كتاب الأمثال العدنية
> «الأيام» نجمي عبدالمجيد:
> مؤلف هذا الكتاب هو المؤرخ العدني الراحل الأستاذ عبدالله يعقوب خان، وقد صدرت الطبعة الاولى منه في عام 1933م بمصر ثم صدرت الطبعة الثانية منه في عدن عام 1958م عن مطبعة إبراهيم راسم، وهو خبير في شؤون الطباعة من أصل تركي.
مقدمة الطبعة الأولى
في هذه المقدمة يقول المؤلف عبدالله يعقوب خان: «حمدا لمن ضرب لعباده الأمثال وصلاة وسلاما على جميع الأنبياء ذوي الأمانة والكمال وعلى من تابعهم بأفضل.
وبعد.. فقد جمعت ما تيسر لي جمعه بهذا الكتاب من الأمثال العدنية نظرا لمساس الحاجة إليها وحبا في انتشار النفع العام.
فرجائي أن يلقى إقبالا عظيما ولا سيما في حضرات ضباط عدن الذين لهم إلمام باللغة العربية.وهذا وإني شاكر لأصدقائي فضل معونتهم وأخص بالذكر منهم حضرة خان صاحب سعيد بن علي الفجيجي والسيد محمد عبده غانم سدد الله خطاهم ووفقنا جميعا للصواب.
جون سنة 1933م
عبدالله يعقوب خان العدني».
مقدمة الطبعة الثانية
«يقول مثل انجليزي (الامثال حكم الشارع)
والحقيقة أن هذه المجموعة من الجواهر الأدبية هي من ابتكار رجال بسطاء غير متعلمين موجودين في شوارع عدن وأزقتها ونساء ذوات اقتدار على النطق بالنكتة والحكمة، مساهمين بذلك في الموضوع حينما يطقطقن بآنيتهن المنزلية في داخل خدرهن ذي الأربعة الجدران.
ومعظم الحكم والأمثال التي انبعثت باستمرار من عقول هؤلاء الذين يدعون بمنبوذي المجتمع في أوقات التهكم أو الاستبشار أو الاستفزاز، ومؤدية من غير عمد قطعا من الفلسفة مطمورة في النكت ومحتوية على نوع من الإيقاع الشعري.. كل هذه تعكس لنا مدى الذكاء الذهني لطبقة من الناس أهملهم بل وهجرهم المجتمع.
هذه الأنوار المتألقة من هذه الجواهر أذهلتني إلى درجة جعلتني عاجزا عن المقاومة وقد شعرت في ضميري أن الواجب يقضي عليّ أن أحافظ على هذه الجواهر من الضياع والنسيان وأن أحتفظ بها في هذا الصندوق الصغير بالرغم مما يكلفني ذلك من وقت ثمين.
إن الطبعة الاولى من هذا القاموس الصغير طبع في المرة السالفة في مصر منذ حوالي 24 سنة ولم أكن أتوقع أو آمل أن الكتاب سيقابل بمثل هذا الحماس العظيم بحيث تنفد 1000 نسخة منه (وهذا عدد كبير بالنسبة لتلك الأيام) في خلال سنوات قليلة من ظهوره.
فقد حاز شهرة عظيمة بحيث أن الصغار والكبار والذكور والاناث تمتعوا جميعا بعباراته الجامعة التي احتوت على الفلسفة والمرح والتي وضعت بلغة أنيقة خاصة بجميع الطبقات التي تتكلم اللغة العربية من سكان هذه البلدة الصغيرة التاريخية.
وحيث انني كوفئت على عملي الشاق بذلك الاستقبال الخالص المفعم بالإخلاص للطبعة الأولى فإنني أقدم إلى الجمهور هذه الطبعة الثانية في شكل أحسن ومحتويات أوفر.
ويتذكر القراء أن الطبعة الأولى احتوت على 770 مثلا ولكن الطبعة الثانية الجديدة لم تنقح وتهذب فحسب ولكنها أيضا أضيف اليها 150 مثلا وطبعت في عدن على ورق صقيل. وأقدم شكري الجزيل للاستاذ إبراهيم راسم مؤسس المطابع العربية في عدن علىالمساعدة التي قدمها إلي في إعادة ترتيب مواد الكتاب وقراءته للبروفات بكل عناية، وأخيرا لقيامه بطبع هذا القاموس في مطبعته الخاصة.
يناير 1958م
خان صاحب عبدالله يعقوب خان».
تمهيد الطبعة الأولى
«تقول العرب (المثل في الكلام كالملح في الطعام) وإنه ليصعب عليّ أن أجد بين الامم الاخرى أمة لا تصلح كلامها بذلك الملح، أما في بلاد العرب فإنه لا توجد مدينة ولا قرية صغيرة أو كبيرة إلا ولها أمثال عديدة خاصة بها وعدن غير مستثناة من ذلك ولا بد أن هذا الذي حدا بالرحالة المعروف برخاردت burckhardt إلى جمع أمثال البدو في سنة 1830م.وعدن لا تخلو من مفكرين أفذاذ وإليكم بعض أمثلة تدل على ذكاء أولئك وحكمتهم: (جمل يعصر وجمل يأكل العصار)وإن معنى هاته الجملة يبدو جليا في المثل الانجليزي (واحد يضرب العشب وآخر يمسك الطير) ويستعمل المثل العربي المذكور في الحالات التي يكسب فيها امرؤ على حساب آخر، بيد أنه مما لا مراء فيه أن هذا المثل نشأ في إحدى معاصر السليط في الشيخ عثمان حيث يجد المرء هذا المعنى ممثلا في دوران الجمل حول المعصرة وأكل آخر للعصار أثناء ذلك أو بعده.ثم إن هناك مثلا آخر هو:
(الحجر من الأرض الدم من رأسك) حيث يأتي ذكر الحجرة والرأس، ونشأة هذا المثل تعود إلى ما يعرف عن عدن أنها بلاد بركانية جبلية توجد فيها الأحجار بكثرة عظيمة، وأما التطبيق من هذا المثل فظاهر إذ أنه يستعمل عندما يراد بأن الوصول إلى أمر ما سهل لا يكلف تعبا يذكر، وأن في هذين المثلين دلالة على صدق منشئي الامثال الذين منهم سرفانتس cervantes القائل: إن الامثال جمل قصيرة أخرجتها التجارب.
أو هي كما يقول الألمان: (مثلما تكن البلاد تكن الأمثال) فإن الجمل والعصار والحجر والرأس أشياء عربية بلدية.قد يظن بعض الناس أن الأمثال عظام خاوية، فأقول لهؤلاء إن الامثال جواهر الجماهير وإن علىكل من ينكر ذلك أن يأخذ على نفسه مشقة ملاحظة وتدوين كل الأمثال التي تمر به في يومه مما يقرؤه في الجرائد وما يسمعه عند جلوسه في المقهاية أو بأن يخاطب ذوي الاعمال ولدى السمر في الاندية ووقت الأكل وبعده وفي السوق داخل حانوت العطار أو القصاب أو في كوخ العامل الجلف الجاهل من وقت الإفطار حتى وقت النوم، وإني على يقين من أنه سيدهش جدا من كثرة استعمال الناس للأمثال في كلامهم وأن عرب عدن وخصوصا الأميين منهم يستعملون الامثال بكثرة عظمى وسهولة زائدة وبداهة متناهية وأنه ليصعب حتى على المتعلم فهم مغزى كلامهم أثناء مخاطباتهم.
وعندي أن الأمثال في الكلام كالدهن في العجلة وأن العربي لا يقدر أن يتكلم بدون أن يدهن كلامه بأمثال مناسبة.
يونيو 1933م
عبدالله يعقوب خان العدني».
القاموس الثمين في الأمثال والحكم
إنجليزي -عربي
في هذا المجال استمر المؤرخ عبدالله يعقوب خان في عملية الرصد والمتابعة في هذا الجانب وقدم هذا الكتاب في عام 1945م والصادر عن مطبعة «فتاة الجزيرة» بعدن وقد كتب مقدمة الكتاب الأستاذ محمد علي لقمان قائلا: «ليس من اليسير على باحث أن يجمع أمثالا مفرقة في بطون الكتب ثم يختار منها الأنسب ثم يضع مقابلها من الأمثال الانجليزية ما يوافق معناها ويصور غرضها وقد قام بهذا العمل المفيد الأستاذ عبدالله يعقوب خان في كتابه هذا وله فضل كبير على عدن فقد دون تاريخها وجمع أمثالها وساهم في كتابة جغرافيتها جزاه الله خيرا.
والأمثال تجري على ألسنة الأمم في البادية والحاضرة وكل قطر ومصر، يجد فيها من يتدبرها سلماً لمعرفة آداب الشعوب ومنهلا من مناهل الفطنة وينبوعا من ينابيع الحكمة، فلم يخل القرآن الكريم ولم تخل أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام من الأمثال الرائعة والحكم البليغة في كلام موجز سديد المعنى، حسن التشبيه، قد حوى نهاية البلاغة فاستشهد بها الخطباء والكتاب واستعارها الشعراء والأدباء.
وذكروا أن سليمان عليه السلام كان أول من جمع الأمثال وحرص على ترتيبها وتبويبها، وقد كان سليمان عظيم الاطلال واسع الإدراك حصيف الرأي، عرف الناس وسبر أغوارهم وخالط جماعاتهم وأصغى إلى آمالهم وآلامهم وسمع أقاصيصهم ودرس تاريخهم فكان يردد ما يسمع في لغة عالية سهلة قريبة من القلوب لا ينساها من يسمعها.
وكما أن للعرب ولعا شديدا بالأمثال وترديدها حتى قالوا (إن الأمثال للكلام كالملح للطعام) فإن الهنود أيضا والاسكتلنديين والصينيين والايطاليين والفرنسيين والصومال كل هؤلاء لهم أمثال يرددونها ويستشهدون بها في جدهم وهزلهم.
وفي كلام الحكماء والشعراء والادباء من أقدم أزمنة التاريخ ما ذهب المثل وجرى على الألسن غير أن بعض الأمثال يكتنفها كثير من الغموض ويصعب فهم الغرض منها إن لم يعرف المرء تاريخها ولذلك قام بعض أهل الفضل يشرحون هذه الأمثال ويفسرونها كما فعل أبو الفضل الميداني في كتابه (مجمع الأمثال)، وأنا واثق أن كتاب الأمثال للاستاذ عبدالله يعقوب خان سوف يضيف إلى ثروتنا الأدبية وسوف يشجع قراء الانجليزية وأبناءها على التحسس إلى أفكارنا وفطنتنا وأخلاقنا ومبادئنا الاجتماعية التي لا يمكن أن يصورها شيء كما تصورها أمثالنا، والحق أن المؤرخ والكاتب البصير قد ينبش تاريخ أمة ويضعه أمام اعين الناس ليقرؤوه ولكنه لا يستطيع أن يصور حياة أمه لم يعش السنين الطوال بين ظهرانيها، بينما المثل الذي رددته الاجيال صالح لعرض هذه الصورة بوضوح وجلاء.
محمد علي لقمان
مايو: 1945م - عدن».
هوية الكلمة وانتماء المعنى
هذه الأمثال في جوهرها الاجتماعي هي هوية الكلمة وانتماء للمعنى من خلال المفردة التي تنبني عليها روح العبارة، والمفردة العدنية هنا هي حلقات اتصال بين الفرد والمكان عبر التعايش الزمني الذي ينقل الهدف من فترة إلى اخرى.وتدوين هذه الأمثال من قبل عبدالله يعقوب خان جاء منطلقا من حفظ ينابيع الذاكرة عند الناس في مدينة عدن، لأن الامثال والقصص الشعبية والخرافات والأساطير هي الزاد الثقافي الذي يحدد شخصية المدنية وروح إنسانها، فالمفردة الداخلة في الكلمات لا تنفصل عن المكان الذي أوجدها كحالة تهدف توصيل فكرة أو توضيح رؤية، وكثيرا ما تكون مفردات الأمثال من لغة العامة الذين يتعلمون القول من خلال الارتباط اليومي بهموم الحياة.وفي هذا الكتاب نجد من لغة التعليم الشعبية ما يقدم لنا صورة وأفكارا عن مرحلة من التاريخ الاجتماعي لعدن وحياة أهلها، وتقديم بعض مما كان شائعا بين العامة في لغة التخاطب، وصدور هذا الكتاب عام 1933م مطبوعا يجعل منه ربما أول كتاب في الجزيرة العربية يصدر في هذا المجال، كما يقدم لنا سبق عدن في الجوانب الإبداعية التي جعلت من هذه المدينة جامعة لعدة معارف وعقائد وأجناس وأعمال تشكلت هويتها في إطار الهوية العدنية التي بصماتها المعرفة والاستقرار وخلق لغة تحاور مع الغير والتعامل مع الآخر، ومن هنا تتكون لغة ومعان وتترسخ أفكار ومصائر لا يمكن أن تسقط بتقادم الزمن.
نماذج من الأمثال العدنية
-1 ابو دفن ما بعده إلا اللحد والكفن.
-2 ابن الحرام ما يرقد طارف.
-3أبو زيد معروف بشملته.
-4 الاخوان ضربوا الشور.
-5 إذا غاب الأسد ترندع الدرين.
-6 اذا وقعت يا فصيح لا تصيح.
-7 اذا همّينا العصافير ما ذرينا دخن.
-8 اذا يدك تحت الحجر جرها بالبصر.
-9 اسكب في زير مخزوق.
-10 الاسم كبير والعشا قلية.
-11 اضرب مبارك يزهد سالمين.
-12 الذي لا أم ولا خالة يصبح للناس مثالة.
-13 الذي ما يربّوه أهله يربيه الزمن.
-14 الذي ما يستحي يفعل ما يشتهي.
-15 الذي ما كان للنبي ايش بيكون للصحابة.
-16 الذي ما يفعل منكر ما يذكر.
-17 أنا أمير وأنت أمير ومن يسوق الحمير؟
-18 الذي يضحك على الناس أخس الناس.
-19بيت الاسد ما يخلى من العظام. -20مع الجماعة رحمة. -21 تشقى إلى السلة والسلة مختلة. -22 تغطي عين الشمس بمنخل وتقولي للغريب ادخل. -23 تضحك بسن ابيض وتحتها قلب اسود. -24 جدي يلعب على تيس. -25 الجوع كافر.
مقدمة الطبعة الأولى
في هذه المقدمة يقول المؤلف عبدالله يعقوب خان: «حمدا لمن ضرب لعباده الأمثال وصلاة وسلاما على جميع الأنبياء ذوي الأمانة والكمال وعلى من تابعهم بأفضل.
وبعد.. فقد جمعت ما تيسر لي جمعه بهذا الكتاب من الأمثال العدنية نظرا لمساس الحاجة إليها وحبا في انتشار النفع العام.
فرجائي أن يلقى إقبالا عظيما ولا سيما في حضرات ضباط عدن الذين لهم إلمام باللغة العربية.وهذا وإني شاكر لأصدقائي فضل معونتهم وأخص بالذكر منهم حضرة خان صاحب سعيد بن علي الفجيجي والسيد محمد عبده غانم سدد الله خطاهم ووفقنا جميعا للصواب.
جون سنة 1933م
عبدالله يعقوب خان العدني».
مقدمة الطبعة الثانية
«يقول مثل انجليزي (الامثال حكم الشارع)
والحقيقة أن هذه المجموعة من الجواهر الأدبية هي من ابتكار رجال بسطاء غير متعلمين موجودين في شوارع عدن وأزقتها ونساء ذوات اقتدار على النطق بالنكتة والحكمة، مساهمين بذلك في الموضوع حينما يطقطقن بآنيتهن المنزلية في داخل خدرهن ذي الأربعة الجدران.
ومعظم الحكم والأمثال التي انبعثت باستمرار من عقول هؤلاء الذين يدعون بمنبوذي المجتمع في أوقات التهكم أو الاستبشار أو الاستفزاز، ومؤدية من غير عمد قطعا من الفلسفة مطمورة في النكت ومحتوية على نوع من الإيقاع الشعري.. كل هذه تعكس لنا مدى الذكاء الذهني لطبقة من الناس أهملهم بل وهجرهم المجتمع.
هذه الأنوار المتألقة من هذه الجواهر أذهلتني إلى درجة جعلتني عاجزا عن المقاومة وقد شعرت في ضميري أن الواجب يقضي عليّ أن أحافظ على هذه الجواهر من الضياع والنسيان وأن أحتفظ بها في هذا الصندوق الصغير بالرغم مما يكلفني ذلك من وقت ثمين.
إن الطبعة الاولى من هذا القاموس الصغير طبع في المرة السالفة في مصر منذ حوالي 24 سنة ولم أكن أتوقع أو آمل أن الكتاب سيقابل بمثل هذا الحماس العظيم بحيث تنفد 1000 نسخة منه (وهذا عدد كبير بالنسبة لتلك الأيام) في خلال سنوات قليلة من ظهوره.
فقد حاز شهرة عظيمة بحيث أن الصغار والكبار والذكور والاناث تمتعوا جميعا بعباراته الجامعة التي احتوت على الفلسفة والمرح والتي وضعت بلغة أنيقة خاصة بجميع الطبقات التي تتكلم اللغة العربية من سكان هذه البلدة الصغيرة التاريخية.
وحيث انني كوفئت على عملي الشاق بذلك الاستقبال الخالص المفعم بالإخلاص للطبعة الأولى فإنني أقدم إلى الجمهور هذه الطبعة الثانية في شكل أحسن ومحتويات أوفر.
ويتذكر القراء أن الطبعة الأولى احتوت على 770 مثلا ولكن الطبعة الثانية الجديدة لم تنقح وتهذب فحسب ولكنها أيضا أضيف اليها 150 مثلا وطبعت في عدن على ورق صقيل. وأقدم شكري الجزيل للاستاذ إبراهيم راسم مؤسس المطابع العربية في عدن علىالمساعدة التي قدمها إلي في إعادة ترتيب مواد الكتاب وقراءته للبروفات بكل عناية، وأخيرا لقيامه بطبع هذا القاموس في مطبعته الخاصة.
يناير 1958م
خان صاحب عبدالله يعقوب خان».
تمهيد الطبعة الأولى
«تقول العرب (المثل في الكلام كالملح في الطعام) وإنه ليصعب عليّ أن أجد بين الامم الاخرى أمة لا تصلح كلامها بذلك الملح، أما في بلاد العرب فإنه لا توجد مدينة ولا قرية صغيرة أو كبيرة إلا ولها أمثال عديدة خاصة بها وعدن غير مستثناة من ذلك ولا بد أن هذا الذي حدا بالرحالة المعروف برخاردت burckhardt إلى جمع أمثال البدو في سنة 1830م.وعدن لا تخلو من مفكرين أفذاذ وإليكم بعض أمثلة تدل على ذكاء أولئك وحكمتهم: (جمل يعصر وجمل يأكل العصار)وإن معنى هاته الجملة يبدو جليا في المثل الانجليزي (واحد يضرب العشب وآخر يمسك الطير) ويستعمل المثل العربي المذكور في الحالات التي يكسب فيها امرؤ على حساب آخر، بيد أنه مما لا مراء فيه أن هذا المثل نشأ في إحدى معاصر السليط في الشيخ عثمان حيث يجد المرء هذا المعنى ممثلا في دوران الجمل حول المعصرة وأكل آخر للعصار أثناء ذلك أو بعده.ثم إن هناك مثلا آخر هو:
(الحجر من الأرض الدم من رأسك) حيث يأتي ذكر الحجرة والرأس، ونشأة هذا المثل تعود إلى ما يعرف عن عدن أنها بلاد بركانية جبلية توجد فيها الأحجار بكثرة عظيمة، وأما التطبيق من هذا المثل فظاهر إذ أنه يستعمل عندما يراد بأن الوصول إلى أمر ما سهل لا يكلف تعبا يذكر، وأن في هذين المثلين دلالة على صدق منشئي الامثال الذين منهم سرفانتس cervantes القائل: إن الامثال جمل قصيرة أخرجتها التجارب.
أو هي كما يقول الألمان: (مثلما تكن البلاد تكن الأمثال) فإن الجمل والعصار والحجر والرأس أشياء عربية بلدية.قد يظن بعض الناس أن الأمثال عظام خاوية، فأقول لهؤلاء إن الامثال جواهر الجماهير وإن علىكل من ينكر ذلك أن يأخذ على نفسه مشقة ملاحظة وتدوين كل الأمثال التي تمر به في يومه مما يقرؤه في الجرائد وما يسمعه عند جلوسه في المقهاية أو بأن يخاطب ذوي الاعمال ولدى السمر في الاندية ووقت الأكل وبعده وفي السوق داخل حانوت العطار أو القصاب أو في كوخ العامل الجلف الجاهل من وقت الإفطار حتى وقت النوم، وإني على يقين من أنه سيدهش جدا من كثرة استعمال الناس للأمثال في كلامهم وأن عرب عدن وخصوصا الأميين منهم يستعملون الامثال بكثرة عظمى وسهولة زائدة وبداهة متناهية وأنه ليصعب حتى على المتعلم فهم مغزى كلامهم أثناء مخاطباتهم.
وعندي أن الأمثال في الكلام كالدهن في العجلة وأن العربي لا يقدر أن يتكلم بدون أن يدهن كلامه بأمثال مناسبة.
يونيو 1933م
عبدالله يعقوب خان العدني».
القاموس الثمين في الأمثال والحكم
إنجليزي -عربي
في هذا المجال استمر المؤرخ عبدالله يعقوب خان في عملية الرصد والمتابعة في هذا الجانب وقدم هذا الكتاب في عام 1945م والصادر عن مطبعة «فتاة الجزيرة» بعدن وقد كتب مقدمة الكتاب الأستاذ محمد علي لقمان قائلا: «ليس من اليسير على باحث أن يجمع أمثالا مفرقة في بطون الكتب ثم يختار منها الأنسب ثم يضع مقابلها من الأمثال الانجليزية ما يوافق معناها ويصور غرضها وقد قام بهذا العمل المفيد الأستاذ عبدالله يعقوب خان في كتابه هذا وله فضل كبير على عدن فقد دون تاريخها وجمع أمثالها وساهم في كتابة جغرافيتها جزاه الله خيرا.
والأمثال تجري على ألسنة الأمم في البادية والحاضرة وكل قطر ومصر، يجد فيها من يتدبرها سلماً لمعرفة آداب الشعوب ومنهلا من مناهل الفطنة وينبوعا من ينابيع الحكمة، فلم يخل القرآن الكريم ولم تخل أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام من الأمثال الرائعة والحكم البليغة في كلام موجز سديد المعنى، حسن التشبيه، قد حوى نهاية البلاغة فاستشهد بها الخطباء والكتاب واستعارها الشعراء والأدباء.
وذكروا أن سليمان عليه السلام كان أول من جمع الأمثال وحرص على ترتيبها وتبويبها، وقد كان سليمان عظيم الاطلال واسع الإدراك حصيف الرأي، عرف الناس وسبر أغوارهم وخالط جماعاتهم وأصغى إلى آمالهم وآلامهم وسمع أقاصيصهم ودرس تاريخهم فكان يردد ما يسمع في لغة عالية سهلة قريبة من القلوب لا ينساها من يسمعها.
وكما أن للعرب ولعا شديدا بالأمثال وترديدها حتى قالوا (إن الأمثال للكلام كالملح للطعام) فإن الهنود أيضا والاسكتلنديين والصينيين والايطاليين والفرنسيين والصومال كل هؤلاء لهم أمثال يرددونها ويستشهدون بها في جدهم وهزلهم.
وفي كلام الحكماء والشعراء والادباء من أقدم أزمنة التاريخ ما ذهب المثل وجرى على الألسن غير أن بعض الأمثال يكتنفها كثير من الغموض ويصعب فهم الغرض منها إن لم يعرف المرء تاريخها ولذلك قام بعض أهل الفضل يشرحون هذه الأمثال ويفسرونها كما فعل أبو الفضل الميداني في كتابه (مجمع الأمثال)، وأنا واثق أن كتاب الأمثال للاستاذ عبدالله يعقوب خان سوف يضيف إلى ثروتنا الأدبية وسوف يشجع قراء الانجليزية وأبناءها على التحسس إلى أفكارنا وفطنتنا وأخلاقنا ومبادئنا الاجتماعية التي لا يمكن أن يصورها شيء كما تصورها أمثالنا، والحق أن المؤرخ والكاتب البصير قد ينبش تاريخ أمة ويضعه أمام اعين الناس ليقرؤوه ولكنه لا يستطيع أن يصور حياة أمه لم يعش السنين الطوال بين ظهرانيها، بينما المثل الذي رددته الاجيال صالح لعرض هذه الصورة بوضوح وجلاء.
محمد علي لقمان
مايو: 1945م - عدن».
هوية الكلمة وانتماء المعنى
هذه الأمثال في جوهرها الاجتماعي هي هوية الكلمة وانتماء للمعنى من خلال المفردة التي تنبني عليها روح العبارة، والمفردة العدنية هنا هي حلقات اتصال بين الفرد والمكان عبر التعايش الزمني الذي ينقل الهدف من فترة إلى اخرى.وتدوين هذه الأمثال من قبل عبدالله يعقوب خان جاء منطلقا من حفظ ينابيع الذاكرة عند الناس في مدينة عدن، لأن الامثال والقصص الشعبية والخرافات والأساطير هي الزاد الثقافي الذي يحدد شخصية المدنية وروح إنسانها، فالمفردة الداخلة في الكلمات لا تنفصل عن المكان الذي أوجدها كحالة تهدف توصيل فكرة أو توضيح رؤية، وكثيرا ما تكون مفردات الأمثال من لغة العامة الذين يتعلمون القول من خلال الارتباط اليومي بهموم الحياة.وفي هذا الكتاب نجد من لغة التعليم الشعبية ما يقدم لنا صورة وأفكارا عن مرحلة من التاريخ الاجتماعي لعدن وحياة أهلها، وتقديم بعض مما كان شائعا بين العامة في لغة التخاطب، وصدور هذا الكتاب عام 1933م مطبوعا يجعل منه ربما أول كتاب في الجزيرة العربية يصدر في هذا المجال، كما يقدم لنا سبق عدن في الجوانب الإبداعية التي جعلت من هذه المدينة جامعة لعدة معارف وعقائد وأجناس وأعمال تشكلت هويتها في إطار الهوية العدنية التي بصماتها المعرفة والاستقرار وخلق لغة تحاور مع الغير والتعامل مع الآخر، ومن هنا تتكون لغة ومعان وتترسخ أفكار ومصائر لا يمكن أن تسقط بتقادم الزمن.
نماذج من الأمثال العدنية
-1 ابو دفن ما بعده إلا اللحد والكفن.
-2 ابن الحرام ما يرقد طارف.
-3أبو زيد معروف بشملته.
-4 الاخوان ضربوا الشور.
-5 إذا غاب الأسد ترندع الدرين.
-6 اذا وقعت يا فصيح لا تصيح.
-7 اذا همّينا العصافير ما ذرينا دخن.
-8 اذا يدك تحت الحجر جرها بالبصر.
-9 اسكب في زير مخزوق.
-10 الاسم كبير والعشا قلية.
-11 اضرب مبارك يزهد سالمين.
-12 الذي لا أم ولا خالة يصبح للناس مثالة.
-13 الذي ما يربّوه أهله يربيه الزمن.
-14 الذي ما يستحي يفعل ما يشتهي.
-15 الذي ما كان للنبي ايش بيكون للصحابة.
-16 الذي ما يفعل منكر ما يذكر.
-17 أنا أمير وأنت أمير ومن يسوق الحمير؟
-18 الذي يضحك على الناس أخس الناس.
-19بيت الاسد ما يخلى من العظام. -20مع الجماعة رحمة. -21 تشقى إلى السلة والسلة مختلة. -22 تغطي عين الشمس بمنخل وتقولي للغريب ادخل. -23 تضحك بسن ابيض وتحتها قلب اسود. -24 جدي يلعب على تيس. -25 الجوع كافر.