إذا كنت ذا رأي

> جلال عبده محسن:

> قال أبو الحسن ابن الهيثم أول عباقرة البشرية في الرياضيات والطبيعة (1039-965م): «كل مذهبين مختلفين إما أن يكون أحدهما صادقاً و الآخر كاذباً، وإما أن يكون كلاهما كاذباً وإما أن يؤدي كلاهما إلى معنى واحد وهو الحقيقة، فإذا تحققت في البحث وأمعنت النظر، ظهر الاتفاق وانتهى الخلاف».

وحين تبدى الآراء في مسألة ما تمهيداً لإصدار قرار بها، قد يظهر هناك رأي لأغلبية ورأي لأقلية، ورأي الأغلبية قد لا يعني أنه الرأي الصحيح بل هو صح بما رأته الأغلبية، يمثل الأمر معه مخرجاً لحسم الإشكال القائم بينهما يستمد شرعية مؤقتة إلى أن تظهر صحته بالنسبة للجميع وذلك من خلال اختباره في التطبيق العلمي ، الأمر الذي يحتم معه الوضع حينها إصدار قرار جديد به فيما إذا كان مخالفاً لرأي الأغلبية.

كما أن للرأي الشخصي وجهين، فالإنسان السوي العاقل وكل صاحب رأي فإنه يبذل جهداً فيه لاستخلاص ما يعتقده صواباً ليدافع به عن قضية معينة وإن صاحبه الخطأ وذلك أمر وارد وبالإمكان تداركه متى ما علم به، ويكفي أن تكون نواياه طيبة ومقاصدة نبيلة ومليئة بالخير تجاه الآخرين كما يرضاه لنفسه.أما الرأي الشيطاني فهو الذي يحمل في طياته أفكاراً شريرة لتضليل الآخرين بها مع علمه بذلك، ووحده صاحب هذا الرأي يستطيع التعرف على ذلك وهو ما يتقنه أهل الرياء والنفاق والعياذ بالله ممن يمارسون خدع الكلام والكذب وقلب الحقائق مستغلين بذلك وعي المواطن البسيط لتحقيق مآربهم الخاصة حتى ولو أدى ذلك إلى الضحك على الذقون وعلى حساب الحقيقة نفسها لاسيما من تلك القضايا المهمة التي تتعلق بقوت المواطن وأمنه واستقراره، إنها حفنة ارتضت لنفسها أن تكون مجرد أبواق على حساب كرامتهم وكانوا إخواناً للشياطين.

بينما اختار صاحب الرأي السوي والنقيض من ذلك الطريق الشائك والصعب لكنه طيق الفضيلة، لذلك فهو كثيراً ما يتعرض للمضايقات ولحملات الإرباكات المختلفة لتوقيفه عند حده، لكنه مع ذلك يبقى متماسكاً حتى مع ضعفه انطلاقاً من قوة الحق الذي يؤمن به وعزيمة رأيه والتي قال عنها الشاعر:

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة/ إن فساد الرأي أن تترددا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى