نعم لمنظمات المجتمع المدني..لا للدلالات السياسية

> م.صائب الحريري:

> من الخطأ تصور الديمقراطية على أنها مجرد عملية سياسية تتم عبر ممارسة الانتخابات الحرة واختبار ممثلين سياسيين للبرلمان فقط، بل هي ممارسة على صعيد قطاعات المجتمع كافة بمؤسساته وهيئاته الرسمية والشعبية.

الهيئات والجمعيات الشعبية هما المحرك والمطبق الحقيقي للديمقراطية وحاميها من السياسيين وغيرهم ممن قد يعبثون بها ويفصلونها على مصالحهم السياسية أو الحزبية، وهي التي تنشر الممارسة الديمقراطية الحقة في المجتمع وتقومه على أسس حضارية متطورة في طرح القضايا والمطالبة بالحقوق والدفاع عن المكاسب.

تأتي أهمية هذه الهيئات والنقابات من كونها الوسيلة التي يقوم من خلالها أصحاب القضايا أو المطالبات بتنظيم أنفسهم في عمل علني لتحقيق مطالبهم والتعبئة لها، وبعيدة عن وسائل العنف أو مظاهر القوة أو الابتزاز إلى غير ذلك من أساليب غير حضارية في السعي لتحقيق المطالب أو الحقوق أو الدفاع عنها ضمن إطار القانون وأعراف المجتمع المدني.

هذا المسلك في المطالبة بالحقوق والدفاع عن المكتسبات، يعتبر عملاً مكملاً لما قد يصدر من السلطة السياسية من تجاهل لبعض القضايا ذات البعد المستقبلي لا يمكن تحديد نتائجها على المدى القصير.

من هنا تأتي أهمية النقابات والهيئات الشعبية وجمعيات النفع العام، التي تسد فراغاً مهماً في العملية السياسية، عبر تسليط الضوء على مشكلات خاصة أو المطالبة أو الدفاع عن حقوق بعض الفئات، يتم إهمالها من السلطة السياسية أو المجتمع بشكل عام.

المهم أن لا تتحول منظمات المجتمع المدني إلى هيئات أو نقابات سياسية، أو تدخل معترك العمل السياسي الحزبي أو غيره، بمعنى أن أداء القائمين عليها يجب أن يكون حقوقياً ومطلبياً، ينطلق من أدوات لتحقيق المطالب بطرق شرعية وقانونية لا سياسية صرف، حتى وإن كان الهدف من وراء هذه المطالب ذا أبعاد سياسية في بعض الأحيان، لأن دخولها في المعترك السياسي سيؤدي حتماً في النهاية إلى الدخول في حساب التكتيكات والمساومات وغيرها، والتي ستضيع في النهاية العديد من المكاسب والحقوق.

العمل السياسي يكون في الأغلب عاماً من حيث المطالب أو القوانين التي تسن أو تشرع من قبل المشرعين، وهذا النوع من العمل لا يأخذ بعين الاعتبار، في أحيان كثيرة، مصالح بعض الفئات والشرائح الخاصة. كما لا يخفى على أحد المساومات وتقديم المصالح والتكتيكات والشد والجذب، وتبادل المواقع وغيرها من ممارسات تشوب العمل السياسي، مما قد يعرض حقوق فئات مختلفة مـن المجتمـع إمـا للضيـاع أو التجـاهل أو الغبن.

أهمية النفايات والهيئات الشعبية، أيضاً، يكون لتصحيح المساوات الخاطئة في العملية السياسية لأن القضايا المطروحة والتي يدور حولها الجدل تمس مصالح الشريحة أو المهنة التي تمثلها تلك الهيئات بشكل مباشر، ناهيك عن الأمور المتعلقة بتطوير مستوى عمل المهن أو القطاع الذي تمثله، حيث يعمل القائمون على هذه المؤسسات على نشر جوانب من طبيعة مهنتهم بين العامة، وعمل أنشطة ذات صلة بالمجتمع لمعالجة المشكلات من منظور تخصصاتهم، وبذلك تغطي هذه الهيئات جانباً مهماً من النقص، وهذا الأمر بلاشك يمثل ممارسة حقيقية للعملية الديمقراطية.

الديمقراطية الحديثة تقول لنا:لا ديمقراطية في ظل غياب أو ضعف مؤسسات المجتمع المدني التي ترتبط أفراد المجتمع، وكذا في ظل ضعف الوعي بءهمية التوافق السياسي لتسيير الوطن وتنميته، لأن الديمقراطية تقوم على الحريات التي تتيح للمواطن «كمواطن» فرص العمل والخلق والابتكار والتنظيم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى