أطفالنا والمناهج

> صالح علي السباعي:

>
صالح علي السباعي
صالح علي السباعي
المناهج تحتاج إلى إعادة مراجعة، وهذا يكاد يكون شبه إجماع شعبي نابع من معاناة الأهالي مع فلذات أكبادهم، ورغم هذا ترى الموقف الرسمي للمختصين يتناقض مع هذا الإجماع، والأكثر من ذلك هناك من يشيد بهذا المنهج ويتغنى به.

رغم أن واقع الحال يوحي بغير ذلك، حيث المخرجات التعليمية تسير في واد وما يتطلبه سوق العمل في واد آخر، وترى الطالب يكمل الثانوية العامة وهو شبه أمي، ويسير في أميته حتى ينهـي دراسـته الجامعـية، ولا يكتشف نفسه إلا إذا ذهب للخارج لمواصلة الدراسة، حينها يعرف أنه أمي ولم يتعلم، ولولا وجود الأجواء المريحة في الخارج، لعاد الطالب اليمني إلى بلده قبل أن يكمل عامه الأول، وفضل البقاء على أميته في حضن أمه اليمن، أم العجائب والغرائب التي فيها يكون الأمي عظيماً ويضيع الفاهم في متاهة.

وحتى لا نذهب بعيداً عن المنهج والطالب، علينا الاعتراف أن لدينا مشكلة، وهي ليست مشكلة الطالب بل مشكـلة المنهـج، وعندما يسقط ابنك أو ابنتك في المدرسة فهذا دليل على فشـل المنهج وجهـاز التدريس، وأي مبـرر آخـر يظل ضعيفاً وغير مقبول.

إن كل مدرس ينبغي له أن يعرف عندما يضع دائرة حمراء على ورقة امتحان الطالب أن ويدرك أنه أحد أسـباب فشل الطـالب لعدم قدرته على توصيل المعلومة لهذا الطالب، خصوصاً إذا كان الطالب يحضر المدرسة بانتظام ويتلقى دروسه ويعمل الواجـبات المطلوبة منه ثم يرسب في امتحان وضع بطريـقة معقـدة تفـوق قدرات الطالب واستيعابه، أليس الهدف من التعليم هو أن يفهـم الطالب ويستوعب المادة ؟! بعد ذلك يكون الامتحان ميسراً ويتناسب مع قدرات الطالب ويساعده على النجاح، وهذا هو المطلوب وليس التعقيد والفشل.

إن على المختصين في العملية التعليمية أن يدركوا حجم المشاكل التي تواجه الطلاب دون أن يجدوا من يمد لهم يد العون، فهناك الكثير من الطلبة يعانون من أمية الوالدين، وآخرون يعانون من انفصال الوالدين، وهناك من يعاني من اليتم والجوع والفقر ولا يجدون من يساعدهم على التعلم وفك طلاسم المنهج.

وعندما يذهب هـؤلاء إلى المـدارس وهـم فـي وضع غير طبيعي يجدون الاختصاصي الاجتماعي قد صنفهم مشاغبين أو منعزلين بسبب الكآبة وعدم المشاركة.

ويزعم المدرس الفلاني أن هذا الطالب بطيء التعلم، والثاني يرسبه، والثالث يعاقبه ويؤنبه، والنتيجة هي الفشل، ولو وجد هؤلاء من يفهم ظروفهم ويساعدهم لتغيرت الصورة، كما تغيرت مع توماس اديسون، الذي طردته المدرسة في بداية حياته الدراسية،وكذلك البرت اينشتاين الذي عد من المتخلفين غير الموهوبين ومن بطيئي التعلم، هؤلاء غيروا مجرى تاريخ العلم والاختراع. وعندما وجد اديسون من يفهم مشكلته قدم للإنسانية أعظم اختراع (الكهرباء) وقدم اينشتاين القنبلة الذرية الامريكية، وهذا دليل أن المشكلة في أحيان كثيرة لا تكون في الطالب وإنما في المنهج والمدرس غير القادر على فهم مشكلة الطالب، لذلك أصبح من حق الأهالي المطالبة بمراجعة المنهج وتعديله وتأهيل المدرس وتحسين ظروفه كي يكون قادراً على تأدية رسالته، وهو مطلب مشروع لا بد من الاستمرار في المطالبة بتحقيقه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى