الاحتقان الداخلي والأطراف المحلية والخارجية

> ياسر اليماني:

> البداية والأبعاد ..اتسعت في الآونة الأخيرة.. حالات الاحتقان الداخلي، وأخذت أشكالاً عدة في التصعيد والمواجهة العلنية- أكان عبر الاعتصامات وتنظيم المسيرات والتظاهرات وعقد اللقاءات - أو من خلال إصدار البيانات والقيام بحملات إعلامية واسعة ومنظمة.. وبرزت على السطح مع تصاعد وتنامي هذه الأحداث والاحتقانات، مسميات عديدة.. لجمعيات وملتقيات وغيرها من الأسماء، تقف وراء ما جرى ويجري في الساحة الداخلية- وخاصة..«المحافظات الجنوبية».. تحت مبرر «مطالب حقوقية» إلا أن ما نشاهده ونعيشه.. لم ينحصر في «المطالب الحقوقية» ولكنه أخذ أبعاداً سياسية أخرى- تجاوزت.. «الأهداف - المهنية والحقوقية والاجتماعية».. التي أنشئت وقامت وتكونت من أجلها هذه الجمعيات كمدافع عن حقوق أعضائها- إذ تحولت للأسف.. كواجهات سياسية - ربما تقف وراءها أطراف داخلية.. أكانت حزبية معارضة أو غيرها- من الجهات.. التي «لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب» وربما أطراف خارجية- وهذا ليس بمستبعد وإنما آلية من تلك التي لديها «مشاريع مرتدة» عن وحدة الوطن- خاصة وأن ما يتم ترديده من «شعارات» في مثل هذه الاعتصامات.. وما تتضمنه البيانات الصادرة عن هذه الجمعيات.. يوحي بهذا الاستنتاج..!!

أسئلة مشروعة!!

في ظل هذا المعمعان.. ومع بروز مثل هذه التوجهات، وجدت نفسي ملزماً بالكتابة، حول ما يدور من أحداث داخل الوطن، الذي تظلله اليوم.. راية الوحدة والديمقراطية والتعددية، منذ إشراق شمس «22 مايو» المجيد 1990م حيث برزت أمامي، أسئلة كثيرة.. تحتاج إلى إجابات شافية وتحليل عميق ونظرة أوسع وأشمل.. عن أبعاد هذه الاحتقانات والأيادي الخفية التي تحركها وتقف خلفها في مثل هذه الظروف؟! وتستغل المناخ الديمقراطي- كجسر للعبور عليه نحو تحقيق مآربها وأهدافها القريبة والبعيدة.. في آن معاً - وبالرجوع إلى ما ذكرت في بداية موضوعي هذا.. أود القول في إطار هذه التساؤلات المشروعة.. لمصلحة من يتم الدفع بمثل هذه التوجهات؟! ومن المستفيد من وراء إثارة وتغذية الفتنة الداخلية وإحياء النزعات الضيقة - التشطيرية والمناطقية والجهوية والقروية، ومحاولة شق الوحدة الوطنية والاجتماعية للشعب اليمني والإضرار بالسلام الاجتماعي واستقرار وأمن الوطن؟!

وفي المقابل أيضاً - أسأل.. أما من نهاية لمثل هذه التداعيات والأحداث المفتعلة المضرة بحق الوطن ووحدته؟! أما يكفي هذا الوطن.. ما يمر به من أزمات وويلات ومآس وحروب داخلية.. وتآمرات خارجية وما لحق بالشعب اليمني عبر مراحل وحقب مختلفة -آخرها حرب 1994م - من خسائر فادحة - نفسية ومعنوية ومادية.. وفي الأرواح- أيضاً لا تقدر بثمن؟! أما آن الأوان لكي ينعم الوطن بالأمن والأمان.. ويستقر وينهض ليلحق بركب الحضارة والتقدم والرقي.. وأن يسعد الشعب اليمني بأسره بحياة التطور والازدهار والمدنية وتجنيبه الوقوع في «فخ» المنزلقات ومخططات التآمر الخارجي، التي لا تريد لليمن - وطن الإيمان والحكمة والسلام.. أن يعيش في أوضاع داخلية مستقرة؟!

إجابات شافية

إن الإجابة عن كل هذه التساؤلات.. هي من مسؤولية كل من يعزًّ عليه هذه الوطن ووحدته وتقدمه الاجتماعي.. فالوقت قد حان لكي يشمر الجميع عن سواعده للبناء والتنمية والحفاظ على كافة المنجزات التي تحققت لهذا الشعب بفضل وحدته المباركة.. فجميع اليمنيين يدركون جيداً.. أبعاد ما يدور داخل الوطن من مثل هذه الأحداث والمنغصات.. كما أنهم يدركون أيضاً الكثير من المواقف والأزمات العصيبة والمنعطفات الخطيرة، التي لم تولد سوى حياة البؤس والاحتراب والعودة بالوطن إلى عهود التخلف والحرمان.

وهذه جميعها.. تقف وراءها وتحركها قوى خارجية.. وتنفذها بأياد يمنية مدفوع لها مقدماً التي تدفع بها نحو مزيد من الاحتقان وممارسة أفعال لا تتوافق مع المصالح الوطنية العليا للشعب والوطن ووحدته.

حقوق مكفولة

لقد كفل القانون كافة الحقوق العامة للمواطنين، وإحقاق كل شخص يشعر بالظلم - أكان في الوظيفة أو الترقية أو الاستحقاقات الأخرى المتعلقة بالمرتبات وحقوق المتقاعدين أو المبعدين والموقفين عن أعمالهم.. وغير ذلك من المنافع القانونية التي يكفلها الدستور.. فهناك طرق وأساليب قانونية كثيرة، يمكن اتباعها في الحصول على هذه الحقوق وبصورة سلمية ومدنية لا تصل إلى حدود التطاول على الوطن ووحدته والإضرار بالسلام الاجتماعي.. ورفع «الشعارات» التي تنم عن «شيء في نفس يعقوب» وتحمل أبعاداً ليس لها علاقة بالأمور المطلبية والحقوقية وممارسة الابتزاز السياسي باسمها.. ومحاولة المساس بالثوابت الوطنية والتلويح بقضايا أخرى.. لا يمكن قبولها وتمثل «خطا أحمر» يصعب الاقتراب منه أو تجاوزه.. لأنه يعني مصير وطن ومستقبل أمة.

قرارات واضحة

لقد تفاعلت القيادة السياسية بزعامة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية.. مع مطالب المتقاعدين العسكريين والمدنيين- رغم كل الإساءات والتطاولات - إذ أصدر فخامته قرارات واضحة بتحقيق هذه المطالب وفقاً للقانون وبحسب الاستحقاق، وأن يمنح كل ذي حق حقه في الترقية والمعاش والإعادة إلى العمل بمن فيهم المتقاعدون.. ونزلت لجان على الفور لتنفيذ هذه القرارات، بحسب المحافظات- وباشرت عملها.. ومنذ أيام استلم الكثير من المستحقين الزيادات المقررة لهم مع مرتباتهم التقاعدية.

والباب مفتوح للمتظلمين.. في ضوء القرارات الرئاسية وقرارات مجلس الوزراء الأخيرة.. التي بموجبها أقر الإجراءات التنفيذية لتوجيهات فخامة الرئيس - بشأن معالجة أوضاع المتقاعدين العسكريين والمدنيين، وإعادة أي شخص منهم للخدمة - إن كان قد أحيل إلى التقاعد، بصورة غير قانونية وبما يكفل الاستفادة من تخصصه وكفاءته..حيث وجه المجلس بدراسة تلك الحالات للتأكد من سلامة الإجراءات القانونية التي اتخذت لإحالتها للتقاعد من عدمه، وكلف لجاناً برئاسة المحافظين وعضوية الجهات ذات العلاقة بهذه المهمة، تثبيتاً للقواعد القانونية المنظمة لهذه العملية، والالتزام بالقانون وعدم تجاوزه. فماذا يريد هؤلاء إذن؟!

الإجراءات واضحة.. وتوجيهات فخامة الرئيس وقرارات مجلس الوزراء واضحة أيضا.. وليس هناك ما يستدعي أن تقوم مثل هذه الجمعيات بعد ذلك بأفعال تثير الفتنة والتطاول على السلام الاجتماعي واستغلال المناخ الديمقراطي.. فلن يجدوا إلا الاستنكار من عامة المجتمع لمثل هذه الممارسات الفردية وغير القانونية وغير المسئولة.. والله من وراء القصد!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى