزعجت أسواق السلاح عن بعد دولا أخرى كالولايات المتحدة، التي تتزعم اتجاها مناهضا لتلك التنظيمات، وتقود الحكومة اليمنية هذه الأيام حملة منظمة لشراء الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والمتفجرات ومنع الاتجار بها.. ومما أسفرت عنه الحملة ـ بحسب خبر نشر على موقع العربية نت ـ تمكنت السلطات من أن تجمع خلال فترة شهر أعدادا كبيرة جدا من السلاح، تضمنت مضادات للدبابات والطيران وألغاما أرضية، وذخائر، وصواريخ سام 2، وقذائف هاون، وبازوكا، وأسلحة أخرى متنوعة.

وتكشف هذه الأنواع من السلاح أن المسألة تجاوزت كونها مجرد عادات اجتماعية، فأن تمتلك صواريخ ومضادات للدبابات والطيران، فهذا أمر يتخطى حدود العادة، وقد أثبتت الحرب الدائرة في اليمن منذ شهور مع «الحوثيين» خطورة هذا الانفلات في سوق السلاح، وأن الحكومة اليمنية والشعب اليمني هم أكثر المتضررين في الحاضر والمستقبل لو استمر الحال على ما هو عليه.

وطريق الحكومة اليمنية في جمع السلاح من أيدي اليمنيين، وفرض قانون لتنظيم حمل واقتناء السلاح، ليس مفروشا بالورود، وليست العادات والتقاليد وحدها التي ستقف في وجه ما تعتزم الحكومة اليمنية فعله، فثمة افتراض بأن هذا الكميات والنوعيات من الأسلحة في أسواق السلاح لا بد أن تكون خلفها مراكز قوى ستتضرر مصالحها بهذا التوجه الذي تتبناه الدولة، وستشكل ـ هذه القوى ـ عوامل معوقة أمام أي قانون يستهدف الحد من انتشار السلاح.

والقضاء على هذه الظاهرة يتوقف على مدى الجدية والإصرار من قبل الحكومة اليمنية، فما استطاعت حتى اللحظة تجميعه من الأسلحة ـ عبر الشراء ـ قد لا يمثل سوى الثلث الطافي على السطح من جبل «السلاح»، ولا يملك المشاهد لهذه الإشكالية في اليمن سوى الشد على يد الحكومة لتمضي قدما نحو غاياتها من أجل حاضر ومستقبل آمنين لليمن وللمنطقة بأسرها.

[email protected]

عن «الشرق الأوسط» 2/6/2007

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى