في بلاد اليمن: الرئيس يُنتخب وشيخ القبيلة أو الحارة يُعيَّن!!

> د.عبده يحيى الدباني:

> في بلاد اليمن البعيد أصلاً عن السعادة، يجري انتخاب الشعب لمن يمثله في المجلس النيابي التشريعي، وهذا نوع من المشاركة في الحكم على المستوى النظري على الأقل، وهناك أيضاً انتخابات المجالس المحلية في المديريات والمحافظات، فضلاً عن الانتخاب الشعبي المباشر لرئيس الجمهورية الذي حدث مرتين إلى الآن .. كل هذا الزخم الديمقراطي- وإن كان شكلياً ومجازياً إلى حد بعيد - لا يتلاءم ولا يتناغم مع ما يجري في البلاد بحضرها وريفها من تعيين رسمي لشيوخ القبائل في الأرياف، ولعقال الحارات في المدن.

فالأولى والأحرى أن يقوم المواطنون أولاً بانتخاب شيوخهم وعقالهم لأنهم المسؤولون المباشرون عنهم، وإلا فإن هذه الديمقراطية تعد ديمقراطية بالمقلوب أي واقفة على رأسها. فهل الشيوخ والعقال - وما أكثرهم، وما أكثر مشاكلهم!- أصحاب مواقع رسمية دستورية قانونية أم أن الدستور بريء منهم كما هم بريئون منه، وأن العرف هو الذي فرضهم ليسبحوا ضد تيار مؤسسات الدولة والمدنية والقوانين وسنن التطور والتحديث؟ لست متحاملاً على هؤلاء الشيوخ والعقال كأشخاص فهم منا ونحن منهم وهم كذلك أنفسهم يعانون من وضعيتهم القلقة المضطربة، ولكن التساؤل ينصب عن مواقعهم وصلاحياتهم ومدى قانونيتهم وأهميتهم، وعن طرقهم التقليدية في حل القضايا المختلفة.

أنا أعرف أن العلاقة معقدة بين الدولة والقبيلة في اليمن، ولكني لست متخصصاً في هذا الميدان وليس هنا مجال الحديث فيه، بيد أن سؤالاً يطرح نفسه بقوة، هو لماذا لا يجري انتخاب المواطنين لمن يمثلهم في هذه المواقع، إذا كان لهذه المواقع سند دستوري أصلاً، أو يتم التخلص من الظاهرة برمتها ولو بشكل تدريجي؟ ثم هل يتبع هؤلاء السلطة المحلية أم دائرة شؤون القبائل، أم جهاز الأمن السياسي؟؟ ليس ثمة وضوح في المسألة بما يدل أنها ظاهرة عقيمة ومظهر من مظاهر التخلف، وتدل على غياب الدولة المدنية ومؤسساتها المتخصصة. مع أن الدولة في اليمن نفسها تشجع هذه الظاهرة وتعتمد عليها كثيراً وتكرسها حتى في المدن.

فبدلاً من أن تسعى إلى تحويل المجتمع القبلي إلى مجتمع مدني حضاري، فإنها تعمل على تحويل المجتمع المدني إلى مجتمع قبلي. وهذا تكريس للتخلف، فنظام الدولة الحديثـة والنظـام القبلـي لا يجتمعـان، فإذا حضـر الأول غـاب الثاني والعكس صحيح.

إن النظام القبلي ليس سياسة وحكماً فقط، ولكنه أيضاً نمط ثقافي وفكري، وأسلوب حياة، وسلوك اقتصادي واستهلاكي، بيد أنه ضيق الأفق ومتخلف ومتعجرف وطريقه مسدود ..مسدود!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى