نظرية الأدب الإسلامي .. (الموقف من الأشكال الفنية)

> «الأيام» عبده يحيى الدباني:

> ينبغي الإشارة أولاً إلى أن الاسلام بقرآنه وسائر مصادره وتشريعاته لم يحدد للأدب أشكالاً فنية معينة ينبغي التمسك بها وعدم الخروج عنها وما ينبغي له أن يفعل ذلك، لأن قضية الأشكال الفنية تخضع لطبيعة العصر والذوق السائد والموروث الفني ومستوى الحركة النقدية المعاصرة، ولأن الأشكال الفنية عموماً هي وسائل وليست غيات، ولأنها محايدة ومستقلة إلى حد بعيد، ومن هنا فإن نظرية الأدب الإسلامي لا تعد الأشكال الفنية مقدسة أو ثابتة أو ذات بعد أيديولوجي ولكنها تنظر إليها على أنها محايدة ومتغيرة ومتطورة، والشاهد أن الشعراء في ظل الإسلام ظلوا ينسجون أشعارهم في إطار القصيدة العمودية الجاهلية ووفق خصائصها الفنية الشكلية إلى حد بعيد، ولم يأت التجديد في الأشكال الفنية فيما بعد فرضاً إسلامياً ولكنه جاء وفق ناموسه وقوانينه الخاصة التي أومأنا إليها قبل قليل وإذا كان هناك من يتحفظ في النقد الإسلامي في موقفه من قصيدة النثر أو من الرموز الفنية ذات الأصول النصرانية أو اليهودية فإن الاتجاه العام هو مشروعية هذين الأمرين إذا لم يتجاوزا حدود الحاجة الفنية، فقد يكون الرمز الفني نصرانياً في الأصل بيد أن الفكرة المتوخاة هي إسلامية أو محايدة عامة مباحة وإلا لما قص علينا القرآن الكريم قصص الأمم والديانات السابقة على ما فيها من خير وشر لأن الهدف العام هو العظة والعبرة والتثبيت من خلال ضرب الأمثلة التاريخية الحية المجسدة للأفكار.

ومن هنا فإن موقف نظرية الأدب الإسلامي إيجابي تجاه الأشكال الأدبية المختلفة- على كثرتها- وتجاه التجريب الفني الأصيل وقد تجلى ذلك من خلال النتاج الأدبي نفسه الذي ينطلق من التصور الإسلامي، فقد وجدنا الرواية والمسرحة والقصة القصيرة والقصيدة العمودية والجديدة والمقال وأدب الرحلات وغير ذلك، ومع ما سبق ذكره فإن لنظرية الأدب الإسلامي بعض الضرورات الشكلية ذات العلاقة الوطيدة بالمضامين أو بالإسلام وبلغة قرآنه الخالدة مثل: ضرورة استعمال اللغة العربية الفصحى في الأدب الذي يكتب بالعربية، وعدم اللجوء إلى اللهجات العامية العربية المختلفة، وكذا عدم الابتذال والضعف والركاكة في إطار اللغة العربية الفصحى نفسها بل احترام قواعدها نحواً وصرفاً وبلاغة وكتابة ومعجماً ولا بأس في التجديد الرصين الأصيل، وكذا إيثار الوضوح وعدم اللجوء إلى الغموض المعتم، وكذا توخي الإمتاع والفائدة معاً. كما أن النقد الإسلامي ضد التجديد الذي ينفي القديم ويعاديه ويسخر منه ويجعل هدمه هدفاً له، وضد النوايا السيئة المشبوهة التي تتعلل بالتجديد من أجل النيل من التراث واللغة وصولاً إلى الإسلام نفسه فكما يقول نجيب الكيلاني:«إذا كان ثمة رفض لبعض الأشكالالفنية فهو رفض مسبب وليس مسبقاً”.
[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى