> إسلام أباد «الأيام» سايمون كاميرون مور:

إمام المسجد الأحمر مولانا عبدالعزيز يرفع يده الموثقة بالأصفاد لدى مغادرته قاعة محكمة مكافحة الإرهاب في راولبندي بباكستان أمس
وقال الضابط بصوت خفيض “نخشى ان تصبح باكستان مثل العراق بكل ما يشهده من تفجيرات انتحارية.” كان ذلك في مارس الماضي عقب سلسلة من الهجمات اسفرت عن سقوط 45 قتيلا.
وبعد اربعة اشهر وعقب شن قوات خاصة هجوما على معقل للمسلحين في مسجد بالعاصمة ساء الوضع الامني كثيرا حتى بدا ان الكابوس اضحى واقعا.
ويوم الخميس وحده وقعت ثلاث هجمات انتحارية اسفرت عن سقوط 52 قتيلا.
واستهدفت الهجمات الشرطة والجيش ومهندسين من الصين اوثق حليف باكستان في المنطقة.
ونجا الصينيون دون اي اذى ولكن مرافقيهم من رجال الشرطة قتلوا.
ويقول مسؤولون ان مسلحين يسيرون على نهج القاعدة وطالبان شجعتهم الاخفاقات الامريكية في العراق ويعتقدون ان بوسعهم زعزعة استقرار باكستان واسقاط الرئيس برويز مشرف حليف الولايات المتحدة باستخدام نفس اساليب المسلحين العراقيين.
وعلى مدار أكثر من اسبوعين من شهر يوليو قتل اكثر من 180 معظمهم من الجنود ورجال الشرطة وسقط اغلب الضحايا اثر تفجيرات انتحارية.
وزادت الاوضاع سوءا بانهيار اتفاق السلام المبرم منذ عشرة أشهر مع مسلحين موالين لطالبان في اقليم وزيرستان الشمالي على الحدود مع افغانستان.
تأتي الازمة في وقت حرج في تاريخ باكستان اذ تجري الانتخابات في يناير في واحدة من احرج اللحظات للرئيس برويز مشرف منذ توليه مقاليد الحكم إثر انقلاب في عام1999.
ويضع ذلك الحكومة في مأزق فمحاولات الاسترضاء لم تجد والخسائر الفادحة تأتي بنتائج عسكية.
وصرح مسؤول بارز لرويترز طلب عدم نشر اسمه لرويترز أمس الأول “لا ننوي الاستسلام سنواصل القتال.”
وتابع “لا يسعنا ان نعزل مواطنينا كما يبدو انه حدث مع حكومة الولايات المتحدة بشان العراق.
لا نريد ان يصل الامر للحد الذي يقول معه الناس ..كفى..فقط اقروا السلام مع الملالي.. نريد سلاما.”
وهذه الايام يشير مشرف “لنهج طالبان” والتطرف بوصفهما اكبر المخاطر لباكستان ويريد فترة ولاية اخرى ليهزمهما ويحمى ما انجزه من احياء للنشاط الاقتصادي وسلام دائم مع الهند المجاورة.
ويمكن لمشرف ان يقود عملية اعادة انتخابه من خلال المجالس الحالية قبل حلها في نوفمبر المقبل ولكن في حال اجراء انتخابات حرة ونزيهة كما تصر واشنطن فقد ينتهي به المطاف بتقاسم السلطة مع رئيس وزراء ليس من اختياره.
وفي السر يبدي كبار المسؤولين في الادارة الباكستانية مخاوفهم من ان تنال الازمات المتعددة من مشرف في ظل غياب دعم كاف وان ينسحب بكل بساطة.
وقال مسؤول بارز “انه سيناريو قد يحدث اذا ما خرجت الامور عن السيطرة في ضوء طبيعة شخصيته.”
ويتعرض مشرف لضغط دائم من الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي ليبذل جهدا اكبر للقضاء على ملاذات آمنة لافراد طالبان داخل باكستان.
كما ضعف موقفه نتيجة انتقادات واسعة النطاق لمحاولته اقصاء كبير القضاة في البلاد.
واحبطه عدم مساندة ساسة في الائتلاف الحاكم له خلال تلك الازمة.
ويحبطه ايضا محاولة عقد صفقات من ساسة سابقين مثل رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو التي تتحين الفرصة للعودة من المنفى سعيا وراء الحكم.
وإضافة إلى كل ذلك فإن الجنرال مطالب دستوريا بترك الجيش بحلول نهاية العام.
ولكن يمكن لمشرف على الاقل الاعتماد على المساندة الامريكية.
وقال سيتفن كوهين الخبير في شؤون جنوب آسيا بمعهد بروكينجز في واسنطن “ اعتقد ان الادارة ستتمسك بمشرف إلى النهاية.البحث عن بديل امر خطير... اتفق معهم في هذا الشأن” واضاف ان مشرف ربما لا يكون الزعيم الامثل ولكنه افضل المتاح.
وفي الوقت الحالي يستعد مشرف لخوض مزيد من المعارك.
وبدأت حملة التفجيرات التي شنها مسلحون عقب اندلاع مصادمات بين قوات خاصة وطلبة متشددين خارج المسجد الاحمر في العاصمة في الثالث من يوليو .
وتقول الحكومة ان اكثر من 102 قتلوا فيما اعقب ذلك من حصار للمسجد والهجوم عليه لسحق حركة طلابية تستلهم نهجها من طالبان والتي اجتذبت مسلحين متشددين.
ويعتقد مسؤولون امريكيون وليبراليون باكستانيون ان ارسال القوات يعني انه ينبغي لمشرف الآن القضاء على نقاط اخرى للتمرد وقطع العلاقات الوثيقة بأحزاب إسلامية معارضة مما عرقل برامجه الليبرالية.
وقال ريتشارد باوتشر مساعد وزيرة الخارجية الامريكية للصحفيين في واشنطن الاسبوع الماضي “الآن بعدما تعامل مع (حادث) المسجد فقد تجاوز الحد ولا يمكنه العودة.” وذكرت بوتو ان مشرف “وضع حدا اخيرا.” وصرحت لصحيفة ديلي تلجراف البريطانية في الاسبوع الماضي “انها نهاية السياسات الغامضة تجاه الارهاب.” رويترز