وتلك الأيــام .. الكلمة والانتصار الحقيقي

> علي صالح محمد:

> لبلوغ الكلمة هدفها المنشود في الحضور والتأثير من المهم أن تكون محصلة لتزاحم الأفكار البناءة المتبادلة باعتبارها أعظم وسيلة للتخاطب وللتفاهم وللحوار وللتواصل والتعايش بين الناس والأمم وتقريب وجهات النظر المختلفة وللتعلم وتحقيق أهداف الوجود الإنساني بعيداً عن لغة الرصاص وأزيزها ودوي المدافع المدمرة للوجود وللحياة.

ولهذا أشعر أن الانتصار الحقيقي هنا هو انتصار الكلمة بمعانيها وأهدافها السامية المسنودة بمشاعر الصدق والحق والتعايش واحترام الآخر، والمعتمدة على المعرفة والعلم وقوة الحجة لبلوغ الغايات الإنسانية النبيلة، أما الهزيمة الكبرى فهي انتصار مشاعر الزهو المؤقت للرصاص والاحتراب وما ينتج عن ذلك من مآس وخسائر بشرية ومادية لا تعوض لتتشبع الأرواح بمشاعر الثأر والانتقام لزمن طويل، إذ إن العظمة هي في تعلم علاج الناس وليس في إيذائهم، وكما هو معروف فكل المعارك وفصول الاقتتال قامت جميعها على الجهل الشديد والتخلف المريع، ولنا في تجربة الحكم والصراع السياسي في اليمن خير مثال على ذلك، لتظل اليمن حتى يومنا هذا في قائمة أشد الدول فقراً وتخلفاً بسبب لعنة الاحتراب والقتل ولعنة الإقصاء للإنسان والاستغناء والتمييز والتجويع:

ومهلاً بالجياع فرب طاوٍ ** ستنتقم السماء له انتقاما

فلم أر مثل سيف الفقر سيفاً ** إذا أمعـاؤه سـلـّت حساما

من هنا فإن الانتصار الحقيقي ليس في ازياد قائمة الجوعى أو القتلى وضحايا الصراعات المستمرة وتغلب فئة على أخرى والاستئثار المادي بمزايا الانتصار المؤقت وما ينتج عن ذلك من إقصاء وإبعاد للكفاءات ولخيرة العقول، بل في قدرة منظومة الحكم على تلقيص مساحات الفقر والجوع من خلال التنمية البشرية الحقيقية كمصدر للأمن والاستقرار وباعتبار الإنسان غايتها ووسيلتها كونه أهم الثروات وبالاعتماد على ثقافة الحوار واحترام حقوق الآخر ونشر العلم والمعرفة كطريق للقضاء على الفقر ومآسي الجهل والتخلف في اليمن عموماً وفي المناطق الجنوبية خصوصاً التي لم تزل تعاني من آثار الحرب الظالمة في 1994 وهي القضية المحورية التي يجب أن تتضمنها وثيقة ضوابط الحوار بين الأحزاب وهو ما أكد عليه البيان السياسي للمئات من الشخصيات السياسية والاجتماعية والعسكرية والذي مازال يلقى صدى وترحيباً كبيرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى