المزارعون في يرامس يتحدون الصعاب ويقهرون الظروف

> «الأيام» شكري حسين:

>
الطريقة التي يستعملها المزارعون لري أراضيهم
الطريقة التي يستعملها المزارعون لري أراضيهم
لم يكن حاضر منطقة يرامس إحدى مناطق محافظة أبين أكثر إشراقاً من ماضيها ولا واقع حالها اليوم أجمل من مظاهر الازدهار التي عاشتها في أوقات قد خلت وسنين قد مضت.

فأغلال المعاناة تكبل كل قراها وصنوف التجاهل والحرمان تطبق على كل أوجه الحياة فيها وتحيط بها أيام (الألم) كإحاطة السوار بالمعصم وغدا مارد الضنك يجتاح كل الأشياء الجميلة التي كانت عليها ولا وجه للمقارنة بين ماضي الزمان في يرامس وحاضره حيث لم تتوقف المعاناة عند محطة غياب المشاريع الخدمية: الكهرباء، الماء، الصحة، الطرقات، التي ظلت في خصام شديد معها منذ قيام الثورة حتى يومنا هذا، بل تعدته إلى أهم مفاصل الحياة وهي الزراعة والأرض الزراعية التي مثلت طوال عقود من الزمان المصدر الرئيس للرزق عند أبناء المنطقة فقد جرفت مساحات شاسعة منها إلى جانب صعوبة إيصال مياه السيول (الري) إلى ما بقي منها ليضاف ذلك إلى جملة الهموم والمشاكل التي تعانيها يرامس وهي التي لا تبعد عن عاصمة المحافظة زنجبار أكثر من 45كم.

وحسبنا الإشارة في هذه العجالة إلى وادي يرامس الخصيب الذي شهد تراجعاً كبيراً خلال السنوات الأخيرة لعوامل مرتبط بعضها بعملية جرف التربة والتهام مياه السيول مساحات كبيرة من أرضها الزراعية إلى جانب عملية الري البدائية التي يعتمد عليها المزارعون في ظل غياب تام للمشاريع.. ولم تكن الالتفاتة الأخيرة قبل نحو عام ونصف ببناء بعض المصدات والحواجز المائية في بعض الأماكن ذات جدوى لأسباب كثيرة سنحاول لاحقاً تبيانها دون إغفال استبشار المزارعين بها تماشياً مع حقيقة «أن تصل متأخراً خير من أن لا تصل نهائياً».

غابت المشاريع وحلت الإرادة بديلاً عنها
غابت المشاريع وحلت الإرادة بديلاً عنها
ماض تليد ومجد غابر

يحسب ليرامس المنطقة التاريخية والأثرية وموطن الرجال الأشداء الأقوياء أنها ظلت خلال عقود من الزمان من أهم المناطق الزراعية في دلتا أبين ويكفيها فخراً أن الهمداني في كتابه«صفة جزيرة العرب» قد سماها بالوادي العظيم وأن بريطانيا إبان حكمها جنوب الوطن سابقا قد اختارتها لتكون منطقةلإكثار البذور من بين معظم المناطق الزراعية في البلاد وما ذاك إلا لجودة ترتبها كما أنها أول منطقة تم زراعة القطن الطويل التيلة فيها وتحديداً في منتصف القرن الماضي (1950م) حسب روايات بعض المزارعين وقد اشتهرت بأرضها الزراعية الخصبة وجودة تربتها ونقاء أجوائها وتنوع التضاريس فيها وكثرة محاصيلها التي جعلت تعاونيتها (تعاونية يرامس الزراعية) من أشهر التعاونيات في دلتا أبين منذ تأسيسها أوائل خمسينات القرن الماضي إلى صيف عام 1994م وكان يطلق عليها وإلى وقت قريب (حاضرة آل فضل).. تلك هي يرامس في قديم الزمان لكن ماذا عن يرامس اليوم؟؟

لقد تبدلت كل أوجه الحياة فيها فهجرها أبناؤها وجرفت معظم أراضيها وتعطلت سبل العيش والبقاء فيها وتحولت منازل مواطنيها إلى (أشلاء) متناثرة هنا وهناك بعد أن جار عليها الزمان وتركها الخلان بحثاً عن حياة معيشية أفضل ومع ذلك لم تتوقف عجلة الحياة فيها للأبد فهناك من لايزال قلبه ينبض بحب الأرض المعطاءة فآثر البقاء والاستمتاع بنسمات هوائها القليل والاستئناس بسماع أصوات الطيور المغردة على أشجار أراضيها والتلذذ بمزج عرقه الطاهر بترابها و(مرغ) أقدامه أوحالها.

مياه سيول تذهب الى البحر والارض جدباء
مياه سيول تذهب الى البحر والارض جدباء
يتحدون الصعاب

منذ القدم والمزارع في يرامس يعطي أرضه دم قلبه فلم يخضع أو يخنع أمام الظروف القاهرة التي تحول دون ريها أو إيصال مياه السيول إليها في ظل غياب المشاريع الزراعية عنها كما ذكرنا سابقا فلم يجد المزارع من بد سوى تحدي الصعاب ومجابهة الظروف بالوسائل الممكنة فجعل من الحجر والشجر سياجاً يتحدى به جبروت الوادي الشهير (حسان) الأكثر انحدارا بين أودية الجمهورية فينجح تارة ويخفق في الأخرى إلا أنه لم يرفع راية الاستسلام ولم يول دبره ظهر الوادي فظل وسيظل على ما يبدو سنوات عديدة وهو في صراع دائم معه.. وفي كل موسم تزود المنطقة أسواق المحافظة بالخضار والفواكه وأيضا المحاصيل الزراعية والحبوب بمختلف أنواعها ويأتي السمسم (الجلجل) في مقدمتها وهو الأفضل داخل المحافظة بحسب شهادة أصحاب (معاصر السليط) إلى جانب الحبحب والباباي والشمام وحالياً الموز خاصة في قريتي امسواد والروضة فضلاً عن المحاصيل النقدية كالقطن طويل التيلة واللوز وغيرها.

وقفات

- الخطوة الأخيرة التي أقدم عليها المجلس المحلي بمديرية خنفر بمساعدته للمزارعين في يرامس من خلال إصلاح بعض القنوات كانت رائعة حتى وإن جاءت متأخرة خصوصا أن البعض قد تحمل مبالغ طائلة في سبيل إصلاح أرضه وريها.

أرض متعطشة للماء بسبب عدم وجود مشاريع للري
أرض متعطشة للماء بسبب عدم وجود مشاريع للري
- المزارعون في قريتي امسواد والروضة اتجهوا مؤخراً إلى عمل آبار ارتوازية لأراضيهم الزراعية بعد استحالة وصول مياه السيول إليها في ظل غياب تام للمشاريع عنها ونجحت التجربة وإلى حد بعيد فتحولت الأرض الجرداء إلى بساط سندسي أخضر يسر الناظرين.

- في حين مياه السيول باتجاه البحر تظل الأراضي الزراعية في يرامس عطشاء لغياب المشاريع الخاصة بالزراعة.. ما رأي مكتب الرزاعة بأبين في الأمر.

- إلى وقت قريب كان المزارعون يعلقون آمالا عريضة على سد حسان ولكنهم صدموا بنقل موقعه إلى مكان آخر بعد أن تدخلت أمور خاصة وأخرى شخصية في نقله دونمراعاة للأراضي الزراعية في يرامس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى