> د. هدى علي علوي:

«الحياء في المرأة جمال، الرقة في المرأة جمال، القوة في المرأة جمال، الذكاء في المرأة جمال.. وكل رجل وذوقه»

***
مازلنا نجادل في قضايا المرأة بتوجس مناطق الخطر، فإذا ما هجرنا العقل وخاصمنا المنطق فقد سقطنا في فخ الحذر، وإذا ما حاولنا أن نفتح ثغرة للنور واخترقنا حاجز السور فقد أطلقنا أول الشرر، ولأننا كما يقولون أمة لا نقيم وزناً للحرية الفردية فإن الجماعة ممثلة بمفاهيمها وعاداتها تمارس ما يشبه الإرهاب الاجتماعي على الفرد فإذا لم تتزوج المرأة تقهرها الألسنة المتطفلة فينكفئ قلبها وينطفئ بريقها لتصفر كشجرة لسعها الصقيع في البراري، وإذا تزوجت عليها كي تحتفظ بالرجل أن تتقن رسم فضاءات العالم بألوان قزحية لتثير خيالاته وتجعل أشياءه العادية أكثر جمالاً ودهشة، وإذا أعلنت فشلها في الزواج بعثت بالإشارة الخطأ للمجتمع فتنقلب حياتها إلى معاناة لانهائية تجعلها نهباً للظلم وفريسة سهلة للانكسار وبها تصبح صكاً لإثبات العفة وآخر لطلب الغفران، أما وقد تميزت بكفاءتها خارج مؤسسة الزوجية فقد عولت على هوسها بالنجاح أكثر من التعويل على سحرها كأنثى وفي ذلك مؤشر منها على التفريط بهذا الزواج الذي يسير تدريجياً نحو القبر كما يسير الليل نحو الفجر، ذلك أن على المرأة ألا تحب نفسها إلا في الرجل فتتخبط بين الامتثال لحكمة السماء والزهد في كنف الزوج باعتباره المبرر الاجتماعي الوحيد لوجودها، وبين الإصرار على انشغالها بانتفاء صفة العدالة عن عالمنا كجزئية مؤثرة في منظومة هذا الكون وحركة مداراته فيبدو خروجها للعمل خارج المنزل أحياناً أو انخراطها في العمل العام غالباً هو فعل الضغط والاستدراج إلى كمين القرار الملغوم بفشل الزوجية، حيث يحمّل المجتمع المرأة وحدها تحدي الخروج من عنق الزجاجة أو الركض مهرولة في شوارع الحيرة عارية إلا من أنينها، لأن هذا المجتمع لا يدعم خيار التوازن بين الحقوق والالتزامات في الإطار الاجتماعي ذاته إلا من حيث تقدير متطلبات الرجل وأولوية تلبيتها مكتسية عباءة الشرع، منتشية لعلو قدره وتفضيل شأنه دون أدنى اعتبار لواجباتها المزدوجة داخل البيت وخارجه فضلا عن أعبائها بوصفها فرداً في المجتمع له صلة اجتماعية وطقوس واهتمام حتى لو عكست اليوم هذه الاهتمامات ثقافتها النسوية وتعلقت بوسائل مواجهة عبث الزمن والتصدي لاجتياح خطوط التقدم بالعمر سواء بالأدوات التقليدية المتاحة أم بحقن البوتكس والسيلكون للاحتفاظ بصورة الأنثى المتجددة مدة أطول.

لذلك على الرجل ألا يقزم المرأة وأن يحترم ميولها ويلم بمفرداتها ويقرأ احتياجاتها، وأن يتعاطى مع فرضياتها وافتراضاتها مهما كانت متناهية في البساطة، أما تجميل أسباب الإقامة في مخدع الزوجية أياً كان وضعه وحالته ودرجة اهترائه استجداء للنفاق الاجتماعي فهو دغدغة لخاصرة الألم وتبييض للحياة المغمورة كما يبيض البعض الأموال غير المشروعة أو يدافع عن سياسة الأرض المحروقة.

إن الجينات التي أنتجها تاريخ التحررية عند الكثيرات قد جعلتني أتلصص على حياة بعضهن من خلال ثقوب واسعة فسمعت صرخاتهن المحتقنة وفوجئت بجراحاتهن التي لا تندمل وقدرت كبرياءهن الذي لا يكل والتمست لهن العذر أحياناً فقد صدقت أن بعض النساء ولدن وفي فمهن ملعقة من الرصاص ومنهن التي يخذلها الرجل إذ يتركها وحدها تمشي على الزجاج المطحون ليمضي إلى امرأة يسهل تصفيفها، تشكيلها، تجنيدها وتحنيطها.. امرأة يستطيع أن يرصد أنفاسها ويقمع نبضها ويصادر رأسها، لذلك فإن جراحة القلب المفتوح التي تعني عملية تفريغه من الدم وإيقافه عن العمل لبعض الوقت هي المحاولة الأفضل لإعادة ضخه من جديد بدم نقي أكثر تدفقاً وليونة.