المنشآت الطبية الخاصة بين الواقع والطموح .. عندما تأمل شراء الصحة فيباع لك الموت

> «الأيام» فردوس العلمي:

>
في هذا التحقيق، سنخرج عن المألوف في تناول هذه القضية، سنستخدم طريقة جديدة لعرضها ربما تعجب البعض وتغضب آخرين ويستغرب لها الـكثيرون، ولكن ما يهمنا أن تُسمع الرواية وتصل الصورة دون رتوش ودون تغيير، فالصحافة عين ننظر بها إلى الحقيقة مهما كانت مؤلمة أو مفرحة.. نرصد لكم مواقع مختلفة منها الجميلة التي تشرح الصدر والموجعة التي تقضي على الأمل فكما يوجد القبح يوجد الجمال. فقد تعددت الأسماء، واختلفت المواقع، وجمع البعض منها الكثير من المخالفات التي تحكي عن واقع قطاع يبيع الموت ويخطف الصحة المتبقية للمواطن، الذي يسعى إلى المستشفيات والمستوصفات والعيادات والمراكز الطبية الخاصة حين يصاب بوعكة صحية، فيذهب إليهم لإيجاد علاج مناسب، ليجد أطباء فقدوا الضمير ومستثمرين يبحثون عن الربح السريع لا يفهمون في الطب إلا قيمة العملية حتى لو خرج المرضى جثثا، وامتلأت بهم ثلاجات المستشفيات والمقابر، وذلك عقب إجراء عملية تجاوزت قيمتها مئات الآلاف من الريالات يدفعها المريض ليشتري الصحة فيباع له الموت، ومع هذا القبح الدخيل على مهنة الطب هناك أطباء يخافون الله وممرضون مازالوا يحملون ولاء المهنة ولقب ملائكة الرحمة يحافظون عليها من عبث شياطين المهنة، وهناك أيضاً مستثمرون يراعون الله في أعمالهم ويبحثون عن تقديم الأفضل لعدن الباسمة.

تعال معي أيها القارئ الكريم وعبر صفحات «الأيام» في جولة مع أعضاء اللجنة الطبية للتفتيش على المنشآت الطبية الخاصة الذين بذلوا جهودا كبيرة منذ عام 2006 لإيجاد منشآت طبيبة ترتقي بمستوى المهنة .. تلك الجولة استمرت قرابة شهر رأينا فيها ما يعجب منه العجب، ومن بين هذه المنشآت وجدنا منشآت لا تصلح ومنشآت تسعد النفس وتجد فيها الأمان والراحة.

نرصد لكم بعض المشاهد والتساؤلات من بعض المنشآت الطبية الخاصة التي يذهب إليها المريض مغمض العينين ويجد فيها ما هو بعيد عن أمور الصحة وننقلها لكم مشهدا مشهدا وكل مشهد له صورة تغني عن الكلام.

المشهد الأول

غرفة إنعاش، حين تراها للوهلة الأولى تشبهها بغرفة في لوكندة لمضغ القات، أسرة بحاجة إلى ترتيب وأرضية بحاجة إلى نظافة وغرفة إنعاش تفتقر إلى أبسط الأجهزة الإنعاشية اقلها أنبوبة أوكسجين، وعذر القائمين عليها أنها في حالة تنظيف .. ونحن نرى أن الغرفة بحاجة إلى غرفة إنعاش لإنعاشها من جديد لاستقبال المرضى .. فأين أنت يا مالك المستشفى؟

المشهد الثاني

غرف العمليات من أهم الغرف في أي منشأة طبية دون استثناء، وعلى أبواب هذه الغرف يرسم خط أحمر لمنع تجازوه، وحين تحاول الدخول يطلب منك فني العمليات ارتداء الملابس المعقمة (الجون، المسك، القبعة) كما يطلب منك تغيير الأحذية فالغرفة كما يقال معقمة لا يدخلها حتى الهواء. استبشرنا خيراً وحين دخلنا بعض هذه الغرف مع أعضاء اللجنة الطبية وجدنا العديد من الأجهزة الطبية الحديثة التي تفتقر إليها المستشفيات العامة وحين دققت اللجنة النظر وعملت فحصا شاملا للغرفة وجدت الغبار يملأ الغرفة المعقمة فهناك فتحات تهوية ونوافذ يدخل منها الغبار دون رقيب، فكيف يكون أساس التعقيم فيها؟

كما رأينا غرفة عمليات - فليشهد التاريخ وليسجل في صفحاته - بداخلها مخزن لخزن المواد في إحدى المنشآت الخاصة، وبرر صاحب المنشأة أنها أدوات جديدة وصلت ولم تستخدم بعد. كما رأينا في هذه الغرف العجب.. فنيي العمليات العاملين هناك يتبخترون بزيهم الخاص الأخضر أو الأزرق ويتجاوزون الخط الأحمر إلى خارج الغرفة والعودة إليها من جديد، مما جعلنا نسأل هل ملابسهم أصبحت محصنه ضد الجراثيم؟.

مازلنا في غرف العمليات فهي أطول المشاهد، في هذه الغرف انتشرت القناني البلاستيكية، فلا تخلو غرف العمليات والمختبرات في بعض المنشآت منها وتستخدم لحفظ المحاليل الطبية الخاصة بهذه الغرف منها الديتول والمداد الأزرق (الإيدن) والإسبرت ونسي هؤلاء الأطباء والممرضون أن هذه القوارير البلاستيكية تستخدم لمرة واحدة فقط وترمى. وهناك غرفة عمليات صغرى يوجد فيها شفاط تتسرب منه الأتربة في إحدى المنشآت الطبيبة الخاصة، وعند الممر المؤدي من المختبر إلى غرفة الأشعة يخطر في بالك أنك تسير في أحد الشوارع فهناك منفذ صرف صحي (بالوعة) كبيرة الحجم إذا فاضت أغرقت الموقع والمنشأة ولم تحرك إدارة المنشأة ساكنا إزاءها.

المشهد الثالث

غرفة بداخلها أدوات مبعثرة ومختلطة على الطاولات وكأننا في أحد أرصفة نقل البضائع، وحين سأل الدكتور البيشي متعجبا ما هذه الغرفة؟ أجابوه أنها غرفة تعقيم.. فهل هي غرفة تعقيم؟ الصورة تقول لا وألف لا، كيف لها أن تكون غرفة تعقيم وكل الأدوات متداخلة فيما بينها؟ أين تصنيف الأدوات؟ والعذر كان: نحن في حالة تنظيف!

مخزن في إحدى غرف العمليات
مخزن في إحدى غرف العمليات
المشهد الرابع

غرفة مختبر تملأ كل أركانها القذارة والأوساخ، أحواض تغير لونها وبقايا فحوصات مرمية على الحوض، ومع هذا يتلذذ فني المختبر في هذا الوضع بشرب الشاي وتناول الطعام!

المشهد الخامس

في بعض الصيدليات تم ضبط بعض الأدوية التالفة والمهربة والحكومية إلى جانب أنواع من الأدوية المخدرة التي تستخدم في غرف العمليات والمحرمة في الصيدليات، دون رقيب ولا حسيب .. فمن المسؤول عن هذا العبث؟

إلى جانب استخدام الثلاجات في حفظ العصير وماء الشرب وبعض العينات المخبرية فكيف يحصل هذا؟

المشهد السادس

بعض غرف رقود المرضى ضيقة لا تتسع إلا لسريرين ومع هذا وجدت في تلك الغرف أربعة أسرة وحمام لا يسع (نصف نفر) ومع هذا فأجرتها مرتفعة ربما تصل في الليلة الواحدة إلى عشرة آلاف ريال يمني للنوم فقط!

المشهد السابع

الحمامات رمز وعنوان للنظافة، ولكن ما شاهدناه في بعض المستشفيات يحز في النفس، فالحمامات العامة في الطرقات أنطف منها، فبعض هذه الحمامات لها روائح تزكم الأنوف وتسبب الضيق للمتواجدين رغم نظافتها ظاهريا، وبعضها مساحتها ضيقة خاصة إذا كان يوجد مختبر في هذه المنشأة يقوم بتحليل البول والبراز.

المشهد الثامن

وجود بعض غرف الأشعة تتسرب منها الأشعة وتفتقر إلى الترصيص للحماية من تسرب تلك الأشعة، وبعضها بها أجهزة عفى عليها الزمن.

المشهد التاسع

في بعض هذه المنشآت لا تدري من الطبيب ومن الممرض ولا تستطيع أن تفرق بين فنيي العمليات والأشعة والمختبر، فأغلبهم لا يرتدون ما يدل على هويتهم ووظيفتهم.

إلى هنا انتهت المشاهد، وفي الحلقة القادمة نرصد لكم آراء بعض المرضى والمرتـادين في الخدمة المقدمة والأسعار في المنشآت الخاصة وهل تتناسب معهم أم أنها مكلفة عليهم؟ ثم نعرج على رأي القائمين على المنشآت الطبية الخاصة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى