نموذج من مدرسة حضرموت السيد عبدالله محفوظ الحداد رحمه الله

> سالم العبد:

> لطالما تساءلت من أين استمد هذا الرجل المتصف بتواضعه الجم برغم علمه الغزير ولزومه بيته منقطعاًً للدرس والمطالعة والفتوى لمن يزوره من بسطاء الناس فيما اشتكل عليهم من مسائل الحياة؟.. إضافة إلى وظيفته كخطيب للجمعة في مسجد عمر الجامع، وكذا قيامه بتدريس اللغة العربية في كلية التربية العليا بالجامعة في المكلا أيامها.

ولما شاهدت جموع المتظاهرين من أبناء المكلا وبقية مدن حضرموت يتجهون بشكل تلقائي إلى بيته المتواضع في حي الصيادين في خضم أحداث الغضب التي استفزها فيهم أحد وكلاء النيابة من خارج محافظة حضرموت حين قذفهم في أعراضهم بكل صلف وغرور!! حينها عرفت ولمست مثل غيري من أبناء حضرموت والمكلا تحديداً أن هذا الرجل متوج على القلوب وحاكم بوَّأته الجماهير ليتربع هذه المكانة الرفيعة دون أن يطلب هو ذلك.. وهي من الحالات النادرة التي علقت وما تزال في أذهان ووجدان أبناء المكلا وحضرموت. والحين الآخر عندما اطلعت على كتاب (التنظيم القضائي في الدولة القعيطية بحضرموت دراسة مقارنة) للباحث متعب مبارك بازياد، من إصدارات دار حضرموت للدراسات والنشر بالمكلا - توزيع معرض الحياة الدائم، فقد جاء في الصفحة (184) ملحق (2) هذه الوثيقة التاريخية التي تعكس بجلاء قوة القضاء والقاضي المذكور، السيد الحداد، وكذا حكمة ونضج الحاكم وعلمه وسعة صدره برغم أنه سلطان وبيده كل السلطات وليس رئيساً منتخباً يحدد صلاحياته الدستور والديمقراطية والتعددية و.. و.. وهذا نص الرسالة كما وردت:

«مولانا صاحب العظمة السلطان غالب بن عوض القعيطي المحترم حفظه الله

بواسطة معالي وزير السلطنة

بعد التحية:

وبعد فقد تسلمت خطابكم رقم 66/1/6/18 المحرر 15 شوال 1386هـ بخصوص ما شكاه إليكم السيد سالم بن جليدان من القرار الصادر ضده وقد طلبتم حضوره بصحبة الملف المختص... إلخ

اسمح لي يا صاحب العظمة أن أقول إن هذا الخطاب وخطابات سبقت على مثاله تعتبر أكبر إهانة للقضاء لو كان القضاء وضعياً فكيف وهو قضاء شرعي، وبقدر ما هو إهانة للقضاء هو إهانة لرئيس القضاء وإذا كنا تغاضينا عن سوابقه فإنما كان ذلك منا مراعاة للمصلحة العامة ورجاء التصحيح سيما وأننا قد نبهنا إلى ذلك أكثر من مرة.

ولكن الأمر أصبح في نظرنا مسألة ثقة أو عدمها قبل أن يكون تمسكاً بقوانين الدولة في تشكيل المحاكم واستقلالها.

لهذا فإننا مضطرون لنضع الأمر على حقيقته فإما أن يكون القضاء والقضاة محل ثقة عظمتكم وتتركونهم يتحملون مسئولياتهم أمام الله بالنيابة عنكم أو لا تكون هذه الثقة متوفرة وفي هذه الحالة يجب أن تعفونا عن هذه المسئولية ونحن على أتم الاستعداد للتخلي عنها مغتبطين لمن يحوز ثقة عظمتكم. ولا نقبل مطلقاً أن يُطلب رئيس القضاء رسمياً كمتهم ولو كان هذا الطلب من صاحب العظمة. ولا أن تطلب ملفات القضاء وكأن أحكام القضاء بالمجلس العالي قابلة للنقض وكأن هناك سلطة تملك إلغاء مثل هذه الأحكام أو تعديلها.

عبدالله محفوظ الحداد رئيس المجلس العالي للقضاء»

ونكتفي بهذا القدر من الرسالة المرفقة.. ولا تعليق!!؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى