ديمقراطية تقصي أمراء وديمقراطية بلا سلطة على المدراء

> محمد علي محسن:

> الشيخ علي الجراح الصباح وزير النفط الكويتي ثاني شخصية نافذة من الأسرة الحاكمة لدولة الكويت الشقيقة يطاح بها من مجلس الأمة قبل أيام ورابع مسؤول من آل الصباح وإن لم يكن آخرهم في قائمة المواجهة مع نواب المجلس خاصة بعد أن تناقلت وسائل الإعلام إمكانية استجواب شخصية خامسة من الأسرة ومن يدري ما إذا كان سيلجأ للاستقالة والتضحية بمنصبه مثلما فعل سلفه الوزير الجراح أم سيمثل أمام سلطة البرلمان ولتكن الإقالة أو البقاء؟!

لم أتحدث بعد عن استقالة وزيرين شغلا ثلاث حقائب مهمة ولا عن مطالبة أعضاء المجلس بمساءلة وزير الداخلية وهو من عائلة أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أو عن أسباب هذا التصعيد بين الحكومة ومجلس الأمة فكل ذلك تم نشره أو بثه للملأ بشفافية وحرية ولا أظن مجلة «المشاهد السياسي» الصادرة في لندن سوى واحدة من مطبوعات كثر سلطت الضوء على تنامي المخاوف الخليحية من الديمقراطية الكويتية ومن مسلسل إقصاء الشيوخ من الحكم وفق العناوين العريضة التي تصدرت واجهات الصحف والمجلات.

لم أحدثكم بعد عن حالة الطوارئ والاستنفار الحاصلة في هذا البلد المنكوب أو المنهوبة ثروته وثورته ودستوره وسلطاته وانتخاباته إذا ما استدعت الضرورة سحب الثقة من مدير عام لا حول له أو قوة أو قبيلة نافذة مثلما رأينا الأمر في أكثر من محافظة وليس آخرها ما قدر لنا مشاهدته في الضالع ووصلت حدته إلى انشعال الحكومة والدولة والبرلمان والأحزاب بقرار سحب ثقة من مسؤول بسيط لا مقارنة أو مكانة له تذكر بين أساطين الفساد ومع كل ذلك استنفر الكبار قواهم وكأن المعركة معركتهم قبل أن تكون بإزاحة هؤلاء الصغار من وظائفهم، لمرات عدة وقرارات المجالس المحلية تواجه بتدخلات المركز حتى أنه في الأغلب صارت الوزارات تستخدم سلطتها في مواجهة سلطة المحليات المحدودة وأكبر برهان إصرار هذه الوزارة على بقاء المسحوب منهم الثقة ولمجرد أن السلطة المحلية مارست سلطتها نحوهم في الوقت الذي رأيناها بالمقابل تكلف وتعين أو تستبدل كل من لا يرغب فيه المركز أو المحافظ أو التنظيم السياسي ودونما جنحة أو حتى إحاطة أو معرفة المجالس المحلية مثلما سبق لنا مشاهدته مع أكثر من مسؤول تنفيذي وليس آخرهم مديرا التربية والتعليم بالمحافظة أو مدير عام مديرية جحاف فجميع هؤلاء طالهم التغيير من فوق دون أدنى احترام لمسؤولية المحافظات.

القضية هنا لا تتعلق بسلطة المعارضة أو الحكومة على هذه المجالس المحلية بقدر ما هي بالعقلية والفعل المهيمن على صعيد الممارسة فحتى في ظل أغلبية المؤتمر القرار في المحصلة يصعب استساغه وقبوله من القيادات السياسية المسؤولة عن التنظيم أو القيادات التنفيذية المحلية والمركزية، فكلاهما وإن اختلفا في الوظائف والمسؤوليات يتفقان في التفكير والممارسة على واقع التطبيق وما مجلس النواب الفاقد سلطته الرقابية والمحاسبية سوى أنموذج يمكن الاعتداد به ونحن نخوض في مسألة شائكة ومعقدة مثل هذه التي نظنها أفضل سلاح تشريعي متوافر للمجالس المحلية ولا يتطلب أكثر من النصف زائد واحد لسريان قرار سحب الثقة من المسؤول الأول في المحافظة أو المديريات وليس فقط المسؤولين الأدنى وإذا الممارسة تثبت عدم القبول به لا في البرلمان الذي لم ينزع الثقة عن حكومة أو زير طوال تاريخه ولا في المحليات وإن استخدمت فعلاً مثل هذا كذا مرة واستدعى الأمر الانقلاب على الصلاحيات الممنوحة خاصة بعد إخراج أجهزة الأمن العام من طائلة المحاسبة.

الوزير هلال حقيقة من المسؤولين القلائل الذين وإن اختلفت معهم سياسياً وفكرياً ومكانة من موقع القرار فليس بوسعك سوى الإعجاب والاحترام لشخصه وثقافته وخطابه ونظرته للأمور وحتى ابتسامته بوجه الآخر المختلف كلياً، نعم هو وزير من سنحان وقوته ونفوذه مستمدان من مزية الانتماء للمكان الواحد مع صاحب القرار (الرئيس) لكن ذلك لا يعني النكران والجحود لمؤهلات وقدرات ذاتية للوزير القادم من حضرموت إلى كرسي الوزارة في الحصبة أو التقليل من شأن ما يحمله من مشروع أو رؤى لتطوير نظام السلطة المحلية فحتى وإن بدت الصورة سوداء وقاتمة جراء هذه الأوضاع المعيشة والمهيمن فيها خطاب الحقوق والعدالة الغائبة والغلاء والأجواء المشحونة بالاحتجاجات المطلبية والاحتقانات الناتجة عن الشعور بالظلم والاضطهاد فلاشك بأن ظلمة الدجى ينبلج منها الفجر وما رأيناه ولمسناه في الوزير هلال من خطاب وثقافة وتوجه وشفافية وتجسيد للمواطنة المطلوبة نأمل ونتفاءل ألا يكون سوى بداية ضوء في سماء معتمة وأكثر ما توحي بالكآبة والتشاؤم والأفول.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى